توقفت مراجع ديبلوماسية وعسكرية عربية وغربية امام ردات الفعل الباهتة على الساحة اللبنانية ازاء العرض العسكري لحزب الله في منطقة القصير السورية، سائلة هل هي من مفاعيل “التفاهمات الرئاسية” التي سبقت الإستحقاق الرئاسي واقتسام السلطة بين بعبدا والسرايا ام ان اسبابا اخرى فرضت هذا المناخ؟ واشارت تقارير وضعتها هذه المراجع الى ان ما شهدته القصير من عرض عسكري هو الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة السورية قبل ست سنوات إلا اربعة اشهر، يشكل دون ادنى شك تحولا في دور “حزب الله” وحلفائه الاقليميين في هذه الأزمة. فلم يسبق ان اشارت التقارير الإعلامية والمعلومات التي تحدثت عن دور الحزب في سوريا الى اي مظهر من المظاهر العسكرية لمجموعات ووحدات الحزب القتالية، انطلاقا من المهام المحدودة التي كلف بها في العام 2013، عدة وعديدا وانتشارا.
واستغربت المراجع كما قالت لـ”المركزية” محدودية ردات الفعل تجاه العرض العسكري لحزب الله الذي نظم للمرة الأولى برعاية حزبية – قيادية وشاركت فيه مجموعة متنوعة من الدبابات وناقلات الجند المدرعة الأميركية والروسية الصنع والملالات الأميركية التقليدية من نوع “آم 113″، واقتصارها على مستوى بعض المدونين على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي والإعلاميين الذين ما زالوا يعيشون عصر ما قبل “تفاهمات” و”بيانات النيات” الخاصة بالإستحقاق الرئاسي وتصريحات بعض الشخصيات السياسية من دون ضجيج لطالما كان يواكب حدثا اقل اهمية مما حصل، وكأن ما جرى على بعد كيلومترات قصيرة من الحدود اللبنانية – السورية ،كان يجري في قارة اخرى بعيدة آلاف الأميال عن الأراضي اللبنانية.
على هذه الخلفيات، اعتبرت المراجع المشار اليها ان الصمت اللبناني يوحي بوجود صف جديد من القيادات اللبنانية لم تعرفها البلاد قبل “التسوية الرئاسية”، سائلة كيف يُعقل ان يعتبر ما جرى في القصير امراً تقليدياً وعادياً لا يستأهل التوقف عنده لبنانياً، فيما استفزت بعض الصور النادرة في الاستعراض العسكري العالم الغربي وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت التحقيق في كيفية وصول الاليات المدرعة الأميركية الى العرض كما التحقيقات الإسرائيلية التي لا بد من إجرائها لقراءة الرسائل منها وعما إذا كانت معنية بها.
لذلك رأت المراجع الديبلوماسية ان قلق الولايات المتحدة سيتراجع قريبا بعد ثبوت ان آلياتها انتقلت الى “حزب الله” من العراق عن طريق الحشد الشعبي الذي حصل عليها خلال ولاية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فيما ستبدي إسرائيل إرتياحها تجاه ما رأته، فهي برأي خبراء عسكريين سترتاح الى مواجهة محتملة، إن حصلت يوما ما، مع جيش مدرع من المواجهة مع مجموعات ميليشياوية تتقن حرب العصابات ويختفي مقاتلوها في حفرة ارضية او وراء صخرة او خلف “بلانة” كما فوجىء بها الجنود الإسرائيليون في اكثر من منطقة في حرب تموز 2006.
وتصر المراجع الديبلوماسية على اعتبار ان على اللبنانيين ان يتيقنوا ان ما شهدته القصير يؤكد ان حزب الله في القصير وسوريا هو غيره في لبنان. وان استعراضه العسكري هناك كان لأهداف سورية محلية واقليمية وبجزء صغير لبنانية، اكثر مما هو في مواجهة اسرائيل كما اوحى من يدورون في فلك الحزب. عازية الصمت القيادي اللبناني الى نصيحة دولية لفتتهم الى ان لبنان بات خارج دائرة الخطر وهو سيكون قاعدة امن واستقرار لإدارة الأزمة السورية وان ما بني من اجل سوريا سينتهي في سوريا ومنها الحزب الذي استعرض قواه في القصير.