Site icon IMLebanon

بانوراما “التأليف”… العقد والتوقيت!


اشارت صحيفة “اللواء” الى أن الرئيس المكلف سعد الحريري كان قد تحدث هاتفياً مع الرئيس نبيه برّي قبل زيارته قصر بعبدا قبل يومين وأبلغه بأنه سيطلع رئيس الجمهورية على مسودة أولية لتأليف الحكومة، وأن بري في ضوء ما سمع كان يتوقع إعلان التشكيلة في غضون ساعات، لكن الرئيس المكلف عاد واتصل بالرئيس برّي بعد خروجه من قصر بعبدا وأبلغه أن الرئيس عون لم يبدِ موقفاً من المسودة التي عرضها له، واستمهله بعض الوقت.
وذكرت “اللواء” أيضاً أن برّي لم يتنازل عن حقيبة الأشغال لأي فريق، وأنه يطالب بها وبحقيبة المال إلى جانب وزير دولة.
أما بالنسبة لمسألة تمثيل النائب سليمان فرنجية، فإن برّي، بحسب المعلومات، أبلغ من يعنيهم الأمر أنه في حال حلّت كل المشاكل فإنه سيحاول إقناع فرنجية القبول بوزارة التربية، وأنه ما زال بانتظار ما سيتبلور بين عون والحريري بشأن التأليف ليقوم بهذه المهمة.
من جهتها، كتبت صحيفة “الأخبار” أنه في حين جرى الحديث ليل أوّل من أمس عن شبه اكتمال التشكيلة وإمكان إعلانها صباح أمس، بعد حلّ أزمة تمسّك حزب القوّات اللبنانية بحقيبة سيادية، اصطدم التفاوض ليل الثلاثاء ــــ الأربعاء بعُقدٍ جديدة، أبرزها رفض التيار الوطني الحرّ والقوات منح تيار المردة حقيبة الأشغال أو حقيبة أساسية أخرى، ومطالبة رئيس الجمهورية بوزيرين شيعي وسنّي، من دون منح مقعد مسيحي لثنائي الرئيس نبيه بري ــ حزب الله، لتوزير النائب عن الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان.
وبعدما بدا في الأيام الماضية أن التوتر انتهى بين عون وبري على خلفية حل عقدة وزارة المالية لصالح بقائها من حصّة حركة أمل وبقاء الوزير علي حسن خليل على رأسها، أعاد الاشتباك الكلامي أمس بين عون وبرّي وانتقاله إلى البطريرك بشارة الراعي والشيخ عبد الأمير قبلان، توتير الأجواء، فيما تردد أن رئيس الجمهورية لا يزال معترضاً على توزير خليل في المال، رغم معرفته بأن برّي بعد هذا الاعتراض بات أكثر تشدّداً في هذا الشأن.
أوساط بري نقلت عنه أن اشتباك أمس يعيد الامور الى الوراء، وأكدت أن رئيس المجلس لن يتنازل عن أيّ من الوزراء الشيعة الخمسة إلا مقابل وزير مسيحي، مع شرط أن يكون الوزير الشيعي الذي يختاره رئيس الجمهورية مُرضى عنه شيعياً، بعدما تردد أن عون يطرح توزير كريم قبيسي. كذلك نقلت عنه أن الرئيس سعد الحريري أبلغه أنه «غير مرتاح». وفي ما يتعلق بحقيبة المردة، نُقل عن بري أن لا مانع لديه من التنازل للوزير سليمان فرنجية عن حقيبة الأشغال، «ولكن المشكلة أن لا عون ولا الحريري تحدث الى فرنجية».
مصادر بارزة في تيار المستقبل قالت لـ»الأخبار» إن «الوزير جبران باسيل يعترض على حصّة المردة، والقوات اللبنانية تعترض على الكتائب، وهذا الأمر لا يساعد على تشكيل حكومة وحدة وطنية»، علماً بأن لقاءً سيعقد اليوم بين باسيل والكتائب. كلام المستقبل يتقاطع مع ما يتردّد في عين التينة، عن أن «التيار الوطني الحرّ يريد أن يحتكر الحصص المسيحية مع القوات اللبنانية، نظراً إلى الاتفاق السابق بينهما، ناسياً أنه هو من عقد الاتفاق لا الأطراف الأخرى، وهو يريد تنفيذ الاتفاق مع القوات ويطلب مراعاته، لكنّه لا يراعي أن للآخرين حلفاء أيضاً وهم جزء أساسي من هذه التركيبة، ولا أحد يختصر المسيحيين». وتقول المصادر إنه «إذا كان المطلوب حكومة وحدة وطنية، فعليهم إشراك الجميع، أمّا إن كانت الحكومة حكومة بعقلية رابحين ضد خاسرين فليشكّلوا حكومة، وساعتها سنكون خارجها».
