Site icon IMLebanon

أهالي المخطوفين والمفقودين ودعوا عاد في خيمة اعتصامهم

 

إختار أهالي المخطوفين والمفقودين والمخفيين خيمة اعتصامهم في حديقة جبران خليل جبران، مقابل مبنى “الاسكوا” في وسط بيروت، لالقاء “تحية الوداع” على رئيس هيئة دعم اهالي المعتقلين في السجون السورية “سوليد” غازي عاد، بوصفه رمزا من رموز النضال من اجل معرفة مصير اكثر 17 الف مفقود ومفقودة من ضحايا الخطف والاخفاء بين عامي 1975 و1990.

لقاء الوداع للمناضل غازي عاد، تحول الى يوم حزن كبير، شارك فيه الوزير السابق شكيب قرطباوي، النائبان غسان مخيبر وحكمت ديب، وممثلو منظمات المجتمع المدني والصليب الاحمر الدولي اضافة الى عائلة عاد ومحبيه واهالي المفقودين.

بعد وصول النعش الى امام حديقة جبران، حمل على الاكف وسط الدموع والتصفيق ومناداته ب “البطل” ونثر الورود، الى امام خيمة الاهالي، حيث وضع النعش على الارض. ورفعت على الخيمة لوحة كبيرة للراحل متوسطا صور المفقودين والمخطوفين، كما احاطت النعش اكاليل الزهر البيضاء.

بداية، اقام الاب عماد جابر صلاة الجنازة، ثم ألقت نتالي عيد شقيقة المفقود جهاد عيد، كلمة اهالي المعتقلين في السجون السورية. ووصفت عاد بـ”الاخ والصديق”، وقالت: “لا يوجد اصعب من فقدان عزيز علينا. كان معنا في اشد الصعوبات وهو رمز انساني واجتماعي ووطني لا مثيل له”.

أضافت: “غازي مرجعنا، هويتنا، قضيتنا. كان يزور الخيمة صيفا وشتاء لا يكل ولا يمل، وكنا نخجل منه اذا قصرنا في يوم من الايام”.

بعدها، ألقت رئيسة لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني كلمة قالت فيها: “يعز علي اليوم ان اتكلم عنك يا غازي بعدما اعتدنا الكلام معا، الكتابة واعلاء الصوت معا.”

أضافت: “أسست “سوليد” منبرا للمطالبة بتحرير المعتقلين في السجون السورية. لن أدخل في تفصيل ممارسات الزمن الرديء القمعية بحقك، بل اقف عند اصرارك العنيد بعدم التراجع او التنازل عن مطلب حق.

لم تكن قضية مفقودي الحرب اللبنانية “غنوجة” الزمن الرديء. القاسم مشترك في القمع والتهميش والاستلشاق. الهم واحد دفاعا عن حرية الانسان وحقه بعيش كريم. والقضية ذاتها ما بين انسان خطف او فقد او اعتقل تعسفا او اخفي قسرا.

هنا التقينا ورفعنا الصوت عاليا مطالبين بحق معرفة مصائر المغيبين اينما كانوا وكائنا من كانت الجهة المسؤولة عن اخفائهم.

نقاط الخلاف بيننا يا غازي كانت اقل بكثير من نقاط التوافق. فصارت تحركاتنا بمعظمها مشتركة كما البيانات”.

وتابعت حلواني: “ذروة التقارب كانت خيمة ال 2005 التي تحولت الى ارضية لخارطة التحركات ومركزا لانطلاقها. العلاقة بيننا لم تقتصر على عملنا النضالي بل تطورت الى صداقة عميقة وتبادل الدعم مع كل محطة احباط او تعب.

اللقاء الاخير يا غازي كان في 30 آب احياء لليوم العالمي للمفقود. تواصلنا هاتفيا للتنسيق. توافقنا على مضمون المداخلة على ان اتكفل انا بالكتابة باعتبار انك كنت متوعكا وتعبا.

لم نلتق بعدها، تواصلنا عبر الهاتف. توقف هاتفك عن الكلام فانقطع التواصل”.

وقالت: “برحيلك غازي زاد الحمل على كتفي. رحيلك زاد اصرارنا اصرارا على متابعة المسيرة حتى النهاية هذه المتابعة هي بمثابة تعويض عن خسارتنا لك. هي متابعة يواكبها امل بالعهد الجديد لأكثر من اعتبار:

1- اننا اصحاب حق لن نتخلى عنه.

2- ان سيد العهد اقسم باحترام الدستور والقوانين وانه سيحكم بموجبها.

3- ان سيد العهد سبق ان خبر الخطف والفقدان وعرف مرارة مذاقها.

4- ان سيد العهد على اطلاع مسبق على ملف المفقودين والمخفيين قسرا، وموقفه معلن حول احقيته واحقية اصحابه.

5- ان سيد العهد قد نعاك بكلمات لامست حزننا، فتحت كوة في جدار التعتيم المزمن على قضيتنا.

ورثى رئيس المركز اللبناني لحقوق الانسان وديع الاسمر الراحل فقال: “الوطن يشكر رجاله العظام”. لو كان لنا في لبنان “بانتيون” لكان هناك رقد جسدك يا غازي. وكنا كتبنا على الرخامة، للتاريخ “شكرا غازي، باسم لبنان وشعبه”.

من جهته، قال مخيبر: “غازي قضيتنا وهي قضية لم ولن تموت”.

ودعا الاهالي الى “تقديم وعد لغازي بالعودة الى الخيمة وعدم تركها، طالما القضية باقية”.

كذلك، دعا الى “لقاء نهار الاحد في 26 الحالي لتكريم غازي عاد وتقديم الوعد له بعدم ترك القضية”. وقال: “هذا الملف لن يقفل طالما غازي خط الطريق”.

ووعد مخيبر “ان يعمل على إقرار القانون الذي عمل عليه غازي، في مجلس النواب، “غصبا عمن لا يريد”.

بدوره، وصف رئيس البعثة الدولية للصليب الاحمر في لبنان فابريزيو كاربوني هذا اليوم بـ”يوم خزن لا يوصف”. وقال: “فقدنا شخصا عظيما، صديقا عزيزا، وصوتا قويا لأهالي المفقودين. حمل غازي لعقود ثقل وصوت اهالي المفقودين مطالبا بحقهم لمعرفة مصير احبائهم. لقد ناضل بإيمان تام ومن دون كلل من اجل هذه القضية، ولم يكن يوما يستغني عن ابتسامته المطمئنة لجميع من وقف الى جانبه.

توفي العديد من أهالي المفقودين من دون معرفة مصير ابنائهم وبناتهم، اخوتهم واخواتهم الذين فقدوا. واليوم نشهد على رحيل شخص من أعز اصدقائهم، الرجل الذي كان بمثابة فرد من العائلة لأهالي المفقودين”.

واضاف: “ندعو السلطات الى عدم خذله ايضا، والى تشكيل آلية تعمل على كشف مصير المفقودين”.

غازي، سنشتاق الى ابتسامتك اللطيفة، سنشتاق الى كلماتك المشجعة، سنشتاق اليك يا صديقنا العزيز”.

ثم حمل نعش عاد مجددا وانطلق في موكب الى قريته الدلبية في المتن، على ان تجري مراسم الجنازة الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر.