قدم رئيس لجنة الاشغال العامة والطاقة والمياه النائب محمد قباني، في مؤتمر صحافي عقده اليوم، اقتراح قانون لتنظيم قطاع المياه في لبنان.
وفي ما يلي الاسباب الموجبة للاقتراح:
إن لبنان وبحكم موقعه الجغرافي في منطقة الشرق الأوسط يتمتع بأهمية بارزة لناحية مناخه وموارده الطبيعية ولا سيما منها المياه. هذه الثروة الوطنية تتمثل بمياه الأنهر والينابيع والبحيرات والسدود والآبار والمياه الجوفية ومياه الأحواض. من هنا تبرز الحاجة لوضع قانون عصري ينظم هذا المرفق الحيوي للدولة اللبنانية.
مرد ذلك أن الإنسان وعبر التاريخ، قد طور وبشكل متصاعد استعمالاته الأساسية في استهلاك المياه، وذلك من أجل تأمين احتياجاته اليومية من ناحية، وتسيير وتطوير نشاطاته الاقتصادية من ناحية ثانية.
من هنا تتميز قضية المياه في لبنان بأهمية بارزة، نظرا لمضامينها الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والانسانية من جهة، وضرورة تنظيم إدارة هذا القطاع من الناحية التشريعية من جهة أخرى.
تفرض هذه المعطيات اعتبار المياه بمثابة مورد وطني طبيعي من الملك العام من أجل تلبية الإحتياجات اليومية للمواطنين وللمقيمين، فضلا عن متطلبات التطور الاقتصادي الذي يجعل من المياه العنصر الأساسي للتقدم الزراعي والصناعي.
ونظرا لأهمية هذا المورد الطبيعي، فإن لبنان، وقبل إعلان استقلاله عام 1943، كان من الدول السباقة في منطقة الشرق الأوسط، في وضع تشريعات تلحظ تنظيما لهذا القطاع الحيوي.
ومن أبرز تلك التشريعات التي حكمت هذا القطاع، أحكام المجلة التي وضعت ابان الاحتلال العثماني للبنان. وبعد زوال الحكم العثماني، عمدت سلطات الانتداب الفرنسي اعتبارا من العام 1920 إلى إصدار سلسلة من التشريعات القانونية كان أبرزها حول قطاع المياه. نذكر منها القرار رقم 144 تاريخ 10 حزيران 1925 المتعلق بالملك العام، والقرار رقم 320 بتاريخ 26 أيار 1926، المتعلق بالأملاك العمومية والمحافظة عليها، وقانون الملكية العقارية الصادر بموجب القرار رقم 3339 تاريخ 12/11/1930، والقواعد الصحية العامة الصادرة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 16 ل تاريخ 30/6/1932. ولا تزال هذه النصوص معمول بها لغاية تاريخه.
كما أنه، وبعد إعلان إستقلال الدولة اللبنانية، أصدرت السلطتان التشريعية والتنفيذية في الدولة اللبنانية، عدة تشريعات تنظم هذا القطاع، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– القوانين والأنظمة المتعلقة بمشاريع جر مياه الشرب الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 227 تاريخ 1/10/1943.
– الإشراف على أعمال حفر الآبار ومراقبة تنفيذها الصادر بموجب المرسوم رقم 15886 تاريخ 25آذار 1964.
– تنظيم التنقيب عن المياه واستعمالها بموجب المرسوم رقم 14438 الصادر في 2/5/1970.
– تنظيم استثمار المياه والمرطبات المعبأة في أوعية الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 108 تاريخ 16/9/1983.
– تنظيم قطاع المياه الصادر بموجب القانون رقم 221 تاريخ 29/5/2000 وتعديلاته وأنظمة المؤسسات العامة للمياه الصادرة تطبيقا له.
– تحديد بعض دقائق تطبيق قانون تنظيم قطاع المياه بموجب المرسوم رقم 8122 الصادر بتاريخ 3/7/2002.
– قانون حماية البيئة رقم 444 تاريخ 29 تموز 2002.
