كتبت صحيفة “السفير” أن من التقى الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري، الخميس 3 تشرين الثاني 2016، خرج بانطباع مفاده بأن خيار حكومة الثلاثين وزيرا يتقدم على خيار الأربعة والعشرين وزيرا بسبب تخمة مطالب الكتل النيابية على صعيد الأرقام والحقائب، غير أن “الفجع الوزاري”، لم يمنع أوساط الحريري من القول إن الحكومة ستولد قبل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، فيما رجح مرجع واسع الاطلاع أن تحتاج عملية التأليف إلى حوالي شهرين على أقل تقدير.
وما يساعد في تسريع عملية التأليف الحكومي أو تأخيرها، ستبيّنه مطالب الكتل النيابية والنواب المستقلين، في استشارات التأليف، مع الرئيس المكلف، اليوم وغدا، في مجلس النواب، وكذلك قدرة الحريري على الإجابة عن الأسئلة الآتية:
هناك معادلات سياسية جديدة فرضت رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة، فهل ستكون الحكومة الجديد محكومة بالتفاهم السياسي المبرم بين عون والحريري، وما هي طبيعته، وكيف سيتمكن “التيار الوطني الحر” من التوفيق بين تفاهمه مع الحريري من جهة وتفاهمه، من جهة ثانية، مع “القوات” التي تتصرف كمنتصرة رئاسيا وبشهية وزارية مفتوحة (4 وزراء على الأقل مع حقيبة سيادية)؟
اذا كانت الحكومة ثلاثينية، فكيف ستتوزع أرقامها؟ ما هي حصة رئيس الجمهورية الذي يريد أن يحظى بفريق وزاري، مثله مثل ميشال سليمان وإميل لحود والياس الهراوي، وإذا حُسمت الحصة الرئاسية، فماذا سيكون عددها وهل سيكون جميع الوزراء (ثلاثة أو أربعة) من لون طائفي واحد (مسيحي) أم يتم تلوينهم بوزراء مسلمين (شيعي واحد وسني واحد)؟ ومن يضع الضوابط والفواصل بين دور وتصويت وزراء رئيس الجمهورية ووزراء “تكتل التغيير”؟
اذا كانت قاعدة “8 آذار” و “14 آذار” التي حكمت كل البنيان الحكومي منذ 11 سنة حتى الآن، باتت غير سارية المفعول مع إبرام الصفقة الرئاسية ـ الحكومية، فعلى من سيحتسب وزراء “التيار الوطني الحر”، على “8 آذار” أم رئيس الجمهورية أم يشكلون مع وزراء “القوات” متساوين “شراكة العهد”، وماذا عن شراكة “التيار الحر” مع “تيار المستقبل” حكوميا، وكيف سيصرف “التيار” تفاهمه السياسي مع “حزب الله” المتفاهم سياسيا مع حركة “أمل” التي لن تبصم على حكومة لا تضم وزراء لـ “المردة” و “القومي”؟
على من يُحتسب وزراء وليد جنبلاط في مجلس الوزراء، وهل سيكون مسموحا لجنبلاط أن يتمثل بوزيرين درزيين (الثالث لطلال أرسلان)، على أن يعوض بوزير مسيحي ثالث؟
ماذا عن التوجه السياسي الواضح الذي يعبّر عنه “حزب الله” و “أمل” هذه المرة بوجوب أن يتمثل “القومي” في الوزارة الجديدة بمقعد مسيحي وليس شيعيا كما جرت العادة في السنوات الماضية؟
كيف سيتم توزيع المقاعد السيادية الأربعة (الداخلية والخارجية والمالية والدفاع) في الحكومة، وماذا عن الحقائب الخدماتية التي تبيض ذهباً كالأشغال والاتصالات والطاقة، وماذا عن الحقائب الحيوية كالصحة والتربية والعمل والشؤون الاجتماعية، ولمن ستكون حقيبة وزارة العدل؟
كيف سيتعامل رئيس الحكومة مع “الفيتوات” التي بدأت تطل برأسها من أكثر من مكان، برفض إسناد هذه الحقيبة أو تلك لهذه الجهة السياسية أو تلك، والأخطر كيف سيتعامل مع إصرار رئيس الجمهورية على وضع “فيتو” على تسلم وزير المال علي حسن خليل لوزارة المال، مع إقراره بأن تبقى بعهدة الطائفة الشيعية ومن يسميه رئيس مجلس النواب؟ وماذا عن “الفيتوات” المضادة المحتملة والتي تتعلق بوزارات أخرى أبرزها الطاقة والتربية؟
هل سيعتمد رئيس الحكومة المكلف قاعدة المداورة وبالتالي يوافق على وجهة نظر رئيس المجلس التي تستثني وزارة المال من هذه القاعدة ربطا بمحاضر ومناقشات اتفاق الطائف؟
هل سينتظر رئيس الحكومة جلاء غبار المعارك داخل كل بيت حزبي أو سياسي، خصوصا أن ثمة “شهداء” كثراً على الطريق، ولعل أصعب عملية تلك الجارية في بيت رئيس الجمهورية، في ظل “الفيتوات” المتبادلة ومحاولة تأجيل دفع بعض الفواتير المتأخرة، فهل يؤدي مسار التأليف الى تشظي بعض البيئات الحاضنة للحكومة قبل ولادتها، وأي أثر لكل المسار الحكومي، سواء بالتسريع أو التعطيل على صورة العهد الجديد؟.