كتبت صحيفة “السفير” أنه عاجلاً أم آجلاً، ستتشكل الحكومة. الاختبار الحقيقي لا يكمن في السباق مع الوقت، بل في طبيعة التركيبة الحكومية التي سيتوصل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الى نسج خيوطها، بعد التوفيق بين السقوف المرتفعة للاطراف المعنية.
قد يعتبر البعض أنه ليس مهماً كثيراً التدقيق في تفاصيل حكومة عابرة، لن يتجاوز عمرها بضعة أشهر، وهي التي سترحل حُكماً بعد الانتخابات النيابية في ايار المقبل. ربما يبدو هذا الاستنتاج سليماً بالمقياس الزمني، لكنه لا يصح على المستوى الوطني، وبالتالي لا شيء يمنع أن تضم الحكومة المقبلة، برغم عمرها القصير، شخصيات كفوءة تعيد ترميم جسور الثقة بين الناس والدولة وتستكمل الزخم الذي أنتجه انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية الرئيس المكلف، مع ما يستوجبه ذلك من تدقيق في اسم كل وزير، قبل منحه «فيزا» العبور الى السلطة.
أما إذا أتت الحكومة امتدادا للعهود القديمة بكل وجوهها المستهلكة ومحاصصاتها الممجوجة، فإن من شأن ذلك التسبب بخيبة أمل، وإن يكن الرئيس ميشال عون يحرص على إبلاغ زواره بأن الحكومة التي من شأنها أن تُحسب على العهد أو له، هي تلك التي ستولد بعد الانتخابات النيابية.
وتحت وطأة التجاذب المتواصل حول الأحجام والحصص، قالت مصادر مطلعة على مسار مفاوضات التأليف لصحيفة «السفير» إن صيغة الـ24 وزيرا عادت الى سوق التداول، وان المعنيين بالتشكيل جددوا البحث فيها، لعلها تشكل مخرجا للإفلات من سيل الطلبات الغزيرة على الحقائب السيادية والخدماتية، بحيث يصبح الجميع مضطرين الى «ترشيق» مطالبهم وتكييفها مع القياس الجديد.
وعلمت «السفير» أن الرئيس عون يدفع في اتجاه ترجيح كفة تركيبة الـ24 وزيرا على ما عداها، وهو من أشد المتحمسين لها، لأنه يريد حكومة رشيقة تستطيع تحقيق أقصى إنتاجية ممكنة في الوقت القصير المحدد لها، لا سيما أن الوزراء جميعا سيكونون في هذه الحال من أصحاب الحقائب، في حين ان الطابع الفضفاض للحكومة الثلاثينية التي ستكون محشوة بوزراء دولة لا يشجع على الكثير من التفاؤل.
ولكن المصادر المطلعة لفتت الانتباه الى أنه لا شيء نهائيا ومحسوما بعد على صعيد القالب الحكومي، وان معادلة الـ24 وزيرا لا تزال مجرد طرح للنقاش، قد يُعتمد وقد يسقط مجددا أمام ضرورات العودة الى تركيبة الـ30 التي، على سيئاتها، تكاد تكون وحدها القادرة على «مكافأة» جميع المنخرطين في التسوية.
وكان لافتا للانتباه أن مقدمة نشرة أخبار محطة «أو تي في» أمس أشارت الى أن لقاء بري – الحريري، في عين التينة، «لم يتوصل إلى أي نتيجة حاسمة، لا في التركيبة الأساسية ولا في السياديات ولا في الحقائب الأساسية، وهو ما فتح الباب أمام التفكير بالعدول عن الصيغة التي يتم التشاور حولها منذ أيام، والذهاب مجدداً إلى صيغة حكومية أخرى، أقل ثقلاً، وأكثر قدرة على التخفيف من الأعباء والأثقال(…)».