إلا أنه ونظرا لتطور المفاهيم القانونية والعلمية ووسائل إستخدامات المياه، فإن هذه التشريعات التي ما زالت مطبقة أصبحت غير كافية، ما يوجب معه وضع قانون حديث للمياه يراعي التطور الحاصل والحاجة الملحة للمحافظة على هذا المورد الأساسي للدولة اللبنانية وكيفية تأمين تلبية حاجات المجتمع اللبناني من هذا المورد الطبيعي الحيوي.
من هذا المنطلق فقد تم وضع اقتراح قانون المياه الذي لم يلغ أو يعدل بصورة جذرية التشريعات النافذة، إنما جاء ليحدث هذه القواعد القانونية من ضمن مفهوم الإدارة المستدامة لاستعمال اقتصادي وعقلاني للمورد المائي بما فيها الأحواض، إضافة إلى تحديد مهام الدولة لإدارة مستدامة للمياه.
كما وأنه كان لا بد من إطار تنظيمي عصري حديث ومتطور لقطاع الري وما يرعاه من نصوص قانونية وأنظمة، ترعى علاقه المزارعين في ما بينهم، وتنظم علاقاتهم بالإدارات والمؤسسات العامة المعنية بهذا القطاع. وبما أن أفضل الممارسات العالمية في قطاع المياه والري أظهرت أن مشاركة المستفيدين من المياه في إدارة هذا القطاع أدت الى نتائج ايجابية في تطويره، وكان لإنشاء جمعيات مستخدمي مياه الري، التي تشكل من المزإرعين أنفسهم أي من المالكين والمستثمرين، للقيام بعمل جماعي منظم، اثر ايجابي على حسن إدارة وتنظيم ومراقبة عملية الري بواسطة المستفيدين أنفسهم، من خلال تعزيز الشعور بالمسؤولية والمشاركة،
وحيث أن مشروعا لقانون المياه قد أعدته شركة ICEA بناء لطلب من السفارة الفرنسية بين عامي 2003 و 2005، وتم تطوير صياغة المشروع المذكور عام 2015.
وحيث أن إتفاقية القرض بين لبنان والوكالة الفرنسية للتنمية لتنفيذ مشروع تجميع المياه ومعالجة المياه المبتذلة في منطقة كسروان الموقعة بتاريخ 12/10/2012 والمبرمة بموجب المرسوم رقم 11718 تاريخ 21/5/2014، (قيمتها 75 مليون يورو من البنك الأوروبي و75 مليون يورو أيضا من الوكالة الفرنسية AFD)، وتضع إقرار قانون المياه شرطا لسريان القرض. ومنعا لسقوط الاتفاقية ولأي قروض مستقبلية. فضلا عن الأهمية الكبيرة لاصدار قانون (شرعة) للمياه.
لكل هذه الأسباب الموجبة، نتقدم باقتراح القانون المرفق بهدف تنظيم قطاع المياه في لبنان بكافة جوانبه.
الابواب
ويتألف هذا القانون إضافة الى الفهرس، من عشرة أبواب:
– الباب الأول: أحكام عامة
– الباب الثاني: الإطار التنظيمي والقانوني لقطاع المياه
– الباب الثالث: نظام المراقبة
– الباب الرإبع: التنظيم الإقتصادي والمالي لقطاع المياه
– الباب الخامس: تحديد مختلف أوجه إستخدامات المياه
– الباب السادس: حماية النظم البيئية المائية في لبنان
– الباب السابع: تدارك المخاطر والكوارث الطبيعية وسبل الوقاية منها
– الباب الثامن: أحكام جزائية
– الباب التاسع: المتابعة القانونية لإدارة المياه
– الباب العاشر: أحكام نهائية وانتقالية
ويركز اقتراح القانون على عدد من الأمور أهمها:
– اعتماد مفهوم الادارة المتكاملة والمستدامة للمياه عبر ادارة الاحواض المائية.
– تحديد مفهوم الملكية العمومية وغير العمومية للمياه والمياه الجوفية والحقوق المكتسبة.
– انشاء الهيئة الوطنية للمياه وتحديد دورها وخصوصا في ما يتعلق بالمخطط التوجيهي العام للمياه.
– تحديد آلية تنظيم وادارة الموارد المائية عبر اعداد مخطط توجيهي عام من قبل وزارة الطاقة والمياه بالتعاون مع المؤسسات العامة الاستشارية للمياه.
– تحديد ما يجب ان يتضمنه المخطط التوجيهي العام.
