كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:
يمثل تشكيل الحكومة الجديدة٬ أول التحديات التي تواجه حقبة رئيس الجمهورية المنتخب أمس ميشال عون٬ وأول الاختبارات لجدية التفاهمات التي سبقت انتخابه٬ وأفضت إلى إيصاله إلى الرئاسة٬ بالنظر إلى أن التفاهمات “تناولت فكرة تأليف حكومة وحدة وطنية تتسع لجميع الأطراف”٬ من غير البحث بتفاصيلها٬ رغم أن التفاهمات عينها٬ أفضت إلى تسمية رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري رئيسا للحكومة الجديدة.
ودخلت حكومة الرئيس تمام سلام٬ أمس٬ حالة تصريف الأعمال بعد انتخاب رئيس للجمهورية٬ بحكم القانون اللبناني. وعطفا على أحكام البند (1 (من المادة (69 (من الدستور٬ المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة٬ ونظرا لبدء ولاية رئيس الجمهورية٬ أعرب عون أمس عن شكره لرئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة٬ وطلب من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة.
وتنطلق التحديات التي تواجه عهد عون في المرحلة المقبلة٬ من كون المباحثات التي سبقت انتخابه٬ وتوصلت إلى تسميته للرئاسة٬ لم تحظ باتفاق كل الفرقاء اللبنانيين على المرحلة المقبلة. وكان رئيس البرلمان نبيه بري٬ من أبرز الداعمين للتوصل إلى تفاهمات تشمل تأليف الحكومة والاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في أيار ٬2017 في ما عرف حينها بـ”سلة التفاهمات”.
وفيما لا يتوقع المتابعون أن يأخذ تشكيل الحكومة الجديدة وقتا طويلا٬ على غرار حكومة الرئيس تمام سلام التي استغرق تأليفها نحو 8 أشهر٬ يبدأ عون ولايته الرئاسية٬ خلال اليومين المقبلين بدعوة نواب البرلمان إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة٬ يليها تكليف رئيس الحكومة الجديد بالتشاور مع رؤساء الحكومة السابقين والكتل السياسية بتشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت مصادر التيار الوطني الحر٬ لـ”الشرق الأوسط”: “إننا أمام نهج جديد بالحكم٬ والجنرال لن يترك الأمور تأخذ وقتا طويلا”٬ مشيرا إلى أن عون “سيعين خلال اليومين المقبلين موعدا للاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة٬ والمفروض أن تشكيل الحكومة لن يأخذ وقتا طويلا”٬ مشددا على أن “الوقت الآن للعمل٬ ولسنا بحاجة لشد حبال”.
ونفى المصدر أن تكون هناك اتفاقات تفصيلية سبقت الانتخابات على حصص الأطراف السياسية في الحكومة المقبلة٬ مشيرا إلى أن التفاهمات “طرحت فكرة حكومة وحدة وطنية تتسع لجميع الأطراف”. ولفت إلى أن “الاحتمالات عديدة الآن٬ ولم تظهر صورة الحكومة المقبلة بعد٬ ولا وجود لتصور واضح الآن قبل معرفة مواقف الأطراف السياسية من المشاركة في الحكومة”٬ في إشارة إلى موقف رئيس البرلمان نبيه بري من المشاركة٬ بعدما كان قد أعلن قبل أسبوعين أنه سيكون في موقع المعارضة. وقال المصدر: “أعتقد أن الأجواء الحالية تشير إلى إجماع وطني بما يتخطى المعارضات”.
وعلى الرغم من أن بري لم يكن جزءا أساسيا من التفاهمات التي أفضت إلى وصول عون للرئاسة٬ فإن طي صفحة الانتخابات الرئاسية٬ ستفتح صفحة مباحثات جديدة مع سائر الأطراف٬ بينها بري٬ للتوصل إلى تفاهم على الحكومة٬ وإمكانية مشاركة بري بها.
وقال عضو كتلة التنمية والتحرير٬ التي يرأسها بري٬ ميشال موسى٬ إن رئيس البرلمان “ينتظر التصور المطروح عن طريقة تشكيل الحكومة ليبني على الشيء مقتضاه”٬ مؤكدا أن موقفه “سيتوقف على الطرح الذي سُيطرح”. وشدد موسى٬ في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” على أن “اليد ممدودة من أجل المساهمة بكل ما يعيد الحياة السياسية في لبنان إلى وضعية سليمة”.
وينفي موسى التوقعات بأن تكون هناك عراقيل بوجه تشكيل حكومة الحريري٬ قائلا: “اليوم لا تقديرات بوجود عراقيل ستوضع بوجه تشكيل الحكومة”٬ مشددا على أن الرئيس بري “سيدرس السبل التي تساهم بتحقيق الهدف بتأليف حكومة جديدة”.
وعن الصعوبات التي عادة ما ترافق تأليف الحكومات في لبنان٬ قال موسى: “عند تشكيل كل الحكومات ثمة مباحثات ومناقشات تبدأ من شكل الحكومة وعدد وزرائها وصولا إلى توزيع الحقائب٬ وكان ذلك على الدوام إشكالية سياسية مشروعة”٬ لكنه شدد على أنه “بتقديري٬ لن يضع أحد العراقيل في وجه تشكيل الحكومة”. ورافق انتخاب عون٬ جو إيجابي حول تأليف الحكومة٬ إذ أعلن رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة إثر مغادرته مجلس النواب أنه “أصبح لدينا رئيس للجمهورية ونحن سنتعاون معه”.