مصادر أخرى أكّدت لـ«الأخبار» أن عون لم يكن مرتاحاً لتشكيلة توزيع الحقائب التي قدّمها له الحريري أول من أمس، لخلوّها من الأسماء. وقالت المصادر إن الحريري قام بواجباته وقدّم ما استطاع للجميع في سبيل التسهيل على أساس حكومة من 24 وزيراً؛ طيّب خاطر (النائب وليد) جنبلاط، فاوض القوّات وأعطاهم أكثر مما يحقّ لهم، مع أنه لم يكن مضطرّاً إلى مفاوضتهم في ظلّ اتفاقهم الذي لا يعرف عنه شيئاً مع عون، لكن مشكلة فرنجية ليس هو من يحلّها. هو يتواصل مع فرنجية، لكن حتى الآن لا أحد من التيار الوطني الحرّ تواصل مع فرنجية، ومع اختلاط الأمور من جديد، سيكون من الصعب إعادة رسم الحقائب وتوزيعها.
وبدأ التململ في صفوف قوى 8 آذار يأخذ مداه، اعتراضاً على ما يتردّد عن منح القوّات ثلاث حقائب (غسان حاصباني ـــ أرثوذكسي نائباً لرئيس الحكومة، ملحم الرياشي ــــ كاثوليكي، بيار أبو عاصي ماروني)، إضافة الى الوزير ميشال فرعون، خصوصاً مع ما يحكى عن رفض التيار والقوات مشاركة الحزب القومي في الحكومة بوزير مسيحي وخروج النائب طلال أرسلان من التشكيلة بعد اعتماد صيغة الـ24 وزيراً بدلاً من 30، فضلاً عن اعتراض القوى «السنيّة» في 8 آذار على عدم توزير أي سنّي من هذا الفريق، وتوزير النائب جمال الجرّاح الذي يسعى جاهداً لعودة الاشتباك السياسي بين الحريري والوزير السابق عبد الرحيم مراد في البقاعين الغربي والأوسط.
وبدا لافتاً أمس بيان كتلة الوفاء للمقاومة، ودعوته إلى «الإسراع في تأليف حكومة الوحدة الوطنية الجامعة، وإشراك مختلف القوى السياسية»، وأملت الكتلة «من القوى السياسية الوازنة في البلاد أن تترجم حرصها على الشراكة، فتأخذ في الاعتبار أهمية توسعة قاعدة التمثيل في الحكومة». ويأتي البيان مكمّلاً لزيارة قام موفد من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى بعبدا أول من أمس، مؤكّداً حرص الحزب على تمثيل كل الأطراف وإعطاء فرنجية حقيبة وازنة.
وعلمت «الأخبار» أن اجتماع تكتل التغيير والاصلاح أمس شهد نقاشاً حول الحكومة وشكلها، وسط تأكيد باسيل أن الأسماء المطروحة للتداول من مرشحين للتوزير من حصة التيار الوطني الحر ليست كلها صحيحة، وأنه لم يتم بعد اختيار وزراء التيار في شكل كامل قبل اتضاح صورة الحكومة. كلام باسيل يتقاطع مع ما يتردّد عن عدم حسم حقيبة الدفاع لصالح الوزير الياس بو صعب، وسط معلومات عن إمكانية منحها لرومل صادر.
ورغم هذه الأجواء، قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إن «التشكيلة الحكومية صارت شبه جاهزة، والعقدة لا تزال عالقة حول حقيبة المردة فقط، وإذا حلت يمكن أن تصدر الحكومة بين اليوم والأحد».
وسط هذه الأجواء، رأت مصادر مطلعة في “بيت الوسط” لصحيفة “اللواء” أن الخلاف الذي انفجر أمس بين المرجعيتين المسيحية والشيعية لم تكن تداعياته مريحة على “بيت الوسط”، وهي تعتقد أن أسبابه أعمق من مسألة التمديد للمجلس النيابي، أو حول “سلة التفاهمات” التي كان اقترحها الرئيس نبيه برّي قبل الانتخابات الرئاسية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن مساعي تأليف الحكومة كانت سائرة على نحو جيّد، لكن ما حصل كان مزعجاً، خصوصاً أنه ليس معروفاً إلى أي مدى سيصل هذا الخلاف بين المرجعيتين.
