IMLebanon

مزارعو الموز يشهرون غضبهم: مهدّدون بالإفلاس

banana-crisis

 

 

كتب علي دربج في صحيفة “السفير”: بعد أزمة التفاح، ارتفعت مجدداً صرخة مزارعي الموز والحمضيات الذين تسرب اليأس الى قلوبهم من وعود وزارة الزراعة وباقي المسؤولين الذين لم يحركوا ساكناً لتدارك الكارثة، خصوصا أن الموسم قد حلّ وحلت معه خسارة مرتقبة، بسبب كساد مواسمهم وعدم وجود أسواق خارجية للتصدير وإقفال الحدود السورية أمام منتجاتهم.

كل مزارعي الموز والحمضيات، على موعد مع يوم غضب شعبي زراعي، بدءا من صباح اليوم، تتخلله أشكال مختلفة من الاحتجاج (تجمعات واعتصامات وقطع طرق ورمي مواسم في الطرق الخ…).

الدعوة أطلقها تجمع مزارعي الجنوب، وانضم إليها، أمس، رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك الذي دعا المزارعين في كل لبنان للمشاركة في يوم غضب مزارعي الموز، وأعلن عن اعتصامات وقطع للطرق، عند العاشرة من قبل ظهر اليوم في الغازية (الاوتوستراد بين صيدا وصور، وتحديدا قرب التعاونية العاملية)، وفي الدامور (الاوتوستراد بين بيروت وصيدا وتحديدا عند مدخل بلدة الدامور، مفرق الاوسيانا)، على أن تتصاعد التحركات مستقبلا إلى حين إقرار التعويضات للمزارعين، فيما اعتبر تجمع مزارعي الجنوب أن تحركه موجه ضد كل المسؤولين عن إهمال هذا القطاع.

كيف بدا المشهد عشية التحرك؟

الساحة أمام مكتب توضيب الموز الذي يملكه نائب رئيس تجمع مزارعي الجنوب رضا فاضل، تبدو شبه خالية من شاحنات النقل الخارجي التي كانت تعج بها قبل قرار إقفال الحدود السورية، وتمتد طوابيرها لكيلومترات عدة على جنبات الطريق الساحلية بمحاذاة بلدة عدلون.

يوضح فاضل أن «كمية الموز التي ينتجها لبنان تبلغ حوالي 150 ألف طن، أي بقيمة تصل الى حوالي 100 مليون دولار»، ويكشف أن «تصريف إنتاج الموز يعتمد بشكل أساسي على السوق السورية التي تستهلك حوالي 50 في المئة من الموز المصدر الى الخارج».

لكن العصر الذهبي لتصدير الموز الى سوريا، بدأ بالأفول مع إقفال الحكومة السورية حدودها أمام المنتجات الزراعية اللبنانية، رداً على القرار الذي اتخذه وزير الزراعة أكرم شهيب في أيار الماضي بمنع المنتجات الزراعية السورية من الدخول الى الأسواق اللبنانية انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل.

وعلمت «السفير» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري دخل على خط الأزمة من خلال وزير المال علي حسن خليل الذي التقى السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، في ظل تقديرات باعادة فتح الحدود السورية في الساعات المقبلة أمام الموز اللبناني.

يتهم المزارعون وزير الزراعة باتخاذ قرارات «لم تحم الإنتاج الزراعي اللبناني، بل أدت الى ازدهار التهريب، فأصبحت المنتجات الزارعية السورية تغزو الأسواق اللبنانية بطريقة غير شرعية، ووفقاً لفاضل، «هذه القرارات الارتجالية أدت الى اصابة سوق الموز بنكسة كبيرة، فسعر كيلو الموز الواحد بالجملة لا يتعدى اليوم الـ 500 ليرة لبنانية، وهذا يعود الى اقتصار تصريف الموز على السوق المحلي الذي يستهلك حوالي 30 في المئة، من أصل 150 ألف طن، فيما يتم تصدير كميات قليلة عبر البحر لا تتجازو الـ10 في المئة، وهذا الرقم المتدني سببه ارتفاع نفقات النقل البحري».

فالبديل الذي أوجدته وزارة الزراعة والقاضي بتصدير المنتجات الزراعية اللبنانية عبر البحر، كبّد المزارع أعباءً مالية جديدة نتيجة ارتفاع أكلاف الشحن البحري، فضلا عن بروز معوقات اخرى، كالعامل الزمني حيث تضاعف الوقت الذي تحتاج إليه شحنة الموز للوصول الى وجهتها، قياساً عما كان عليه الأمر في البرّ، إذ كانت الشحنة تتطلب حينها 3 أيام فقط.

مزارعو ومصدرو الموز لسان حالهم «لا مبرر إطلاقاً، لإبقاء خطوط الاتصال بين وزارتي الزراعة اللبنانية والسورية مقطوعة». هذه النقطة أثاروها قبل ايام قليلة عندما التقى وفد منهم الوزير أكرم شهيب في مكتبه في بيروت. قال شهيب لأعضاء الوفد إن الوزارة لا تميز بين مزارع وآخر وبين تفاح وموز وزيتون وحمضيات، وتتعاطى مع كل موسم زراعي على قاعدة وضع مصلحة المزارع اللبناني فوق كل الاعتبارات والأولويات، «وذلك بعيدا عن زواريب السياسة والحسابات المناطقية او الطائفية او المذهبية الضيقة».

غير أن كلام الوزير شهيب لم يقنع المزارعين. فأحد أصحاب بساتين الموز والحمضيات في منطقة سهل عدلون، يشير الى أن «سياسة وزارة الزراعة اللبنانية، دفعت بالسلطات السورية الى إلزام المصدر اللبناني الحصول على إذن مسبق للتصدير الى سوريا، وهذا لم يكن موجوداً قبل قرارات شهيب الأخيرة التي اعترضنا عليها من دون طائل». ويضيف «الوزارات السابقة كانت عقب كل أزمة تصدير، تعمد الى التدخل عبر شخص الوزير مع الجهات الأردنية التي كانت تستجيب لطلب لبنان رفع كمية الموز المستورد الى أسواق الأردن».

المزارعون لا يجدون بدا من اللجوء الى الشارع، خصوصاً أن بعضهم مهدد بالإفلاس، وهناك من دفعتهم الحاجة الى السيولة المادّية، الى رهن بساتينهم للحصول على قروض مالية لسداد ديونهم التي تراكمت جراء الخسائر التي لحقت بهم. أما الكارثة الكبرى فهي تزايد أعداد المزارعين الذين باتوا يعمدون إلى اقتلاع أشجار الموز واستبدالها بكتل إسمنتية باتت تظهر كالفطر على الساحل الجنوبي.

أما نقطة الضوء الوحيدة التي يعلق المزارعون عليها آمالهم، فهي تدخل الرئيس بري شخصياً لدى السلطات السورية للسماح لهم بدخول الموز اللبناني إلى الأسواق السورية.

من جهته، أوضح رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك ان الاتصالات مع الجانب السوري لم تأت بنتيجة حتى الآن، مبديا أمله بتدخل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس السوري بشار الأسد، «فهذا هو الامل الاخير لحل ازمة الصادرات، علما ان السوق السورية هي السوق الاساسية للموز اللبناني التي صدرنا اليها سنة 2010 حوالى 90 الف طن من الموز ولا يوجد بديل منها»، وأكد أن «مطلب مزارعي الموز في لبنان لتخطي الازمة تعويض مقطوع قدره 10 آلاف ليرة عن كل قرط موز بعد اجراء مسح شامل لبساتين الموز من الجيش اللبناني»، تماما كما حصل مع موسم التفاح.