أبلغت أوساط واسعة الاطلاع الى “الراي” الكويتية أن الأيام الثلاثة المقبلة ستكون بمثابة اختبارٍ مفصلي لإخراج “جَمَل” الشروط والمطالب المتشابكة في عملية تأليف الحكومة التي يتولاها الرئيس المكلف سعد الحريري “من خرم” الحاجة الضاغطة الى تشكيلها قبل الثلاثاء المقبل، لا لشيء إلا لأن المشهد الذي سيَبرز في يوم عيد الاستقلال من دون حكومةٍ جديدة سيَرسم علاماتٍ سلبية حول مطالع العهد الجديد.
وقالت هذه الأوساط إن المشاورات الكثيفة التي أجراها الحريري في اليوميْن الأخيريْن ومن ضمنها زيارته للرئيس ميشال عون في قصر بعبدا أول من أمس لم تسفر عن ايّ دفْعٍ جديد حقيقي من شأنه تذليل العقبات الأساسية التي تعترض مهمته، اذ أن عقدة توزيع الحقائب السيادية الأربع، الخارجية والداخلية والمال والدفاع، لم تُذلَّل كلياً بعد خلافاً لما تَردّد، لارتباط هذه العقدة بحصة حزب “القوات اللبنانية” الذي يرفض الإذعان لشرطٍ وضعه “حزب الله” بعدم تَسلُّمه أياً من الحقائب ذات الطابع الأمني كالدفاع والاتصالات والداخلية والعدل فيما لم يتمكن الحريري بعد من تقديم مخارج ملائمة لهذا المأزق، علماً انه أوفد بعد زيارته القصر الجمهوري مستشاريْه النائب السابق غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري الى معراب حيث التقيا رئيس “القوات” سمير جعجع.
واوضحت الاوساط نفسها انه في ظلّ ما قد تسفر عنه الاتصالات الجارية في الساعات المقبلة، بدأت الشكوك تتصاعد لدى بعض الجهات السياسية المناهضة لـ “حزب الله” حيال إمكان تأليف الحكومة سريعاً، من منطلق اعتبار هذه الجهات أن الحزب عاد الى تغليب أجندات إقليمية سواء عبر تعامُله مع عملية تأليف الحكومة داخلياً ام من خلال قيامه بعرض عسكري مؤلل بالمدرعات هو الاول من نوعه في منطقة القصير السورية المتاخمة للحدود مع لبنان.
واذا كانت اوساط “حزب الله” ومنابره الصحافية والإعلامية حرصت على إدراج هذا العرض العسكري في اطار الرسائل الى اسرائيل والجماعات المتطرفة والتكفيرية وسخرت من إدراجه في الإطار الداخلي اللبناني، فان الجهات اللبنانية المناهضة للحزب لم تفصل إطلاقاً العرض عن اللحظة الاقليمية واللبنانية والدولية التي يعتبر الحزب انها فرصته لإظهار تفوُّقه داخلياً واقليمياً. وتالياً تذهب هذه الجهات، الى حدود التساؤل عما اذا كانت ايران، التي لعبتْ دوراً حاسماً في تمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني، قد وجدتْ مصلحتها الآن وبعد انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في فرْملة الاندفاعة اللبنانية عبر تشكيل الحكومة الحريرية، والى متى يمكن ان تستمرّ هذه الفرْملة؟
وتقول الأوساط المطلعة عيْنها انه سواء صحّت هذه الفرضية ام لم تصحّ، فان مقياس تسهيل الولادة الحكومية من عدمه سيتضح في الأيام القليلة المقبلة، لأن الزعم بان لا مهلة متفق عليها بين المراجع الرسمية لولادة الحكومة ليس صحيحاً بل سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ان أعلن الاسبوع الماضي انه في الاجتماع الذي عقد بين الرؤساء عون وبري والحريري لدى تكليف الأخير تشكيل الحكومة، اتفقوا على ضرورة تأليفها في مهلة قصوى قبيل عيد الاستقلال. ولذا فان التعامل مع عملية تأليف الحكومة سيبدأ بمقاربة أبعاد مختلفة اذا مرّ 22 تشرين الثاني مع استمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية.