Site icon IMLebanon

السفير البرازيلي: تامر سيزور لبنان

george-jeraldo

 

 

كتبت مي صايغ في صحيفة “الجمهورية”:

حُبّ اللبنانيين العميق للبرازيل يجعل مهمة السفير البرازيلي في لبنان جورج جيرالدو قادري ممتعة للغاية، ولمجرّد معرفتهم انّه ابن زحلة، حتى يفتحوا أذرعتهم وقلوبهم له، لدرجة أنّه يشعر بنفسه «أميراً» في وطن الأباء والأجداد. فاللبنانيون أو مَن هم من جذور لبنانية في البرازيل يقارب عددهم 8 مليون نسمة، ولذلك ليس مستغرباً أن تكون سفارة البرازيل في لبنان الأكبر في الشرق الأوسط، وكون رئيس بلاد السامبا الحالي لبنانياً، فحُكماً إنّ الفترة المقبلة ستشهد تبادلاً للزيارات بين الرئيسين البرازيلي ميشال تامر ونظيره اللبناني ميشال عون، الذي يرتاح قادري لخيار إنتخابه، ولا سيما بعد سماعه خطاب القسم.يُبدي السفير البرازيلي سعادته بانتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ويرى في ذلك «فرصة رائعة للشعب اللبناني والسياسيين، الذين برهنوا على اهتمامهم باستقرار وسلام لبنان، وأظهروا براغماتية ووطنية، بعد تمكّنهم من حل خلافاتهم».

ويقول قادري في مقابلة مع «الجمهورية» في مقرّ السفارة البرازيلية في بيروت: «الانتخابات الرئاسية بداية عملية لإستقرار لبنان وإعادة إنعاش الإقتصاد، ولا يمكن توقع الإجماع في بلد مثل لبنان، ولكل عملية سياسية تحديات، لكنني مرتاح لخيار عون الذي يبدو منفتحاً على الجميع، ومراعياً لهم كما بدا في خطاب القسم».

ويُشدّد على أنّ «الانتخاب هو البداية وليس النهاية، سيما أنّ لبنان على موعد مع تحديات، سواء لجهة تكليف رئيس حكومة جديد، ووضع البيان الوزاري، وتحديد الإصلاحات التي يحتاجها لبنان لتقوية مؤسساته الدستورية».

ويُذكّر قادري بأنّ الرئيس البرازيلي اللبناني الأصل ميشال تامر هنّأ عون ودعاه الى زيارة البرازيل، وأنّ تامر نفسه

يتمنى زيارة لبنان، التي يُتوقع أن تكون بين كانون الثاني 2017 وحزيران 2018 .

وفي انتظار الزيارات الرئاسية المتبادلة، يحلّ وزير الدفاع البرازيلي راوول جنغمان بينتو ضيفاً على لبنان، الذي وصله مساء أمس، على ان يغادره ظهر الجمعة.

ضيفٌ، البعد الأول من زيارته حسب قادري تعزيز العلاقات الثنائية في المجال الدفاعي بين لبنان والبرازيل، وتمهيد الطريق أمام

توقيع اتفاق أو تفاهم دفاعي في أقرب وقت بين البلدين، يوفرّ التبادل التكنولوجي وآليات للتعاون في المجال العسكري، حسبما يوضح قادري.

ومن المقرر أن يلتقي جنغمان بينتو نظيره اللبناني سمير مقبل ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام، وقائد الجيش الجنرال جان قهوجي.

في البعد العسكري، يريد جنغمان بينتو زيارة قوات اليونيفيل والإطلاع على ما يجري على الأرض والحصول على المعلومات من الميدان من القادة العسكريين، ولمشاركة جنود بلاده في الذكرى الخامسة لقيادة البرازيل لقوة اليونيفيل البحرية.

ويقول قادري: «سنحتفل غداً أي (اليوم) في القاعدة البحرية، وسيكون هناك احتفال آخر في الناقورة في 3 الجاري. وستكون فرصة للإطلاع على كيفية عمل رجالنا لحماية الشواطئ اللبنانية».

طائرات «سوبر توكانو»

كذلك، لن تغيب عن النقاش مسألة طائرات «سوبر توكانو» البرازيلية الصنع، والمقرر أن يتسلّمها الجيش اللبناني ضمن إطار الهبة السعودية، التي لم يطاولها التجميد، كون أموالها سبق ودفعت الى الشركة الأميركية العسكرية التي تصنّع إنتاجها في البرازيل.

