كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
لم يمر كلام النائب سليمان فرنجية في برنامج “كلام الناس” والذي قال فيه إن الرئيس سعد الحريري يتجه في حكومته المقبلة الى تبني البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، واعتماد مبدأ “النأي بالنفس” حيال الأزمة السورية، مرور الكرام، خصوصا أن زعيم “المردة” أوضح أيضا أنه كان توافق مع الحريري على هذين الأمرين قبل ترشيحه للرئاسة منذ سنة تقريبا.
ولا يزال الكثيرون، وخصوصا أبناء طرابلس، يتذكرون الأوصاف التي أطلقها الحريري على حكومة “قولنا والعمل” (ميقاتي)، بدءا بـ”حكومة حزب الله وبشار الأسد”، مرورا بـ “حكومة إلغاء المحكمة الدولية” وصولا الى “حكومة اللعي بالنفس” في إشارة تهكمية على شعار “النأي بالنفس” الذي رفعه ميقاتي في العام 2011.
الكثير من أبناء طرابلس هالهم ما نسب للحريري الذي كان شنّ حربا شعواء على مدى ثلاث سنوات ضد حكومة ميقاتي، بحجج وعناوين، قبل أن يكتشفوا أن “زعيم المستقبل” قرر الانقلاب على نفسه قبل أن ينقلب على شارعه، وبالتالي فان طرابلس دفعت أثمانا باهظة من أمنها واستقرارها وصورتها بسبب شعارات حريرية سرعان ما تم شطبها لمصلحة خيارات الحريرية السياسية الجديدة، ما يؤكد أن كل ما شهدته طرابلس خلال تولي ميقاتي رئاسة الحكومة لم يكن من أجل ثوابت ومبادئ ومصلحة الطائفة كما ادعى “المستقبليون” آنذاك، وإنما كان فقط من أجل العودة الى الحكم وفق قاعدة: “قوم لأقعد محلك”.
إذا كان ميقاتي قد شكل حكومة “حزب الله”، ولم يكن الأخير قد دخل بعد الى سوريا، حكومة مَن، سيشكل سعد الحريري في العهد الجديد وهو الذي يحتاج الى موافقة حزب الله من أجل تكليفه؟ وكيف سيتصرف في حال زار عون سوريا والتقى الرئيس بشار الأسد؟ وكيف سيعتمد “زعيم المستقبل” مبدأ النأي بالنفس وهو الذي لم يترك سهما إلا وصوبه الى هذا الشعار وأصحابه؟، وهل سيعتذر الحريري من ميقاتي كما من أهل طرابلس، المدينة التي عانت الأمرين أمنيا واقتصاديا؟
ثم كيف سيتعامل الحريري مع الحرب التي يخوضها حزب الله في سوريا؟ وكيف سيواجه شارعه في ظل احتدام المواجهات هناك؟ وماذا سيقدم الحريري الى قوى 14 آذار أكثر مما قدمه ميقاتي الذي نجح في تمويل المحكمة الدولية لسنتين متتاليتين؟ وهل ستستطيع حكومته تمويل المحكمة مجددا؟
يقول قيادي طرابلسي إن ما اتفق عليه جبران باسيل ونادر الحريري خلال اللقاءات الثنائية، وما اتفق عليه قبل ذلك سعد الحريري وسليمان فرنجية، قد أعطى نجيب ميقاتي براءة ذمة مطلقة، وبالتالي فإنه لم يعد للحريري ما يسجله من نقاط على إبن طرابلس، بل إن اتجاه الحريري لتبني طروحات حكومة ميقاتي (2011) جعلهما متعادلَين في النقاط، مع أفضلية لميقاتي الذي يتناغم بموقفه المعارِض لانتخاب عون للرئاسة مع توجهات الشارع السني في لبنان.
ويضيف أنه في حال تم انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتمت تسمية زعيم المستقبل رئيسا للحكومة الجديدة، “فان ميقاتي هو الذي سيبدأ بتسجيل النقاط السلبية على الحريري، وصولا الى محاسبته على المستوى السني، خصوصا أن ميقاتي مرشح لأن يكون أحد أبرز وجوه “الكتلة المعارِضة” التي يلوح في الأفق بوادر تشكيلها ضد العهد الجديد رئاسة وحكومة”.