ومع ذلك، أوضحت المصادر أن الأجواء ما تزال إيجابية لغاية الآن، خصوصاً وأن عملية التأليف كانت وصلت إلى مرحلة “الرتوش” شبه النهائية على عملية توزيع الحقائب. وقالت أن أجواء “بيت الوسط” متفائلة.
ولفتت إلى أن الرئيس سعد الحريري لا يمانع بأن تكون هناك شخصية سنّية من حصة الرئيس ميشال عون، وهو لا يرى في ذلك مشكلة، لكنه لا يستطيع أن يُقرّر عن الشيعة بالنسبة لحصة عون.
صحيفة “الجمهورية” قالت: “إن الأجواء والمعطيات توحي بانّ الرأي قد “استقرّ” على حكومة الـ 24 وزيراً، خصوصاً أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري ابلغَ الى بري في لقائهما الاخير انّه يرغب في ان تكون حكومته هي نفسها حكومة الرئيس تمام سلام مع إجراء بعض “الرتوش” او التعديلات الطفيفة عليها بتغيير بعض الاسماء والحقائب، ولكن عند البحث في التفاصيل لا تغيب فكرة الحكومة الثلاثينية التي كان اتُفِق عليها مبدئياً إثر التكليف على قاعدة تحقيق أوسع تمثيل للقوى السياسية، فتكون في هذه الحال “حكومة جامعة” حسب التعبير الذي يستخدمه المعنيون بالتأليف.
ومن العقبات التي تعترض التأليف تمثيلُ تيار “المردة” بحقيبة يريدها رئيس التيار النائب سليمان فرنجية ان تكون اساسية، اي خدماتية ووازنة، فعُرِضَت عليه وزارة التربية فرفضَها، ولكن بري الذي يتمسّك بتمثيل “المردة” أبلغَ الى الحريري انّه حاضر لإقناع فرنجية بهذه الحقيبة الاساسية إذا شكّلت العقدة الاخيرة التي تعوق التأليف، وإنْ كان البعض لمّح الى احتمال ان يأخذها بري لحركة “أمل”، على أن يعطي فرنجية في مقابلها وزارة الأشغال، إذا كان هذا الامر يرضيه.
ولكنْ ما إن شاع هذا الامر، مع أنّه لم يحصل، حتى بدأ البعض يسرّب انّ حقيبة الأشغال ستكون من حصة “القوات اللبنانية”، ما ولّدَ انطباعاً بأنّها تعترض على نَيل “المردة” حقيبةً خدماتية من هذا النوع.
وفي السياق نفسه تبرز عقدة تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لا يخفي حزب الله وحلفاؤه حماستَهم له، فالبعض يقول إنّ هذا التمثيل صعب في تشكيلة الـ 24 وزيراً إذا أُريدَ أن يكون الوزير القومي مسيحياً، والمقصود هنا النائب أسعد حردان، وإنّ الامر قد يكون متيسّراً في حكومة ثلاثينية، خصوصاً إذا رغب رئيس الجمهورية في تسمية وزيرين ضمن حصته، أحدهما شيعي والآخر سنّي، بحيث يمكن عندئذ ان يكون حردان بديلاً “للوزير الشيعي الرئاسي”، وفي الوقت نفسه يكون النائب السابق غطاس خوري الذي يريد الحريري توزيرَه بديلاً “للوزير السنّي الرئاسي” والمقصود به الوزير السابق فيصل كرامي الذي زار بعبدا أمس. ويقال ان بري والحريري توافَقا في لقائهما الاخير على ان يكون لكل منهما وزيرٌ مسيحيّ مقابل الوزيرين الشيعي والسنّي “الرئاسيَين”.
وثمّة من يقول إنّه في حال استقرّت الحكومة على 24 وزيراً فإنّ الوزير القومي قد يكون من ضمن الحصة الشيعية، فيكون رئيس الحزب الوزير السابق علي قانصو، أو أحد قادته قاسم صالح.
أمّا تمثيل حزب الكتائب فهو لم يرسُ على حقيبة معيّنة بعد، وإن كان يتردّد أنّه يرغب بوزارة الصناعة، في الوقت الذي تشهد الحصة الوزارية المسيحية خلطَ أوراق يُظهر أنّ “حصة الأسد” فيها ستكون لـ”التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”.
