كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
هنري حلو ليس ميشال عون ولا سليمان فرنجية لكنه مستمرّ بترشيحه الى أن «يفتي» وليد جنبلاط عكس ذلك. و«البيك» لن ينطقها قبل لقاء سيجمعه على الأرجح اليوم مع رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» يبلغه خلاله سير «اللقاء الديموقراطي» بانتخابه رئيساً للجمهورية، ثم تجتمع الكتلة لاحقاً وتصدر بياناً تسرد فيه الأسباب الموجبة للسير بالتسوية، ولو ليس بأصوات «اللقاء» كلها.
فالقرار الجنبلاطي لن يلزم نواب «اللقاء» الستة بالتصويت لعون بل سيترك لهم حرية الاختيار، في حين ان النواب «الاشتراكيين» الخمسة سيلتزمون بقرار المختارة.
سحب ترشيح حلو كان أمراً مسلّماً به، لكن المسألة مسألة توقيت. بالأساس لم يكن ترشيح جنبلاط لحفيد ميشال شيحا من أجل ايصاله الى سدّة الرئاسة الاولى، بقدر ما هو وسيلة للهروب الى الأمام من المرشحين ميشال عون وسمير جعجع.
وهنري حلو هو ابن بيت ماروني عريق لا يرى جنبلاط انه أقلّ شأنا من سائر البيوتات المسيحية التي خرّجت «أسماء» مؤهّلة للجلوس على كرسيّ الرئاسة الاولى، لكن القرار الرئاسي ليس بيده، فكيف بوجود ميشال عون، ومن خلفه «تفاهم معراب»؟
لطالما كرّر زعيم المختارة ان حلو هو رمز للخيار الوسطي الخارج من دائرة الاصطفافات والانقسام، وإذا أراد أن يرفع السقف، كان يلوّح بأن هذا الترشيح «قد يشكّل المخرج الوحيد للخروج من المأزق الرئاسي الراهن».
حتى لحظة استقبال «المرشح الرئاسي» للوفد العوني، الذي تأخّر وصوله الى دارة نائب عاليه بسبب ارتباطات الوزير الياس بو صعب (جلسة مجلس الوزراء)، كان حلو يتصرّف على أساس أنه مرشح جنبلاط لرئاسة الجمهورية.
لذلك، فإن تصريحات النائب انطوان سعد، أمس الأول، والتي جزم فيها بسحب ترشيح حلو قبل الاثنين المقبل، ازعجت زميله، خصوصا ان غداء كان قد جمع حلو وجنبلاط قبل يومين ولم يشر فيه «البيك» لا من قريب ولا من بعيد لفرضية سحب الترشيح أمامه!
أوساط جنبلاطية تؤكّد ان تصريح النائب سعد من عندياته ولم يكن منسّقا مع زعيم المختارة. لكن هذا التوضيح لن يلغي واقع اضطرار جنبلاط، الذي اعلن قبل أشهر عن عدم ممانعته انتخاب عون ثم رفض قبل ايام التسوية الرئاسية «لاننا لسنا قطيع غنم»، الى القبول أخيرا بتجرّع كأس الرئاسة «العونية» على مضض في زمن «الانحدار السياسي والاخلاقي»، كما قال خلال تأبين المقدم شريف فياض في بشتفين في الشوف.
جنبلاط «سيضحّي» بقبوله بالتسوية التي ستوصل «الجنرال» الى قصر بعبدا، وكذلك هنري حلو «سيضحي» بترشيح جعله «مشروع فخامة رئيس» لسنتين ونصف. الاخير لم يوافق يوما العماد عون على تمسّكه بمعيار التمثيل المسيحي في انتخابات الرئاسة «فأين المعيار التمثيلي حين يخلف نجيب ميقاتي سعد الحريري في رئاسة الحكومة ثم يليه تمام سلام؟»، وهو لا يزال مقتنعا «بأن الرئيس التوافقي هو الحلّ»، تماما كجنبلاط، برغم إحناء الأخير رأسه أمام «العاصفة المارونية» التي هبّت من بعد «تفاهم معراب».
حين اتصل بو صعب بالنائب حلو أكّد له الاخير ان الوفد مرحّب به «لكن لن تسمعوا مني اي كلمة حسم لان الامر متروك لاجتماع الكتلة نهاية الاسبوع». برغم ذلك، أكد وزير التربية الحاجة للاجتماع مع نائب عاليه الذي سمع خلال الجلسة عبارات إشادة ومدح به «لاعتداله وانفتاحه ومواقفه الوطنية».
لم يطلب الوفد العوني من حلو سحب ترشيحه لكنه أكد ضرورة «الوقوف على خاطره»، وشرح خريطة طريق المرحلة المقبلة التي تقتضي القيام بتفاهمات أوسع وأشمل حماية للعهد.
وضمّ الوفد الوزير بو صعب والنواب سيمون ابي رميا وزياد اسود وحكمت ديب وناجي غاريوس، ولم يتجاوز اجتماعه مع حلو اكثر من نصف ساعة. بعدها أعلن نائب عاليه ان القرار النهائي سيصدر عن «اللقاء الديموقراطي» نهاية الاسبوع، مؤكدا ان «مصلحة البلد والوطن أهمّ من الاشخاص»، رافضا تأكيد إعلان سحب ترشيحه.
أما بو صعب فجزم، لا شعوريا، المسألة بحديثه عن حلو الذي «كان مرشّحا لموقع الرئاسة» وقال إن حلو «من خلال بيانه الذي أصدره فتح الباب امام التفاهمات التي تحصل»، مؤكدا «اننا سنسهّل تشكيل الحكومة في بداية العهد المقبل الذي لا نريده متعثرا، من هنا حرصنا على الاجماع قدر الإمكان».