كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية: تكمن أهمية زيارة الموفد السعودي وزير الدولة للشؤون الخليجية ثامر السبهان إلى بيروت في النقاط التالية:
1 ـ شخص الموفد السعودي وموقعه في الإدارة السعودية. فهو وزير مكلف بالشؤون الخليجية ولديه خبرة ديبلوماسية وسياسية وأمنية. كان سفير المملكة في العراق وغادر منصبه بناء على طلب الحكومة العراقية التي اتهمته بلعب “دور طائفي وفتنوي”. وبعد عودته إلى بلاده جرت ترقيته إلى مرتبة وزير وكلف ملف الشؤون الخليجية، وهو الملف الأول في السعودية. ويتبع الوزير السبهان في إدارة هذا الملف مباشرة إلى ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ويعد من دائرة المقربين منه وقد عهد إليه أيضا بالملف اللبناني. بهذا المعنى يكون الموفد السعودي موفدا خاصا واستثنائيا، إضافة الى صفته الرسمية والسياسية كـ “وزير سياسي”، وهذا ما يجعل منه المسؤول السعودي الأرفع الذي يأتي إلى لبنان منذ العام 2008 عندما زاره وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل لحضور جلسة انتخاب العماد ميشال سليمان. وهو الشيء نفسه الذي يتوقع انه سيفعله السبهان عندما يحضر جلسة انتخاب العماد عون.
2 ـ توقيت الزيارة عشية جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وطبيعتها السياسية ذات الصلة المباشرة بالاستحقاق الرئاسي وما يليه. هذه ليست زيارة خاطفة وإنما “ماراثونية”، وسيقيم الوزير السعودي أياما في بيروت ويجري لقاءات سياسية تشمل كل القيادات والقوى باستثناء حزب لله.. ومما لا شك فيه أن هذه الزيارة تعطي دفعا إيجابيا لجلسة الانتخاب وتوفر دعما للحريري وتساعده في احتواء وتحجيم المعارضة السنية بدءا من تياره وكتلته، كما أنها توفر غطاء للتسوية الرئاسية الحكومية التي أنتجت معادلة عون الحريري.
3 ـ زيارة الموفد السعودي في هذا الوقت بالذات تضع حدا لكل الضجة المتعلقة بالموقف السعودي من انتخابات رئاسة الجمهورية، والذي اتسم بالغموض والإبهام والالتباس. وكان من الطبيعي أن يكون موضع اجتهاد وتأويل وتفسير. وقد قيل الكثير في هذا المجال: الرياض تركت للحريري أو الاختيار بما يخضع لتوافق اللبنانيين، والسعودية تركت له إدارة الملف وكأنها تضعه أمام اختبار، أو أنها تركت له الحرية على قاعدة “اذهبوا واعملوا ما ترونه مناسبا لمصلحتكم”.. فلم تعطه الضوء الأخضر ولكن لم ترفع في وجهه الإشارة الحمراء.
مع هذه الزيارة يتأكد أن الموقف السعودي الرسمي تحول من الضوء الأصفر الى الأخضر، وأن الحريري عندما اندفع في موقفه لم يفعل ذلك من موقع المجازف بعلاقته مع السعودية وتعريضها للخطر.. وهذا الموقف بدأ يتكون من الصيف الماضي لأسباب وحاجات إقليمية.
والمؤشرات الأولية صدرت عن السفير عسيري قبل مغادرته لبنان عندما أقام عشاء خاصا بدا فيه العماد عون ضيف الشرف، وغاب عنه النائب سليمان فرنجية، وعندما أتبع ذلك بإشادة واضحة بالرئيس سعد الحريري وسياسته الواقعية والمتزنة والموضوعية وتمسكه باتفاق الطائف، إضافة إلى إشارات أخرى دلت إلى رغبة المملكة في فصل الملف الرئاسي عن ملف حزب لله. ومقابل اعتماد سياسة الأبواب المفتوحة والمساعدة على لبننة الاستحقاق، والرغبة في رؤية رئيس جديد لتلافي خطر أكيد، بقيت سياسة الإقفال والمواجهة متبعة مع حزب لله.
4 ـ العودة السعودية إلى لبنان وهي الأولى من نوعها ومستواها منذ ست سنوات بعد توقف فرضه انهيار عملية أو معادلة “سين سين” التي قامت أيام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، تؤشر إلى رغبة القيادة السعودية الجديدة بإعادة لبنان إلى لائحة أولوياتها العربية بعد طول انكفاء وانحسار لمصلحة ملفات أخرى.. وهذه العودة تتم هذه المرة على قاعدة الفصل بين الملف اللبناني وسائر ملفات المنطقة وتحييد لبنان عن الصراع الإقليمي، والتكيف مع واقع لبنان، حيث يسيطر حزب لله على أرضه ويتحكم بقراره، فيما يظلل اتفاق الطائف نظامه السياسي.
الاهتمام السعودي لا يقتصر على رئاسة الجمهورية وإنما يتركز أكثر على رئاسة الحكومة وتعبيد الطريق أمام الحريري ونزع الألغام السياسية منه حتى تعيده إلى نقطة الصفر وما دون. أما خطوات ما بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة فأهمها: تعيين سفير جديد للسعودية في لبنان، وتوجيه دعوة رسمية للرئيس ميشال عون لزيارة المملكة السعودية.
السؤال: لأي دولة ستكون الزيارة الأولى للرئيس عون: السعودية، أم إيران؟! الولايات المتحدة أم روسيا؟!