فالتيار يتّكئ على حصة الرئيس ويَعتبر أنّها ستكون رافداً أو “قيمة مضافة” إلى حصته، فيما “القوات” تعتبر أنّ نَيلها “حصة حرزانة”، تؤمّن لها قوّة تدفع في الانتخابات المقبلة معوّلةً على التحالف الانتخابي بينها وبين “التيار”.
فضلاً عن انّها تعتبر ايّ حقائب وزارية اساسية تحتلّها في الحكومة العتيدة تؤهلها لتبوُّء مثلها أو أكبر في حكومة ما بعد الانتخابات، خصوصاً إذا تمكّنت بالتحالف مع التيار من الفوز بعدد كبير من المقاعد النيابية المسيحية.
على أنّ التشكيلات الوزارية المتداولة والبالغة 24 وزيراً حالياً، تُظهر انّ حصة “القوات” محصورة بمقعدين من حصّة الطائفة الأرثوذكسية البالغة 3 مقاعد، وكذلك أحد مقعدي الطائفة الكاثوليكية، وإن كانت تعتبر انّ لها حصّة غير مباشرة بهذين المقعدين، الارثوذكسي (أنطوان شديد أو غيره في وزارة الدفاع) والكاثوليكي (ميشال فرعون أو غيره في وزارة السياحة).
ولا يظهر في هذه التشكيلات الوزارية وجود ايّ وزير لـ”القوات” في الحصة المارونية التي تبدو موزّعة بين التيار الوطني الحر (3 وزراء) والمردة (وزير واحد) وحزب الكتائب (وزير واحد).
أمّا التمثيل السنّي البادي من التشكيلات المطروحة والبالغ أربعة مقاعد الى جانب موقع رئيس الحكومة، فيستأثّر به تيار “المستقبل” بكامله، اللهمّ
إلّا في حال توزير رئيس الجمهورية لفيصل كرامي. فيما حركة “أمل” وحزب الله يستأثران بحصة التمثيل الشيعي البالغة خمسة وزراء.
أمّا في ما يتعلق بالتمثيل الدرزي البالغ مقعدين لوزيرين، فلا مشكلة فيه عند النائب وليد جنبلاط الذي سمّى لهما مروان حمادة وأيمن شقير بدلاً من النائب طلال ارسلان الذي أيّد جنبلاط توزيرَه شخصياً عندما طرِحت فكرة الحكومة الثلاثينية، والبعض يقول إنّه قد يُبقي على ارسلان.
وثمّة نقاش لم يُحسَم بعد في موضوع تمثيل الأرمن والأقليات في حكومة الـ24 وزيراً، فالبعض يقترح ان يكون للأرمن وزيران أحدهما رئيس حزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان والآخر النائب جان اوغاسبيان، فيما البعض الآخر يقترح ان يكون للارمن ولحزب الطاشناق تحديداً وزير واحد، اي بقرادونيان، على ان تمثَّل الاقليات بالوزير الآخر، ويقال إنّ التيار الوطني الحر يرشّح له حبيب افرام.
وفي حال العودة الى الحكومة الثلاثينية فإنّها ستتضمّن 6 وزراء دولة، يقول رئيس مجلس النواب إنّ هؤلاء “جاهزون ولا عقَد تعترض توزيرَهم”، فتَكبر بهم حصّة غالبية الطوائف، ويصبح لكلّ من الموارنة والسنّة والشيعة 6 وزراء، وللأرثوذكس أربعة، وللكاثوليك ثلاثة، وللدروز ثلاثة، ووزير لكلّ مِن الارمن والأقليات.
إلى ذلك، أكدت مصادر لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري “اتفقا على الأطر الأساسية للتشكيلة الحكومة، لكنهما يلتزمان بالرغبة التي أبدياها أثناء مشاورات التكليف، على مشاركة كل الأطراف في الحكومة”.
وأوضحت أن “الحكومة العتيدة هي حكومة انتخابات (ستتولى إجراء الانتخابات البرلمانية في ربيع العام المقبل)، وكل القوى لديها رغبة بالمشاركة فيها، وليس ثمة إرادة بإقصاء أحد”.
وشددت على أن “الأسماء المتداولة للتوزير غير واقعية، ولا تعدو كونها تسريبات أو تمنيات المستوزرين أنفسهم”.