عض رئيس المجلس النيابي نبيه بري على جرحه الرئاسي، فساد “هدوء حذر” خط بعبدا- عين التينة هزته بوضوح ما تسميها أوساط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مجرد “ملاحظة” دستورية أبداها رئيس الجمهورية في معرض الكلام عن مشهد مؤسسات الدولة العائدة حديثا إلى الحياة. وفيما اخترق السجال بين عون وبري مشهد الايجابية الذي بدأت ملامحه ترسم بحبر الاستحقاق الرئاسي، طعم هذا “الاشكال الكلامي” بنكهة طائفية بعد رد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. فهل يؤثر السجال المستجد على مسار تشكيل حكومة يريدها المعنيون جامعة، إلى حد ضم المعارضين إليها؟
في معرض الاجابة عن هذا التساؤل، تؤكد مصادر مقربة من التيار الوطني الحر عبر “المركزية” أن “عندما تمر البلاد في مراحل كالتي تعيشها راهنا، تكون حكومات الوحدة الوطنية الحل الأمثل لأننا في حال حرب اقتصادية في ظل معدلات فساد غير مسبوقة”.
وعلى رغم السجال الاخير، ينقل زوار بعبدا أن عون وفريقه لا يزالون مصرين على الركون إلى الايجابية التي تعيشها البلاد منذ ملء الشغور الرئاسي، وعلى الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يوتر هذه الأجواء. وتلفت المصادر العونية إلى أن “لا يجوز التعليق على كل كلمة لأي فريق”. لافتة إلى أن “اتهامنا بالتعطيل يأتي في وقت نقول فيه إن التمديد للمجلس عطل الحياة الديموقراطية. التعطيل أمر مذكور في الدستور”.
في مقابل هذه الصورة التفاؤلية، تبرز تساؤلات عن توقيت عودة الكلام عن التمديد النيابي إلى الواجهة، مع انطلاقة العهد، وعشية انتخابات نيابية يبدو جميع الفرقاء متحمسين لخوض غمارها، وفي وقت يذهب فيه كثيرون إلى إبداء خشيتهم من مطبات قد تؤدي إلى فشل العهد الجديد، تشدد بعبدا بحسب الزوار، على أن “أحدا لا يريد نبش القبور. كل ما في الأمر أن رئيس الجمهورية أبدى مجرد ملاحظة”.
وعن مدى تأثير السجالات السياسية الأخيرة في مفاوضات تأليف الحكومة بعد تراجع منسوب التفاؤل بولادة قريبة، على وقع مطالب كثيرة ترفعها كل المكونات السياسية، يكتفي الزوار بالتذكير أن “في تاريخ لبنان، لم تتألف حكومة إلا في ظل سجال حاد، لكن التأليف يسلك اليوم المسار الصحيح، علما أن أحدا لا يقصر في رفع سقوف المطالب بوزارات خدماتية وسواها، وكل هذه التصنيفات دعابة يجب وضع حد لها”.
وفي السياق، اعتبر مراقبون عبر “المركزية” أن السجال الأخير بين عون وبري مرده أولا إلى أن رئيس المجلس لا يمكن أن يغض النظر عن أي موقف يطال البرلمان”، لافتين إلى أن الطرفين يحاولان احتواء ما جرى عن طريق التشديد على أن “صفحة الخصومة السابقة بين الزعيمين طويت إلى غير رجعة”، علما أن لا مصلحة لأحد في هز الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ 31 تشرين الأول الماضي.
غير أن مصادر سياسية مطلعة اعتبرت عبر “المركزية” أيضا أن القضية قصة “قلوب مليانة بين بعبدا وعين التينة”، في وقت يذهب آخرون بعيدا إلى حد الحديث عن أن ما جرى يأتي في سياق محاولات دق الأسافين بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري، معتبرين أن “الثنائي الشيعي” لن يرتاح لمشهد التناغم بين عون والحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.