IMLebanon

فعلها.. عون “المجنون”

michel-aoun-new

 

 

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

فعلها «المجنون». اليوم سيدخل قصر بعبدا رئيساً للجمهورية. غصباً عن الداخل او الخارج أو بإراداتهما؟ لا يهمّ، لكنه فعلها. الليلة سينام على وسادة سرير الجناح الرئاسي ويستفيق «صاحب فخامة» لجمهورية لم يعد فيها شيئا من الفخامة!

غيّر القدر رأيه بكل بساطة، فقاد الطامحين والممانعين نحو جلسة رئاسية تاريخية بمعسكرين: «جماعة اليوم الابيض» بأوراق تحمل اسم ميشال عون… و»اليوم الاسود» بأوراق بيضاء.

ابن حارة حريك «المجنون»، كما يقول عن نفسه حين كان يخيّر بين اليأس والجنون، صنع «دوحته» بنفسه وفرضها على الآخرين «قلت لكم.. لن تستطيعوا ان تحكموا من دوني»!

لا يشعر العونيون ان «جنرالهم» تقدّم فعلا بالسن، ولا هو أوحى أو يوحي لهم بذلك. لن يكبر ويشيخ أقلّه قبل أن يستريح على الكرسيّ ويشمّر عن زنديه و»يبلّ يديه» بدولة يعتقد أنه تأخّر 26 عاما، عن الوصول إلى رأسها تمهيدا «لانقاذها».

وفي عزّ انهماكاته الرئاسية، لن ينسى عون التفاصيل. وضّب عشق الارض بين حقائبه أيضا. حديقة الرابية المتواضعة ستنتقل الى القصر. سيسرح في مدى أخضر أكبر ويداه ستقطف محصولا أكبر من غلّة الفيلا المتواضعة. رهانه الاكبر على محصول لبناني رئاسي لا يحيله مجرد «رقم» مغضوب عليه في تسلسل رؤساء جمهورية ما بعد الطائف…

محبّو عون سيفهمون اليوم فقط سبب ضياعهم في الماضي بين «شاقوفين»: نحن نحبّ سمير جعجع او نكرهه. نحن مع السعودية ام ضدها. مع سعد رئيسا للحكومة او ضد عودته للسرايا. نراهن على «أخلاقية» السيد حسن نصرالله او نحكم على ما نسمعه… في كثير من المحطات قصّر «جنرالهم» في توضيح ما يدور فعلا في رأسه. «سيفهمون يوما عليّ» عبارة ردّدها دوما حامل مفتاح القصر منذ خروج ميشال سليمان منه.

لم تكف احلام الخصوم بتصوير عون وكأنه على حافة توديع السياسة كيّ تصحّ تنبؤاتهم. بين حياة العسكر و»المدني» تغيّرت الظروف والاحداث واللاعبون.

ما لم يتغيّر هو ارتياح «الجنرال» لخياراته. منذ دخوله المدرسة الحربية مرورا بكل معاركه الوجودية وصولا الى تنصيب نفسه مدافعا اول عن الحقوق المسيحية ثم «الجامع لكل اللبنانيين». وعلى أساس هذه الصفة، قرر أن يحكم. هو الرئيس الوفاقي وليس التوافقي كما ردّد دوما. الاول يَجمع. الثاني «يُتوافق عليه ويسهل السيطرة عليه»!

قال عون للمسيحيين يوما، حتّى قبل أن يقرّر جعجع السير عكس التاريخ، «لن تبكوا بعد اليوم على موقع الرئاسة». واليوم يتوقع ان لا يبكي اي مسيحي بعد وصوله الى «القصر» إلا فرحا.

من استمع الى احاديثه في الجلسات المغلقة في ايام مرحلة الرابية الاخيرة شعر بأن عون سينزل بنفسه الى شركات الكهرباء والمياه ومنابع التنفيعات والوزارات والمؤسسات والصناديق السوداء «لاجتثاث الفساد وأهله» من الجذور… «سيربّي الجميع» ويفرض إصلاح الاعوجاج الدستوري ليس بنيّة تصفية الحسابات، بل لأن الوقت حان لـ «بناء الدولة» مع شركاء مفترضين وصفهم قبل عام تماما بـ «العصابة الحاكمة»، مهددا إياهم «بأن ابواب الجحيم لن تقوى عليّ». سيكون الرجل مستعدا لقلب الطاولة من اجل اسم او مرشح مغمور أو من أجل جبران باسيل. حين تتعلّق اللعبة بأرقام تكرّس هالة الزعامة و «عدّة شغلها».. لا يتهاون عون حتى مع اهل البيت.

لن يختلف الامر على الارجح مع حكومة الحريري الراجع الى السرايا، ومع نبيه بري المنتظر على الكوع، وحتى مع مطالب حليفه جعجع.

الفارق فقط ان «الرئيس» لن يكون في الواجهة لأنه لـ«الكلّ» و «أب الجمهورية». هكذا يفترض ميشال عون نفسه. لم يسمح بالمسّ بالحقوق حين كان يترأس اجتماعات «تكتل الرابية»، بخلطته الـ «ضيعوية»، فكيف له أن لا يستشرس حين يصبح رأس الدولة حتى ظل ترويج محيط «الرئيس» العتيد لعبارات مثل «سنسهّل ولن نعرقل»!

رأيه معروف بحصة ميشال سليمان الوسطية في الحكومات: «حضور رئيس الجمهورية ليس ضرورياً عندما يجتمع مجلس الوزراء. ولماذا نعطي سليمان كتلة مرجحة؟ لا حقوق وزارية لرئيس الجمهورية». سأل عون يوما «اين النص الدستوري الذي يعطيه هذا الحق؟ وإذا كان هناك من مطالبة بذلك، نحن سنوقّع تعديلاً للدستور لاعطاء رئيس الجمهورية نسبة مئوية من الوزراء».

بقي «الجنرال» على رأيه مع تأليف حكومة تمام سلام. لكن «فخامته» لن يفتّش اليوم عن نصّ دستوري يشرّع ما سيطالب به في حكومات ومجالس العهد الجديد.

لن يفوت عون جلسة واحدة من جلسات مجلس الوزراء في القصر. سيطالب بحصة وزارية وازنة تعكس حجم «عضلاته» مسيحيا. أنا أقرر من يكون قائد الجيش وكبار الضباط المسيحيين، ومصير حاكمية مصرف لبنان يبتّ على طاولتي. المسألة مسألة أحجام. لا نقاش في الموضوع. «انا الرئيس المسيحي القوي» يردد «الجنرال».