مع انطلاقة عهد سياسي جديد طالما تطلّع إليه اللّبنانيون، بجميع طوائفهم وأطيافهم، وفي اوّل عيد للاستقلال في ظلّه، يجدّد “الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان” (أوسيب) آماله بأن يبلغ البلد الصغير ملء قامته بين البلدان، وطناً للرسالة الإعلامية والإنسانية، كما شاء روّاده وشهدت له أعلى المرجعيات الروحية والثقافية في العالم.
في هذه المناسبة الوطنيّة يهمّ اتّحادنا أن يجدّد تمنيّاته، خاصّاً بالذكر شهداء المؤسسات العسكرية والأمنية، وشهداء الصحافة والوسائل الإعلامية كافّة، الذين بسلاحهم الشريف وأقلامهم الحرّة عملوا على تحرير الوطن متصدّين لجميع أشكال الاحتلال والهيمنة على الأرض كما في النفوس، ليبقى لبنان وطن الانسان والتنوّع والديمقراطية التي تعترف بجميع مكوّناتها، ولا تستبعد أيّاً منها عن المشاركة والعيش معاً، على أساس من التوازن والعدالة بين الجميع.
كما يهمّ الاتحاد في “سنة الرحمة” هذه أن يذكّر بأهميّة العلاقة بين هذه القيمة الإنسانية ووسائل الاعلام، كما أوصى بها قداسة البابا فرنسيس في رسالة له حول هذا الموضوع، حيث لفت إلى أهميّة عيش الرحمة في جميع وسائل الاعلام، بما لها من “القدرة على بناء الجسور وتشجيع اللقاء والاندماج”، ولاسيّما في مثل هذه الظروف التي يمرً بها لبنان، ودول المنطقة والعالم من نزاعات وحروب حيث تنهار الجسور وترتفع الجدران، وتتأجج نيران عدم الثقة والخوف والكراهية وازدراء الحياة والبيئة.
في ظل هذه الأوضاع المؤلمة التي يذهب ضحيتها الضعفاء والفقراء والأبرياء، نتيجة أعمال العنف التي تبلغ أحياناً حدّ الإبادة الجماعية في عدد من البلدان، وقريباً منا، تقوم بعض وسائل الاعلام والتواصل، ولاسيّما منها قنوات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي، بزرع بذور التفرقة العنصرية والدينية، وتدمير القيم والتقاليد الإنسانية التي لا بدّ منها في قيام كل حضارة.
إنّ الاستقلال الحقيقي لا يعني الانفصال عن الجوار الجغرافي، والتحرير من الاحتلال والوصايات فحسب، بقدر ما يعني تحرير الانسان من كل ما يهدّد وجوده وكرامته وحقوقه العادلة.
لذلك يأمل الاتحاد في مطلع هذا العهد أن يولي وسائل الاعلام والتربية على الاعلام وبواسطة وسائل الاعلام الحديثة في مختلف القطاعات عنايته القصوى، لأنّه لا حياة ديمقراطية حرّة وعادلة، من دون بيئة إعلامية حديثة وسليمة تواكب الصحافة التقليدية والتطورات التقنية الرقمية في الدوائر الحكومية والتربية والتعليم وغير ذلك من مجالات اللقاء والحوار بين أبناء الوطن الواحد، كما بين الدول في “القرية الكونية”.
كما يأمل الاتحاد أن تولي الحكومة العتيدة والهيئات التشريعية عناية خاصّة بالقوانين التي تنظّم الاعلام ولا تلغيه، بما يوفّر لها وللعاملين فيها مواكبة للتعيينات العصرية، ويرسم لها أطرها الاخلاقية والأدبية، بما يحفظ للجهات المرسلة كما للجهات المرسل إليها حقوقها، ويرسم لها ضوابطها، لتبقى محافظة على المستوى المطلوب من الرقي الإنساني، والمواطنية المسؤولة.