أشارت صحيفة “الشرق الأوسط” أن القوى السياسية في لبنان تتجه لتمثيل مختلف القوى المسيحية في الحكومة الجديدة التي يعكف الرئيس المكلف بتأليفها سعد الحريري على تذليل العقبات التي تعترض عملية التأليف٬ والتباحث مع مختلف القوى على تمثيل الأفرقاء المسيحيين ضمن الحصص الوزارية المخصصة للمسيحيين.
والى جانب حزبي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” (التيار العوني)٬ يتجه حزب “الكتائب اللبنانية” للمشاركة٬ في حين لا يرفض رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية المشاركة في الحكومة إذا كانت الحقيبة الوزارية المعروضة وازنة. وستُضاف إلى هذه الكتل النيابية٬ شخصيات مسيحية مستقلة٬ ستقسم على الحصص الوزارية للأحزاب.
حصص الوزراء المسلمين في الحكومة٬ الذين يتمثلون بأربعة أحزاب رئيسية تنقسم على السنة والشيعة والدروز٬ فإن حصص الأفرقاء المسيحيين تعتبر أكثر تعقيًدا٬ وخلافًا بالنظر إلى تعدد القوى المسيحية التي يتوجب تمثيلها في الحكومة٬ إضافة إلى المستقلين. وعادة ما يحرص الحريري على تمثيل جميع المسيحيين في حكومتيه بعد العام 2005 . ولقد تمثلت جميع الأقطاب المسيحية في حكومتي الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة في العام 2008 التي تلت انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية٬ إضافة إلى حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2009 التي تلت الانتخابات النيابية. واليوم٬ يبدو أن الحكومة تتجه على هذا النحو. ويسعى حزب “القوات اللبنانية” لأن يتمثل في حصة وزارية “وازنة” تتضمن إلى جانب الأسماء الحزبية٬ شخصيات من المستقلين. وأكد عضو كتلة “القوات” النائب أنطوان زهرا أن أصدقاءنا هم “شخصيات سياسية مستقلة٬ مثل الوزير ميشال فرعون الذي سبق أن أعلنا عنه”٬ مشدًدا في الوقت نفسه على أن الحصص الوزارية “تناقش مع رئيس الجمهورية ميشال عون٬ والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري”٬ نافًيا ما يجري طرحه من تسريبات حول رفض القوات لوزارات معينة٬ أو تمسكه بوزارات أخرى. وتابع زهرا “ما يجري هو مناورات سياسية يحاولون إشاعة أجواء معينة لأهداف ينشدونها لمصلحتهم الشخصية وليس لمصلحة البلد”.
وتنسحب التسريبات٬ بحسب زهرا٬ على ما تم تناقله عن “فيتوات” وضعت بوجه حزب “القوات” من الحصول على حقيبة سيادية في الحكومة العتيدة٬ وقال: “لم نتبلغ رسمًيا بأي فيتو. وباستثناء تمسك الأطراف بالحقائب الوزارية٬ لم نسمع كلاًما عن موانع تحول دون الحصول على حقيبة سيادية٬ وثمة فرق بين الأمرين”. وأردف زهرا أن طرح “القوات” المتمثل “بالحق بالحصول على حقيبة سيادية”٬ ينطلق من أمرين: أولهما “احترام المداورة في توزيع الحقائب٬ والثاني يتمثل بأنه لا يحق لأحد بوضع فيتو على أحد”. وأكد النائب “القواتي” من ثم أنه “من مصلحة الجميع الإفادة من الجو الإيجابي الذي تمثل في تسمية معظم الأطراف السياسية لترؤس الحكومة٬ بهدف انطلاقة حيوية للعهد الجديد”.
في السياق ذاته٬ كان مستشار حزب “القوات اللبنانية” العميد وهبي قاطيشا قد قال: إن “السبب الحقيقي الذي يعيق تأليف الحكومة موجود عند الفريق الآخر المتمثّل بـ(حزب الله) الذي بدأ بوضع العصي في دواليب العهد سواء أحصل ضد (القوات) أو سواها”. وأضاف قاطيشا موض ًحا في حديث إلى وكالة “أخبار اليوم”٬ إلى أن الحزب وضع “فيتو” منح “القوات” حقيبة سيادية٬ حين طالبت “القوات” بذلك٬ معتب ًرا أن الحزب بأدائه هذا يستهدف العهد أكثر مما هو يستهدف “القوات”.
للعقبات حول مشاورات التأليف٬ أكد النائب إبراهيم كنعان٬ أمين سر تكتل “التغيير والإصلاح” (التابع لـ”التيار الوطني الحر”) أن “هناك مطالب في هذه الأثناء٬ واستكمالاً متناقضة حول موضوع تأليف الحكومة”٬ مضيفا أن “الأحجام يجب أن تحّدد موقفا لمعايير معينة”٬ وطلب “التخفيف من الإشاعات التي لا أساس لها”٬ مؤكدا أن “كل كتلة قالت ما تريده”. ولفت كنعان خلال حديث إذاعي إلى أن “حصة رئيس الجمهورية حصة ميثاقية ليس لها علاقة بشخص الرئيس ولا بوضعه٬ بل لها علاقة بالطائف الذي سحب صلاحيات رئيس الجمهورية ووضعها في مجلس الوزراء٬ لذلك يعطى الرئيس كتلة وازنة في الحكومة”٬ وتوقّع أن “الأسماء لن تحسم قبل حسم الحقائب الوزارية”.
إلى ذلك٬ حاول ما يسمى “حزب الله” التقليل من أهمية تلك العقبات٬ إذ اعتبر النائب علي فياض أنه “ليس هناك من تعقيدات جوهرية تحول دون أن تتشكل هذه الحكومة٬ بل إن التعقيدات القائمة هي طبيعية إلى حد ما٬ وعليه فإننا سنبذل جهدا مع حلفائنا في سبيل أن تبصر هذه الحكومة النور في أسرع وقت٬ وأن تكون جامعة بحيث ينطبق عليها فعلاً حكومة وحدة ووفاق وطني”٬ واستطرد أن “موقفنا تجاه تشكيل الحكومة هو موقف من يسعى إلى تسهيل التشكيلة٬ وإلى التعاطي بإيجابية وبطريقة بناءة”.