بعد 34 عاما على الجريمة المروعة التي اودت بحلم الجمهورية وغيّرت مسار تاريخ بلد بأكلمه، يعاد فتح ملف اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميّل في المجلس العدلي لمحاكمة المجرمين والفاعلين.
تلك الخطوة ايجابية في ظل كل ما نشهده من تعتيم على الجرائم السياسية وعمليات الاغتيال الذي حصلت على مرّ تاريخ لبنان الحديث فالقضية التي شغلت الرأي العام اللبناني طوال سنوات عدة ستعود الى مسارها القضائي الطبيعي بعد كل تلك السنوات.
فما أهمية إعادة فتح هذا الملف؟ خصوصا بعد فرار حبيب الشرتوني المتهم الرئيسي بالقتل من السجن عام 1990 مع دخول الجيش السوري الى بيروت؟
مكتب الجميّل: نريد الحقيقة
المكتب الإعلامي لعضو كتلة “الكتائب” النائب نديم الجميّل يؤكد لـIMlebanon أن “أهمية إعادة فتح الملف هو إعادة الثقة للقضاء اللبناني لان القضاء خلال 34 عاما تحرك بفترة معينة لكي يصدر القرار الظني، ولكن بسبب الاحتلال السوري والتسلط على كل السلطات خلال وجود الجيش السوري بلبنان لم يستطع القضاء إكمال عمله كما يجب ويستدعي المتهمين والمجرم”.
ويضيف أن “هناك عدة قضايا مطروحة على المجلس العدلي من اغتيال بشير الجميّل الى اغتيال الرئيس رينيه معوض والاغتيالات الاخرى التي تمت من العام 2005 ولكن اهمية هذه المسألة هي اعادة الثقة للناس بالقضاء وذلك عبر اعطاء كل شخص حقه واظهار الحقيقة فالشعب يهمه معرفة الحقيقة”.
إدمون رزق: رمزية الملاحقة هامة
من جهته، يرى الوزير السابق ووكيل عائلة الجميّل النائب السابق إدمون رزق في حديث لـIMlebanon أن “أهمية اعادة فتح ملف اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميّل “رمزية” بعد كل ما مررنا به خلال 34 سنة بحيث كانت المؤسّسات معطلة والقضاء اللبناني مغيّباً ومستباحاً، وما زال يحاول القيام بالحد الادنى من مهامه مع العلم ان ثمّة دعاوى وقضايا أخرى مطويّة ومنسيّة، لأن العدالة في لبنان منتقصة وغير مؤمنة وما زال القضاء يواجه معاناة كبيرة بسبب الاعاقات التي اصابت الجمهورية”.
ويضيف رزق: “اعتقد اليوم ان العودة الى المحاكمات لها رمزيتها، خصوصاً أن الوقائع مثبتة في الملف وهو مكتمل والمحقّق العدلي انجز عمله، واصدر قرار الاتهام، لكن لم تعقد جلسات محاكمة فعلية منذ العام 1982، والقضية لم تتابع بسبب وطأة الاهمال والقمع والمنع، وثمة نوع من الجرائم كان من المحرّم ملاحقتها”.
عماد واكيم: الملف كامل!
أما القيادي في حزب “القوات اللبنانية” عماد واكيم، فيشدد في حديث لموقع IMlebanon على ان “اعادة فتح الملف مسألة مهمة على مستوى العدل فلا يجوز اي مواطن ان يتعرض لعملية اغتيال ولا يتم معاقبة الفاعل، خصوصا أن الشيخ بشير لم يكن اي مواطن عادي بل كان رئيسا للجمهورية منتخب وبالتالي هذه الجريمة سياسية من اجل تغيير مجرى الامور سياسيا، وهي اثرت على مسار تاريخ وطن بأكمله”.
ويرى واكيم ان “الملف كامل والجميع يعرف ان المجرم حبيب الشرتوني كان موقوفا في سجن رومية ولكن الجيش السوري قام بتهريبه في 13 تشرين الثاني 1990، ونحن هذه المسألة تعني لنا كثيرا ومن المفترض ان يكون هناك احقاق للحق وان يتم القاء القبض على الفاعل ومحاسبته هو ومن يقف وراءه”.
“ليس اول اغتيال يقوم به القومي”
اما عن المتهمين في القضية وما اذا كان يمكن لتلك القضية اعادة توتير الجو في البلد، فيعتبر المكتب الإعلامي للنائب الجميّل ان “موقفنا من الحزب القومي السوري معروف، واغتيال الرئيس الجميّل ليس اول اغتيال ينفذه، وبدأ الامر بمحاولة اغتيال مؤسس الحزب بيار الجميّل عام 1936 حين اطلق النار عليه في منطقة الجميزة، وعملية اغتيال رئيس الوزراء رياض الصلح، بالإضافة الى تنفيذه عدة عمليات اغتيال خلال الحرب ومشاركته مع السوريين بقصف المناطق الشرقية بوقتها، فهذا الحزب عقيدته ومواقفه غير لبنانية وعلى القضاء ان يأخذ قرارا بهذا الموضوع”.
