كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
لا يلغي “التصنيف” الذي اعتمده النائب الان عون للحديث عن أصحاب “الفَضل” في وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، شعور “القوات اللبنانية” التي حلّت في المرتبة الثالثة، وفق الترتيب نفسه، بأنها “أم الصبي” في مشروع تحويل حلم “الجنرال” المؤجّل الى حقيقة!
لا يتصرّف “القواتيون” على أساس أنهم أصحاب جَميل على ميشال عون، لكنهم لا يتجاهلون حقيقة ان مثابرة سمير جعجع في دعم “الجنرال” وليس “مناورات حزب الله”، برأيهم، هي التي قادت سعد الحريري الى تحدي “بيئته”، والذهاب نحو “آخر الخيارات”.
أما الحصاد الفعلي، فمؤشراته قد تظهر قريبا. معراب تتوّج نفسها “صانعة رؤساء”، وستتخلّى قريبا عن زهدها الحكومي بالمطالبة فور انتخاب عون رئيسا بما لا يقلّ عن ثلاث وزارات، والارجح أربع من أصل 12 اذا تألفت الحكومة من 24 مقعدا حكوميا!
في اللقاء الذي جمع جعجع والحريري في “بيت الوسط”، قبل أسبوع، كان “الحكيم” مزهوا بإنجازَين: الاول، حصد نتائج السحور الرمضاني الذي جمعه برئيس “المستقبل” في نهاية حزيران الماضي، والذي بدا يومها بمثابة خطوة عملية نحو إنهاء “مسلسل” الخلاف بينهما بعد ترشيح الحريري لسليمان فرنجية ورد جعجع بترشيح عون للرئاسة.
ومن نتائج تلك “الجَمعة” الرمضانية كسب ملحم رياشي مئة دولار أميركي من غطاس خوري هي قيمة “الشرط” الذي ربحه الاول لاقتناعه بأن فرنجية، بعد تبني الحريري ترشيحه، لن ينزل الى مجلس النواب، فيما رأي خوري كان معاكسا!
عمليا، اعطت جلسة السحور المؤشّر الاكثر جدية من الحريري لجعجع، بإمكان انتقاله من ضفة “صديقه” فرنجية الى ضفة خيار عون “غير الشعبي”.
الانجاز الثاني “تتويج” جعجع مسعاه شخصيا لدى رئيس “تيار المستقبل” بإقناع الاخير بفوائد وضع حدّ للاستنزاف الرئاسي، كمكسب “آذاري” قبل اي شيء آخر، وإن كلّفه الامر إحداث صدمة “ثانية” لدى جمهوره.
بعد جلسة المجاملات بين الرجلين، بحضور غطاس خوري وملحم رياشي وهاني حمود، خرج جعجع للإشادة أمام الاعلاميين بشجاعة الحريري “الذي لم يتراجع”.
قام جعجع بالواجب لجهة “إيفاء سعد حقه”، ثم دخل مجددا ليتناول طعام العشاء الى طاولة رئيس الحكومة العتيد حيث استمرت “السهرة” الى ما بعد منتصف الليل.
في الجلسة نفسها، وضع الحاضرون “بوانتاجا” رئاسيا أظهر حصول عون في الدورة الاولى 82 صوتا بالحد الأقصى، مع تأكيد الحريري ان “الممانعين” في فريقه “لن يتجاوزوا الاربعة نواب والبقية ستلتزم بقراري”. شهدت الجلسة ايضا “بوانتاجا” لما يمكن ان يأخذه الحريري من أصوات، حيث بقي التشكيك قائما بإعطاء “حزب الله” أصواته للحريري.
المفاوضات على خط “القوات” – “بيت الوسط” السابقة لمفاوضات “التيار الحر” – “المستقبل” على خط تزكية خيار عون لدى الحريري، بدأت عمليا قبل رمضان الماضي واستدعت لقاءات متكرّرة بين غطاس خوري وملحم رياشي في منزل الاخير في الاشرفية، مع العلم ان الاخير شكّل “دينامو” ضبط العلاقة بين جعجع والحريري بعد ترشيح الاخير لفرنجية من خلال تواصله الدائم مع نادر الحريري.
وقد حاول جعجع خلال تلك المفاوضات إقناع الحريري بأن هذا الترشيح “هو أحد أوجه حماية محور “س س” (سمير- سعد) النواة الاساسية لمشروع 14 آذار الكبير وقيام الدولة”، وهذا فعلا ما ترجمه جعجع حرفيا بعد لقاء بيت الوسط بقوله: “يجب الا تغشّكم المظاهر، فكل ما يهمّنا هو مشروع 14 آذار”.
وكان الحريري قد سمع بعد لقائه جعجع في معراب، خلال جولة الاول على القيادات السياسية، تشجيعا من رئيس “القوات” على المضيّ بقرار الترشيح “وعدم التردّد”، من دون ان يتطرّق الحديث الى “جهاد” ما بعد الانتخابات الرئاسية خصوصا لناحية الحصص الحكومية.
كل ما سبق يسمح بالجزم بأن “القوات” كانت الطرف الثالث غير المرئي في نقاشات جبران باسيل ونادر الحريري، حيث كانت معراب على اطلاع مباشر على تبلورها ضمن إطار تفاهمات بدأت بالعموميات ثم جنحت نحو التفاصيل.
اما لجهة الحصص المفترضة لـ “القوات”، فالمعلومات تفيد بأن معراب لن تخوض حربا لنيل حقيبة سيادية لكنها بالتأكيد ستسعى لنيل 3 وزارات على الأقل بينها حقيبة خدماتية، مع تسليم “القوات” بأن القوى المسيحية التي ستصوّت ضد عون وتمنح صوتها في الوقت نفسه اثناء مشاورات التكليف للحريري، لا يحق لها فرض حصة على أحد لأن “الحصص المسيحية” سيعود أمر بتّها لـ “أولياء العهد”.
و “القوات” التي ستعتمد فصل النيابة عن الوزارة، يبدو ان “التيار الحر” سيلحقها على “الدعسة” باعتماد المبدأ نفسه، ما سيعفي عون من طموحات بعض النواب بـ “التوزير”!
وتصف أوساط قواتية علاقة معراب مع عين التينة بـ “الممتازة”، فيما “لينكها” العلني الوحيد هو النائب جورج عدوان. لكن ماذا عن زيارة محتملة لجعجع للرئيس نبيه بري؟ تقول الاوساط: “فكرة اللقاء قائمة دائما… لكن المسألة فقط مسألة توقيت”.