ويتطلّع السفير البرازيلي الى زيادة التعاون بين البلدين في مجال الدفاع، ويقول: «تجارتنا تزداد، وسوف نسلّم الجيش اللبناني

6 طائرات «سوبر توكانو» المنتجة في البرازيل خلال عام 2017، وهي عبارة عن طيارات تدريب متطورة تمكّن الجيش من القيام بدوريات مراقبة. كذلك سنبيع 16 عربة مدرعة من خلال شركة افيكو الإيطالية».

ويُذكّر قادري بأنّ البرازيل دعيت لتكون عضواً مراقباً في اللجنة التنفيذية العسكرية، ضمن مجموعة الدعم الدولية للبنان في الأمم المتحدة.

توازياً، ينوّه قادري بقدرات اللبنانيين أو الذين هم من أصل لبناني في البرازيل، حيث ينتشرون في كل البلاد. ويقول: «الجالية اللبنانية ليست عادية، مجتمع كفوء ومساهمته فاعلة. رئيس الجمهورية من أصل لبناني، ويشكّلون 15 في المئة من الطبقة السياسية».

أمّا في لبنان، فهناك نحو 12 ألف لبناني يحملون جواز السفر البرازيلي، وخصوصاً في البقاع، وقد اندمجت القنصلية العامة منذ عام مع السفارة، التي تعدّ أكبر سفارة في الشرق الأوسط، وهي أكبر من سفارتينا في مصر والسعودية، وفق ما يؤكّد السفير البرازيلي.

ويبدو قادري سعيداً بِحبّ اللبنانيين للبرازيل وهو ما يسهّل عليه مهمته كممثلاً لبلاده.

ويقول: «عندما يعرفون أني لبناني من زحلة… الجميع أذرعتهم مفتوحة، ما يجعل إقامتي ممتعة.

مرتان في الشهر أزور زحلة، حيث تعيش الزوجة الثانية لوالدي، ولديّ نحو 20 إبن عمّ وخال».

ولا ينكر قادري أنّ وجود رئيس برازيلي من أصل لبناني يمكنه «الدفع لتفعيل الإتفاقات المعلّقة مع لبنان».

ويأمل التقدم على مسار المفاوضات بين لبنان والسوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية «ميركوسور»، لإلغاء التعريفات الجمركية في 2018، بما يُتيح للبنان بيع نبيذه وزيت الزيتون والفواكه ليس فقط للبرازيل، بل إلى الباراغوي والأرجنتين وفنزويلا.

ويقول: «نحاول الإنتهاء من هذه المفاوضات والوصول الى اتفاق»، مُنوهاً بنشاط مجلس الأعمال اللبناني – البرازيلي، ومعلناً عن توجّه وفد من 20 رجل أعمال خلال الشهر الجاري الى البرازيل لمناقشة تعزيز التجارة والإستثمارات بين البلدين.

ويطمئن قادري حتى لو انتهت ولاية تامر، سيبقى البرازيليون يحبّون لبنان، وهو يسعى الى تحفيز أكبر عدد من اللبنانيين الذي يقارب عددهم 8 مليون في بلاده الى المجيء للسياحة. ويقول: «هناك نحو 15000 فقط يزورون لبنان، نريد مجيء أكبر عدد منهم».

الفساد بعيد عن تامر

محلياً، لا ينكر قادري أنّ بلاده تواجه تحديات ضخمة. ويقول: «إقتصادنا في وضع سيء جداً. الحكومة الجديدة لم يمر خمسة أشهر على وجودها في السلطة وتسعى الى تجاوز أزمة الناتج الاجمالي المحلي التي كانت ناقص أربعة».

ويشدّد على انّ الهدف من مجيء تامر هو لدعم تحقيق إصلاحات إقتصادية، وضبط الانفاق العام، ونظام التقاعد، حيث يحق للبرازيلي التقاعد فيعمر الـ 58، في حين إنّ هناك اقتراحاً الآن لجعله 65 عاماً.

ويقول:» المطلوب من تامر تنظيف الطريق امام رئيس جديد في 2019 . سيتّخذ إجراءات قاسية، لكنّها مطلوبة لجعل اقتصادنا أكثر تنافسية».

في الشق السياسي، لا يزال الرئيس البرازيلي يحظى بدعم شعبي وبدعم الكونغرس سواء أعضاء مجلس الشيوخ أو النواب بنحو 70 في المئة، ويرفض قادري الإتهامات عن تورّط تامر بالفساد.

ويُذكّر بأنّ تامر كان رئيساً للبرلمان لثلاث سنوات وانتخب 6 مرات كنائب، وهو ليس رجلاً ثرياً».

ويقول: «يتحدثون عن رئاسة حزبه، وأنّ هناك شركات تعطي أموالاً لحزبه لضمان مصالحها. لا يمكنهم إثبات أي شيء ضده، يريدون وضع الجميع في مركب الفساد، لكن فكرة الفساد بعيدة كل البعد عن الرئيس تامر».