أما في ما يتعلق بجلب المجرم حبيب الشرتوني، فيوضح المكتب أن “هناك مذكرة قضائية بتوقيفه وهو ليس موجودا في لبنان وفي فترة من الفترات كان في سوريا”، ويشير الى أن “المحرض الاساسي في تلك العملية هو نبيل العلم المسؤول الامني في الحزب ما يعني ان الحزب هو الذي امر بتلك العملية، لذلك يجب محاسبة الحزب بالإضافة الى المنفذ حبيب الشرتوني الذي رقي بعد تنفيذه العملية”.
وفي ما يخص مدة العقوبة، يؤكد المكتب الإعلامي أن “القضاء هو من يقرر مدة العقوبة وعليه ملاحقة الامور واصدار حكمه المبرم بهذه العملية”.
هل يحَل “القومي”؟
وعن امكانية طرح مسألة حلّ الحزب القومي السوري الاجتماعي، يقول واكيم: “اذا كان هناك امر حزبي مباشر بتفيذ العملية وحسب القوانين اللبناني اقل شيء هو الحلّ ولا يجب الاكتفاء بمحاسبة حبيب الشرتوني بل من يقف وراءه اي حزب القومي السوري ومن وراء الحزب القومي اي النظام السوري، فأي طرف يظهر له يد يجب ان يحاكم ان كان شخصا او حزبا باكمله او نظاما فيجب اتخاذ التدابير اللازمة لاظهار الحق”.
ويضيف ان “هناك تخوفا من الحجج التي قد تظهر بأن حبيب الشرتوني لانه كان يقاتل في سوريا تعرض للقتل او انتحر او توفي وذلك لكي يفلت من العقاب”.
وفي ما يتعلق بمسألة العقوبة، يشير واكيم الى أن “القضية عند المجلس العدلي وهو الذي سيقرر وفق اي مادة وحسب قانون العقوبات، ولكن الحكم بالتأكيد سيكون بين المؤيد والاعدام”.
حظر على ملاحقة جرائم
أما رزق، فيلفت الى أن “هناك قراراً اتهامياً اصدره المحقّق العدلي، فكل الاجراءات الاولية مكتملة ولكن المحاكمة لم تبدأ والجمعة 25 تشرين الثاني 2016 ستعقد اول جلسة بعد 34 عاما من عملية الاغتيال وتضم عشرات الافرقاء، وهناك معاملات يجب استكمالها لتشكيل الخصومة”.
ويشدد رزق على أن “للموضوع طابعاً رمزياً خصوصاً بعد التعطيل الذي كان القضاء اللبناني يعاني منه لانه لم يكن ثمة أي ضمانة للقاضي عند اصدار اي حكم، وحتى القضاة الخمسة الذين استشهدوا ليس في ملفهم شيء يُذكر حتى الساعة، كما ان الشهيد بيار الجميّل بعد 10 سنوات على اغتياله ليس هناك اي كلمة في ملفه، وهذه الملفات متروكة وكأن هناك حَظْراً على ملاحقة تلك الجرائم”، وهذا ينطبق على قضايا كثيرة خصوصاً الاغتيالات.
العدالة والدولة
وعن مصير الملفات القضائية الأخرى، يرى مكتب النائب نديم الجميّل انه “اذا كانت العدالة مفقودة باي بلد فيكون هذا البلد ناقص، فالدولة بسلطتها التنفيذية والتشرعية لا تكتمل من دون السلطة القضائية التي تعيد الهيبة للدولة، واذا اعطينا القضاء القوة والدعم عبرر سحب التدخل السياسي لكي يحكم باسم الشعب اللبناني عندها يمكننا التوصل الى نتائج ايجابية في كل الملفات العالقة، بدءا من ملف كمال جنبلاط والمفتي خالد مروا بملف رينيه معوض وداني شمعون وصولا الى شهداء ثورة الارز”.
اما واكيم فيشدد على ان “مشروعنا الاساسي هو بناء الدولة اللبنانية، فلا يمكننا بناء الدولة من دون تحقيق العدالة ونعرف ان رئاسة الجمهورية تعني توجه سياسي عام ومحاربة فساد بشكل عام وليست مسؤولة مباشرة على المجلس العدلي ولكن بامكانها تشكيل ضغط معنوي باتجاه احقاق الحق، واملنا كبير ونطلب من العهد الجديد الضغط باتجاه هذا الموضوع، ولا يمكن لاي دولة قوية ان تبنى اذا قضاؤها ليس عادلا”.
من جهته، يأمل رزق أن “يوفي العهد الجديد بخطاب القسم وخطاب الاستقلال ويطبق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني ويحيي المؤسسات ويتصرف بحسب ما هو منتظر منه بدءا بتشكيل فريق عمل مؤهل لمساعدته ومواكبة النهوض، لأن البلد على شفير كارثة عامة”.