كتب طوني رزق في صحيفة “الجمهورية”:
أخذ مصرف لبنان المبادرة بسرعة فائقة لإغلاق ملف بعض العمليات المصرفية التي كان من شأنها الضغط على الليرة اللبنانية، فقطع الطريق على اللاعبين بالمياه العكرة وأفسح في المجال مجدداً امام البلاد للإفادة من الجرعة الإيجابية التي يوفرها إنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية اليوم الاثنين.
طالما وَفّر القطاع المصرفي أدوات النجاة للاقتصاد اللبناني وبالتالي للاستقرار الاجتماعي وبالتالي ايضاً لنوع من الاستمرار السياسي رغم المطبّات والتجاذبات ودرجات التوتر المتفاوتة.
امّا اليوم فيبدو انّ الساحة السياسية هي التي تقدم للاقتصاد، ومن خلاله للقطاع المصرفي اللبناني، دعما إيجابيا لافتا وذلك من خلال إنجاز الانتخابات الرئاسية كما هو متوقع على نطاق واسع لا رجوع عنه.
كما انّ التحويلات المالية الى لبنان سوف تسجل ارتفاعا ملحوظا كون ملء الفراغ السياسي يزيد منسوب الثقة بمستقبل البلاد والعباد ويشجّع المترددين على تحويل أموالهم الى القطاع المصرفي اللبناني.
ولا يقتصر ذلك فقط على الانتشار اللبناني في العالم بل وايضاً الى المتموّلين في الدول العربية والخليجية وخصوصاً مع المباركة العربية لإنجاز الملف الرئاسي والتي تَجلّت بالوفد السعودي الخليجي الذي جاءت زيارته لمختلف الاطياف اللبنانية لتواكب الانتخابات الرئاسية.
ويبشّر ذلك برفع المقاطعة العربية – الخليجية للسياحة في الربوع اللبنانية ولتجاوز الكثير من الحساسيات التي حالت دون إفادة لبنان من أكبر مصدر للسياحة والاقتصاد.
وبناء على ما سبق فإنّ انتخاب رئيس الجمهورية اليوم يمكن اعتباره نقطة تحول إقتصادية – مصرفية وسياحية ومالية واجتماعية في لبنان اذ يضاف كل ذلك الى نجاح اللبنانيين في إرساء قدر كبير من الامن والامان في البلاد وسط محيط متفجّر على مختلف المستويات.
وكانت الاوساط الاقتصادية في مختلف قطاعات الاقتصاد بدأت برصد تحولات إيجابية للإفادة من المرحلة الجديدة، كما واكبت اسواق المال والاسهم هذه الايجابيات ولم يكن صعود اسهم سوليدير بنحو 30 % سوى مثال محدد على مدى التداعيات الايجابية المسجّلة في اوساط المستثمرين والمفتوحة على المزيد من المبادرات التي سوف تشهد ذروتها مع إتمام عمليتي التكليف والتأليف للحكومة العتيدة الاولى في العهد الجديد.
ويتوقع أن تواكب المراجع الدولية الايجابيات المستجدة في الملف اللبناني إذ لن تتوانى هذه الجهات، وخصوصاً منها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما، على تحفيز لبنان واللبنانيين على القيام بالاصلاحات الاقتصادية والادارية الضرورية لإطلاق عجلة الادارة والعجلة الاقتصادية لتوفير القدر اللازم من النمو الاقتصادي.
وسوف يكون ملف النفط على رأس الاولويات مع تَيقّن اللبنانيين الحاجة الماسة للإفادة من هذه الثروة اللبنانية التي من شأنها إنقاذ لبنان ماليا واقتصاديا وتحسين وضع اللبنانيين ومعيشتهم.
وسوف يكون لوكالات التصنيف الدولي خطوات إيجابية على مستوى ملاحظة نجاح اللبنانيين في إعادة الحياة السياسية والرسمية الى قواعدها وتأثير ذلك على درجات التصنيف. كما سوف تواكب المعالجات الضرورية للملفات الاقتصادية والمالية في البلاد ممّا سوف يشجّع الاستثمار الدولي في لبنان.
وكان مصرف لبنان قد تلقّف لجوء بعض المصارف في لبنان الى تحويل القروض من الدولار الى الليرة اللبنانية بمبادرة سريعة للتشاور في هذا الموضوع ووَضع حدّ لهذه التحويلات التي اذا ما تكثّفت وَلّدت ضغوطاً على وضع العملة الوطنية. فاستبق في ذلك ايّ تداعيات سلبية حاول البعض توظيفها في خلق أجواء من البلبلة النقدية والمصرفية.