بعد مرور أسبوع على ورود أنباء عن توجيه إنذار بالإخلاء إلى مركز “الريحانية” لإيواء اللاجئين السوريين في منطقة ببنين في عكّار شمال لبنان، يهم اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، الجهة المشرفة على مركز الإيواء، أن يوضح ما يلي:
أولاً: حقائق عن مركز إيواء “الريحانية”:
يقع في التخوم الجنوبية الغربية لبلدة ببنين في عكار شمال لبنان، وهو مقام في منطقة زراعية نائية على طرف القرية، تبعد عن الطريق الرئيسي حوالي 5 كلم، بعيداً عن أية منشآت رسمية مدنية أو عسكرية، ولا يوجد في محيطه سوى عدد قليل من المباني السكنية التي يتبادل قاطنوها مع اللاجئين في مركز الإيواء علاقات حسن الجوار.
تم إنشاؤه في سنة 2013، بهدف توفير مأوىً مؤقت للاجئين السوريين الهاربين من ويلات الحرب في بلادهم، في ظل عدم قدرة البلدات اللبنانية على استيعاب التدفق الهائل للاجئين، وعدم امتلاك اللاجئين أنفسهم مورداً مالياً يمكّنهم من البقاء في مساكن مستأجرة. وهو يضم 300 خيمة مؤقتة مصنوعة من القماش، مما ينفي عنه أية مخاوف متعلقة بتحوله لحالة دائمة.
يؤوي المركز حالياً نحو ألف لاجئ، يشكّل الأطفال والنساء حوالي 80% منهم، فيما يُشكّل المرضى وكبار السن نسبة كبيرة من الرجال المقيمين فيه. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية العائلات فاقدة للمعيل، وتضم عدداً كبيراً من الأرامل والأيتام.
مقام على أرض خاصة مستأجرة من قبل اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية، ولا يوجد أي نزاع قانوني مع أي طرف فيما يتعلّق بإشغال العقار الموجود عليه.
يُعد من أكثر مراكز الإيواء تنظيماً وانضباطاً، ويتميز بمراعاته للاحتياجات الإنسانية الأساسية للاجئين، وهو ما يميزه عن غالبية المخيمات العشوائية التي تتوزع في معظم المناطق اللبنانية.
يُدار من قبل موظفين لبنانيين من أبناء المنطقة، من ضمنهم عدد من الموظفين الذين يوفرون الحماية والانضباط داخله، كما أنه محاط بسور من جميع الجهات، وله بوابة تضبط الخروج منه والدخول إليه.
إن القوى الأمنية اللبنانية هي التي تضبط أمن المخيم كأية منطقة لبنانية، ولا يوجد أي مانع من شأنه إعاقة عمل القوى الأمنية داخله، علماً أن إدارة المخيم و”الإغاثية” تنسق بشكل يومي مع كافة المؤسسات الرسمية اللبنانية بما يتصل بأي من شؤون المخيم، ولا سيّما الشأن الأمني، كل ضمن اختصاصه.
يمتلك كافة اللاجئين ضمن مركز الإيواء عنوان سكن واضح ومعروف، يمكن للأجهزة الأمنية الوصول إليه بسهولة مطلقة، علماً أن الأجهزة الأمنية تمتلك قوائم كاملة بأسماء سكان مركز الإيواء.
لم يشهد منذ إنشائه أي إشكال أمني، سواء ضمن حدوده أو مع محيطه، كما لم يسبق توجيه أي تهمة أمنية لأي من قاطنيه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجيش اللبناني سبق له التحقيق مع جميع الرجال القاطنين في المخيم إثر التفجيرات التي شهدتها بلدة القاع اللبنانية، وتم إخلاء سبيلهم جميعاً بعد تحقيق دام لعدة أيام.
ثانياً: حول قرار الإخلاء:
لم تتسلم إدارة اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية، أو إدارة مركز الإيواء، أو القاطنون فيه، أي تبليغ خطي رسمي أو قانوني بضرورة إخلاء المخيم ضمن مهلة واضحة ومحددة؛ ولكن رجل أمن حضر إلى المكان وأبلغ إدارة المخيم إنذاراّ شفوياً بضرورة الإخلاء.
تابعت إدارة “الإغاثية” على مدار الأسبوع الذي تلا الإنذار الشفوي اتصالاتها مع مختلف الوزارات والجهات الرسمية والأمنية المعنية، بهدف استيضاح خلفيات القرار ودوافعه وأسبابه، ومحاولة العمل على حل أية إشكالات أو ملاحظات قائمة، أو على الأقل البحث في البدائل الممكنة، إلا أن دوافع قرار الإخلاء ما تزال مجهولة حتى الآن، كما لم تُقدّم أي جهة رسمية لبنانية تصوّراً للبدائل التي يمكن تأمينها للاجئين.
ثالثاً: التبعات الإنسانية لقرار الإخلاء:
يُنذر قرار إخلاء مركز إيواء “الريحانية” بإلحاق كارثة إنسانية باللاجئين القاطنين فيه، وغالبيتهم من الأطفال والنساء، نظراً لعدم وجود أي مأوى بديل يمكن لهم الذهاب إليه، وخصوصاً مع حلول فصل الشتاء، وفي ظل الحالة المادية المتردية للاجئين، وعدم امتلاكهم لأي مورد رزق، وفي ظل توقف المؤسسات الدولية والمحلية المانحة عن تقديم مساعدات مالية للاجئين كبدل سكن يتيح لهم استئجار مساكن.
إن تأمين مسكن لائق بديل لهذا العدد الكبير من اللاجئين ضمن المهلة المعلنة يُعد أمراً بالغ الصعوبة، حيث أن إقامة المخيم استغرقت قدراً كبيراً من الوقت والمال والجهد.
إن من شأن تشريد اللاجئين دون تأمين بديل واضح لإيوائهم أن يعرّض أمنهم الفردي للخطر، كما أنه يزيد من فرص تعرّض الأطفال والنساء للاستغلال.