كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:
العماد ميشال عون صار رئيساً. احتساب الأرقام لم يعد يفيد. 80 أو 90 أو أكثر أو أقل، هي أرقام لن تغير شيئاً في ما قد كتب.
بعد اليوم، يصبح الانتخاب من الماضي. ما الذي يلي؟
الدستور ينص على أن يشرع رئيس الجمهورية بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية رئيس الحكومة، بحسب المادة 53 من الدستور. وبحسب المعلومات، فإن الدعوات إلى الاستشارات النيابية لن تتأخر عن يوم غد أو بعد غد. وعلى الأثر، سيوقع رئيس الجمهورية منفرداً مرسوم تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة اللبنانية، الذي يقوم بدوره باستشارات نيابية، تسبق تشكيله الحكومة.
كم ستأخذ هذه العملية من الوقت؟
دستورياً، لا مهلة تقيّد رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة. وبعيداً من هذه الثغرة، التي يُعاد التذكير بها مع كل حكومة جديدة، فإن المهلة السياسية تبدو هي الأهم.
هل ما تزال «نبوءة» الرئيس نبيه بري عن إمكانية الوصول إلى موعد الانتخابات من دون تشكيل الحكومة صالحة؟
حتى الآن لم يتغير شيء في المواقف المعلنة من ترشيح عون للرئاسة. ومن يعارضه، ما يزال يثق بأنه قادر على حرمان العهد من الانطلاقة التي يتمناها.
لكن ذلك ليس نهائياً.
كثر يثقون بأن الإشارات الإيجابية التي يقدمها بري، منذ تأكيده أنه لن يقاطع الجلسة الانتخابية، إلى إعلانه في الجلسة التشريعية الأخيرة بدء تحضير خطاب التهنئة، وصولاً إلى خروج النائب سليمان فرنجية من عين التينة ليعلن انسحابه لمصلحة موقف الورقة البيضاء من ثم تأييد عون من قبل «القومي» و «البعث» وطلال إرسلان، ستنعكس على موقفه في تشكيل الحكومة.
وإلى ذلك الحين، فإن الجميع يجهد في تقديم فروض «الطاعة» لعين التينة، مبدين حرصهم التامّ على موقع رئيس المجلس في أي معادلة في الحكم، ساعين إلى تغطية «خطأ» تغييبه عن «الاتفاق الثنائي».
في المقلب «الثنائي»، صار الجميع متيقناً من الثمن الذي يجب دفعه. وزارات دسمة ستكون من نصيب «كتلة التنمية والتحرير». وحتى لو سار بري سريعاً في التسوية، فإن ذلك لن يعني فرش السجاد الأحمر على باب السرايا الحكومية.
بدءاً من اليوم سيكون لبنان أمام اختبار جديد.
هل سيقفل الاشتباك الداخلي مع حكومة الوحدة الوطنية التي أعلن الحريري أنه سيشكلها؟
يمكن إحالة الإجابة على هذا السؤال إلى المعطيات التي رافقت انتخاب رئيس الجمهورية. حجم التناقضات التي تحكم مؤيديه، مرفقة بعدم حماسة معظمهم إلى خيار ميشال عون، توحي بأن العامل الخارجي كان له وقعه وتأثيره الأول، ربما، بغض النظر عما يقوله أصحاب نظرية «صنع في لبنان».
وهذا العامل، لا شك سيؤدي دوره في تشكيل الحكومة. يقول مصدر قيادي عوني إنّ العامل الخارجي الذي كان يضغط لملء الفراغ الرئاسي كان مهجوساً بقلق من الفراغ الحكومي الذي قد ينتج بعد إجراء الانتخابات. فلو حصلت الانتخابات بدون انتخاب الرئيس، لكان الفراغ سيشمل السلطة الإجرائية بجناحيها (رئاسة الجمهورية والحكومة)، مع ما يعنيه ذلك من تهديد للبنان الدولة والأمن، وهو خط أحمر غربي مرتبط أولاً بملف النازحين السوريين.
ووفق المعيار نفسه، يرى المصدر أنه إذا ربطت الملفات بعضها ببعض، يمكن القول إن الحرص على المؤسسات ترجم أولاً بمنع حكومة الرئيس تمام سلام من الاستقالة، من ثم بانتخاب الرئيس، لكن يبقى ناقصاً إذا تم الاكتفاء بانتخاب الرئيس والإبقاء على حكومة تصريف الأعمال. وهذا يعني بالتالي، أنّ تشكيل الحكومة في فترة معقولة سيكون خياراً لا مفر منه.
وأبرز الإشارات لذلك، صدرت على لسان الحريري نفسه، الذي أعلن أنه أنجز مسوّدة البيان الوزاري. وهو بيان لن يكون بحاجة إلى مهلة الشهر التي ينص عليها الدستور، بعدما استعان بقاموس الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، لا سيما في ما يتعلق بالنأي بالنفس والمقاومة.