كتب بسام أبو زيد
مع العرض العسكري لـ”حزب الله” في القصير السورية، أصبح كل كلام عن تحييد الدولة اللبنانية عن الحرب السورية في غير مكانه، إلا إذا كان المقصود تحييد إدارت الدولة عن هذه الحرب، وهو كلام ساذج يراد من خلاله استغباء اللبنانيين ومحاولة لتعميم سياسة دفن الرؤوس في الرمال.
لقد أعاد هذا العرض العسكري التأكيد على أنّ فئة وازنة وأساسية من اللبنانيين تمتلك جيشا مدربًا، ينتشر ويقاتل في الأراضي اللبنانية وغيرها من البلدان العربية تحت شعارات متعدّدة أبرزها حماية لبنان.
وانطلاقًا من هذا الواقع لا يمكن للدولة اللبنانية أن تتحدّث عن حياد في الحرب السورية أو غيرها من حروب المنطقة، إذ إن أفراد هذا الجيش هم ممن يحملون الهوية اللبنانية، وينطلقون في مهامهم العسكرية والأمنية من الأراضي اللبنانية وحدودها المتنوعة وإليها يعودون، وهم ممن يمارسون فوق الأراضي اللبنانية حقوقهم السياسية وغير السياسية، وفي مقدمها التصويت في الانتخابات النيابية مساهمين في إيصال ممثليهم وممثلي حلفائهم إلى البرلمان اللبناني حيث السلطة التشريعية، هذا فضلا عن وجودهم في الحكومات اللبنانية في المناصب الوزارية حيث السلطة التنفيذية.
وإذا كان ما يجري الحديث عنه من حياد أمرًا غير ممكن استنادًا إلى هذه الوقائع، كذلك فإنّ الحديث عن استراتيجية دفاعية وفق ما كانت مطروحة في جلسات الحوار ولا سيما في قصر بعبدا أصبح غير ممكن أيضًا.
قد يكون ما أصبح مطلوبا الان هو التنسيق بين جيشين، أحدهما يعمل على جبهتين داخلية وخارجية بمهام متعددة. ولم تعد تنفع تلك الطروحات التي كانت تتحدث أن تكون القوة العسكرية لـ”حزب الله” جزءًا من الجيش اللبناني أو أن تكون بأمرته، إذ إنه لا يمكن لجيش مدرب كما سماه نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، يعمل خارج الحدود اللبنانية أن يكون بأمرة جيش شرعي رسمي يعمل فقط داخل حدود الأراضي اللبنانية.
في خلاصة القول إنّ العرض العسكري لـ”حزب الله” في القصير جاء ليضيف عاملاً جديدًا، وهو أنّ الحزب يبقى الرقم الصعب في لبنان والمنطقة، وأنّ زمام القرار اللبناني يبقى في يده ساعة يشاء، كما أنّه عنصر مهم في القرار الإقليمي حيث اللاعب الايراني، وقد أتت كل التطورات المحلية والإقليمية لتؤكد على ذلك بعيدًا عمّن سيتولّى وزارة الدفاع في لبنان.