– تحديد آلية اعداد ومضمون مخططات الاحواض المائية.
– اعطاء وزارة الطاقة والمياه امكانية ابرام اتفاقيات مع القطاع العام او الخاص لتنفيذ مشاريع استثمارية عائدة لمصادر المياه.
– تحديد نظام مراقبة المياه والموارد المائية ومنح صلاحية هذه الموافقة الى وزارة الطاقة والمياه.
– تحديد وجوب مراقبة نوعية المياه ومراقبة تجهيزات ومنشآت المياه.
– تحديد شروط نقل المياه والصهاريج.
– انشاء مدونة للمياه تبين تجهيزات ومنشآت واشغال المياه وتوضح الضوابط التي تخضع لهذه الاعمال.
– تحديد وجوب تسوية اوضاع الابار المحفورة دون ترخيص.
– تحديد نظام التراخيص في قطاع المياه والعقوبات في حال المخالفة.
– تحديد قطاع المياه كقطاع ذا طابع صناعي وتجاري يتم تمويله بصورة رئيسية من البدلات التي يدفعها المنتفعون من القطاع.
– تحديد البدلات بعد الاخذ بعين الاعتبار التوازن المالي للخدمة.
– تحديد الاحكام المالية والحسابية لمؤسسات المياه التي تشير الى وجوب اعداد موازنات تبين كيفية توزيع كيفية عمليات التشغيل والاستثمار والصيانة بالنسبة لكل من مياه الشرب والصرف الصحي والري الزراعي.
– تمويل بدلات تشغيل كل خدمة حصرا من عائداتها.
– منح المؤسسات حتى اقتراح التعرفات وعرضها على سلطة الوصاية للتصديق.
– تشمل البدلات المنشأة بموجب القانون بدلات المحافظة على المورد المائي وحماية النظم المائية من التلوث وبدلات خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والري.
– تحديد تفاصيل كل من البدلات المشار اليها اعلاه.
– في ادارة المرفق العام للمياه يميز القانون بين المرفق العام لمياه الشفة والمرفق العام للصرف الصحي الجماعي والري ويحدد اصول لمهام القطاع الخاص في ادارة هذه المرافق.
– يتمتع المرفق العام لمياه الشفة بحصرية توزيع المياه ويتوجب عليه تأمين نوعية مياه ملائمة، وواجب كل مالك بناء وصل البناء والاقسام الى الشبكة على ان يتم قياس الاستهلاك من قبل المستثمر.
– يتمتع المرفق العام للصرف الصحي بحصرية جمع المياه المبتذلة وواجب كل مالك بناء وصل لبنائه الى الشبكة.
– يحق وصل المياه المبتذلة غير المنزلية الى الشبكة بموجب اذن خاص.
– يلتزم المرفق العام للصرف الصحي بضمان استمرارية وجودة جمع ومعالجة وتنقية المياه المبتذلة.
– يبين القانون الاحكام العامة للري ويولي ادارة الري الى المؤسسات العامة الاستثمارية والى المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كما يحدد آلية انشاء ونشاطات ومبادىء انشاء جمعيات الري.
– على مؤسسات المياه تقديم تقرير سنوي يتعلق بالمياه عامة ويبين الاوضاع الادارية والفنية والمالية واجراءات التشغيل واداء المرافق.
– ينظم وزير الطاقة والمياه تقريرا عاما عن الاوضاع وعن الادارة المستدامة للمياه.
– يتطرق القانون الى موضوع حماية النظم البيئية والمائية ويحدد المبادىء العامة لهذه الغاية والواجبات العامة للدولة في هذا المجال وواجبات مالكي ضفاف الانهر ونطاق حماية مواقع جمع المياه.
– كما يتطرق القانون الى موضوع حماية الثروة الطبيعية والثقافية المائية وحماية المياه المتفجرة ساحليا.
– يحدد القانون الاحكام العامة لتدارك الفيضانات ولتدارك العجز المائي كما يحدد التدابير المائية الضرورية لتأمين ادارة مستدامة للمياه.
اخيرا يحدد القانون الاحكام الجزائية المطبقة في حال وقوع مخالفات ومنها مخالفات في البحر.
لكل هذه الاسباب نتقدم من مجلسكم الكريم باقتراح القانون المرفق راجين اقراره.