كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:
يسير الواقع اللبناني بـ “سرعتيْن غير متوازيتيْن”، واحدة خارجية تبدو “مستعجلة” على تلقُّف الانطلاقة الجديدة التي يشكّلها طيّ صفحة الفراغ الرئاسي، والثانية داخلية تتحكّم بها “مكابح” ذات صلة بصراع الأحجام السياسي الذي يطلّ في جانب منه ايضاً على بُعد اقليمي، كما بعملية “تصفية حسابات” ترتبط بشقيْن: الاول ذيول الانتخابات الرئاسية ورفض بعض الأطراف وصول العماد ميشال عون، والثاني التفاهم بين القطبيْن المسيحييْن، اي عون وحزب “القوات اللبنانية” الذي شكّل معطى جديداً أربك الحلفاء كما الخصوم.
وفي سياق الاحتضان الخارجي ولا سيما الخليجي للواقع اللبناني الجديد، برزت امس زيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت حاملاً رسالة تهنئة من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى عون ودعوة له لزيارة الدوحة، استتبعها بلقاءات مع كل من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام ثم وزير الخارجية جبران باسيل قبل ان ينهي يومه بلقاء مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي أولم على شرفه.
وجاءت هذه الزيارة بعد يومين من المحطة البارزة للموفد السعودي الملكي أمير منطقة مكة الامير خالد الفيصل الذي كرّست لقاءاته في بيروت قراراً مشتركاً بفتح صفحة جديدة في العلاقات، بالتوازي مع رغبة سعودية واضحة بعودة “العين” على لبنان وتوفير مظلّة خليجية وازنة للتسوية الرئاسية – المحلّية المرتكز – التي أوصلتْ عون (المدعوم من “حزب الله” وايران) الى القصر الجمهوري وأعادت الحريري بما يمثّله من امتداد للتأثير السعودي الى رئاسة الحكومة، وإن كان النجاح بتشكيل الحكومة يبقى المؤشر الفعلي الى ان البلاد وُضعت فعلياً على سكّة “العزل” عن “ملاعب النار” بالمنطقة.
وترافقتْ زيارة الوزير القطري، الذي أشار الى “القرارات الشجاعة” بانتخاب عون وإنهاء الفراغ الرئاسي آملاً ان تكلل الجهود بتشكيل الحكومة ومستذكراً دور بلاده في اتفاق الدوحة 2008 الذي أنهى الفراغ الرئاسي حينها “وفق مبادئ اتفاق الطائف”، مع استمرار المساعي لاستيلاد الحكومة الجديدة بعدما أخذت دفعاً في “الخلوات” التي واكبت عيد الاستقلال اول من امس.
وفيما أوحى رئيس البرلمان يوم امس بأجواء ايجابية مع أمل بأن يجري “تفكيك العقد الصغيرة المتبقية” في أسرع وقت، فإن مصادر على صلة بملف تشكيل الحكومة أبدت عبر “الراي” حذَرها حيال توقُّع اي تطورات حاسمة في مسار التأليف قبل الاسبوع المقبل، ملاحِظة ما يشبه لعبة “بينغ بونغ” لجهة تبادُل رمي كرة التعقيدات بين أكثر من طرف، ولافتة الى مستوييْن من العثرات:
الأول “سياسي مبدئي” ويتّصل بـ “نقزة” الثنائي الشيعي، “حزب الله” وحركة “أمل” من تحالف عون – القوات اللبنانية ورغبتهما في تقليص الحجم الحكومي للأخيرة، وهو ما يقابله الثنائي المسيحي بثبات حتى الساعة على تفاهمهما الذي يعتبرانه عنصر توازن ضمن اتفاق الطائف، وسط اعتبار أوساط مواكبة لمسار التأليف عبر “الراي” ان هذا الثنائي يسعى لتكريس اعتراف بصلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة بإدارة مسار التأليف، لافتة الى “ان المشكلة في هذا السياق ليست مع فريق بعينه ولا على حقيبة او أخرى بقدر ما هي على”نوعية الإصرارات”التي يجب ان تتمحور حول تسهيل مهمة عون والحريري عوض التمسك بحقيبة محدَّدة او بأخرى”. والمستوى الثاني يتعلق بالحقائب محور التجاذب، وسط معلومات عن انها باتت محصورة بالأشغال والصحة والتربية مع إصرار بري على ان يتمثّل النائب سليمان فرنجية (المردة) بحقيبة أساسية من ضمن حصة التمثيل المسيحي.
واذ اشارت معلومات الى ان “القوات اللبنانية” لم تكن تبلغت رسمياً بعد ايّ طرح حول مبادلة “الأشغال” التي كان حُسمت لمصلحتها بالصحّة نتيجة تمسُك برّي القاطع بالأشغال، فإن تقارير تحدثت عن أكثر من عملية “محاكاة” تجري لتبديلات بالحقائب من ضمن صيغة حكومة الـ 24، وفي ظل ملامح ليونة من رئيس الجمهورية حيال احتمال التخلي عن وزير شيعي من حصّته. علماً ان بعض الدوائر أشار الى عمل متوازٍ يجري على صيغة حكومية من 30 وزيراً، ولكن من شأنها معاودة المفاوضات الى المربع الاول لتحديد معايير التمثيل السياسي الطائفي وقواعده.