ويؤكّد قادري «أنّ عزل الرئيسة السابقة ديلما روسيف كانت عملية منظّمة وفق الدستور البرازيلي والتي كان للمحكمة العليا كلمة الفصل فيها، بعدما أخذ مجلسا الممثلين والشيوخ وقتهم لبحث القضية، وأعطوها فرصة للدفاع عن نفسها، وبعد 9 أشهر أتى القرار وفق العملية الديمقراطية».

ويعتبر أنّ السبب الرئيسي لعزل روسيف إنفاقها أموالاً من الخزانة من دون موافقة الكونغرس.

ويقول: «في دستورنا لا يمكن للرئيس الإنفاق من دون تفويض، هذه الفضيحة دفعت الناس للخروج الى الشارع».

دعم الأمم المتحدة لحل الأزمة السورية

سورياً، «ليس للبرازيل دور قيادي» في الأزمة السورية. ويقول قادري: «نحب ان نتعامل مع النزاع من خلال الأمم المتحدة، هناك نحن فاعلون جداً. ندعم سوريا بقوة وجهود المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا. لا أقول أننا ندعم أي طرف سواء حلفاؤنا الروس أو غيرهم، لكننا ندعو كل أصحاب المصلحة من روسيا وأميركا وإيران وتركيا إلى أنّ يجدوا حلاً. حتى الآن هذا التنسيق لم يجرِ».

ويعتبر أنّ «الازمة السورية معقدة جداً في ظلّ وجود قوى تغيِّر وتبدّل مواقفها وتحالفاتها».

ويقول: «نحن نساعد وندعو الجميع لمساندة كل القرارت الدولية، وندعم مبادرة الامم المتحدة تجاه حلب، وندعو القوى الكبرى للقيام بما يرونه مناسباً. القيادة يجب ان تكون للسوريين بمساعدة الامم المتحدة». ويضيف: «نحن أصدقاء سوريا، وما نريده الحوار والسلام.

منذ سنة ونصف وصلت الى لبنان، كنا نظنّ أنّ هذا النزاع سيحلّ قريباً، حين كانت المعارضة تتقدّم. بعد 6 أشهر كان الوضع مختلفاً لمصلحة النظام السوري، وبالتالي يصعب التنبوء بما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات».

في ملف اللاجئين السوريين تحديداً، يرفض قادري الحديث عن تغيير في سياسة بلاده، التي كانت فتحت ذراعيها أمام اللاجئين. ويقول: «لم يكن هناك قرار سياسي للحكومة لاستقبال 100 ألف لاجئ خلال خمس سنوات، كان مجرد تصريح لمساعدة للسوريين، ولم تكن سياسة الحكومة. في الواقع أعطينا 9000 فيزا على أساس إنساني، أقل من النصف ذهبوا، فيما القسم الآخر يفضل العيش هنا وانتظار تحسّن الوضع في بلدهم والعودة الى سوريا».

ويتابع: «لا وجود لطلب للعيش في البرازيل، يفضل اللاجئون الذهاب الى كندا والمانيا بسبب التقديمات وبرامج للتوطين.

لسنا في وضع مماثل لكندا، نحن في وضع حرج جداً».

أمنياً، لا تزال البرازيل بمنأى عن «داعش». ويقول قادري:»تقليدياً لا يعتبر الإرهاب قضية لنا، فنحن بعيدون عن مشاكل الشرق الاوسط وآسيا وأفريقيا، ولأسباب تاريخية».

ولكن تسليط الضوء على خلية مرتبطة بـ«داعش» خلال الألعاب الأولمبية جاء من باب الاجراءات الإستباقية. ويقول: «تعاوننا مع عدد كبير من الدول ولا سيما الولايات المتحدة لنكون في الجانب الآمن، ومنع اي عمل، وكانت الالعاب الاولمبية ناجحة، ولم يعكّر صفوها شيء».

ويشدّد السفير البرازيلي على أنّ الولايات المتحدة حذّرت من أماكن محتملة لوقوع أعمال إرهابية على الحدود مع البرازيل والاورغواي، الارجنتين. ويتابع: «نحن نتعاون إستخباراتيا، ولكن يبقى الارهاب تحدّياً للمستقبل، بعد الهجمات التي شهدتها اوروبا، حتى لو كان في البرازيل في ادنى مستوياته».

ويختم قادري حديثه بالإشادة بصمود اللبنانيين، مُجدداً التأكيد على أنّ بلاده ستبقى صديقة لوطن أبائه وأجداده، وهو متفائل بالمستقبل على رغم كل التحديات، ويتطلع ليس فقط الى تعزيز التعاون على كافة المستويات، في بلد يعامل فيه كـ«الأمير».