تُعدّ معالجة أزمة اللجوء السوري الى لبنان من أكبر التحديات التي سيتعين على العهد الجديد رفعها، كون تداعياتها غير محصورة بالواقع الديموغرافي فحسب بل تتهدد بقوّة الوضعين الامني والاقتصادي الداخليين.
وإدراكا منه لحجم المخاطر التي يشكلها، أفرد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حيزا من خطاب القسم الذي ألقاه فور انتخابه، لملف النزوح، حيث رأى ان “علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة، ساعين الا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح الى محميات امنية، كل ذلك بالتعاون مع الدول والسلطات المعنية وبالتنسيق المسؤول مع منظمة الامم المتحدة”، معتبرا في المقابل ان “لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين”. ولم ينسَ الرئيس المنتخب التذكير أيضا بحق العودة للفلسطينيين وبضرورة تثبيته وتنفيذه.
واذا كان لبنان الرسمي سيحرص في العهد الجديد على ضرورة “العودة الآمنة” للنازحين السوريين الى بلادهم وسيسعى بعد ان اكتمل “جسمه السياسي” وعاد الانسجام واللحمة الى مكوناته لا سيما بين رئاستي الجمهورية والحكومة، لايجاد حلول لأزمة اللجوء ومنها انشاء مخيمات للنازحين على الجانب السوري من الحدود أو إعادتهم الى المناطق الهادئة والتي لا تشهد نزاعات في سوريا، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، فإن الغرب يبدي أيضا اهتماما خاصا بقضية اللجوء السوري الى لبنان.
وفي السياق، تلفت المصادر الى ان الملف هذا كان من أبرز المحفّزات التي حملت أركان المجتمع الدولي على تكثيف اتصالاتهم لا سيما على الخط الاقليمي، لانجاز الانتخابات الرئاسية. فالحفاظ على الاستقرار ضروري لمنع تحول الشاطئ اللبناني قاعدة انطلاق لمراكب اضافية، تحمل مهاجرين غير شرعيين الى أوروبا. أما ملء الشغور الرئاسي وانعاش المؤسسات الدستورية، فيشكلان “ألفباء” صون هذا الاستقرار الذي بات تحصينه ملحاً في الآونة الاخيرة، وأكثر من أي وقت، مع اشتداد الخناق على “داعش” في المنطقة، وارتفاع احتمال انسحاب مقاتلي التنظيم، نحو سوريا ومنها الى الحدود اللبنانية.
أما في الارقام، فتذكّر المصادر بأن لبنان يستقبل نحو مليون ونصف المليون لاجئ سوري، بما يعادل حوالي واحد من كل خمسة أشخاص موجودين في البلاد، اضافة الى نصف مليون لاجئ فلسطيني. وهذه الاعداد “المخيفة” لا تقضّ مضجع لبنان فحسب بل تنعكس قلقا في أوروبا أيضا. وعليه، فان المجتمع الدولي استعجل اتمام الانتخابات الرئاسية، على اعتبار ان قيام دولة لبنانية مكتملة العناصر والاوصاف يساعد في عدم انكسار لبنان تحت عبء النزوح من جهة وعلى تقليص احتمالات تدفق مزيد من اللاجئين الى القارة العجوز التي تتربص بدولها التهديدات الارهابية المتطرفة، من جهة أخرى.
وتتوقع المصادر ان يتبلور في الاشهر القليلة المقبلة وفور ابصار الحكومة الجديدة النور، تعاون لبناني – غربي لرسم خطة سريعة أو خريطة طريق تساعد البلد الصغير أولا على تخفيف ثقل اللاجئين وتنتهي باعادة هؤلاء تدريجيا الى بلادهم.
