Site icon IMLebanon

لبنان أمام “لغز” استرهان ولادة الحكومة الجديدة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يطبع الجمود المتحكّم بعملية تأليف الحكومة الجديدة في لبنان المشهد الداخلي بطابع غريب لا يجد المعنيون السياسيون ما يقنع الرأي العام الداخلي بتبريراته.

اذ ان تبرير التأخير في التوصل الى إنجاز التشكيلة الحكومية على مشارف نهاية الشهر الأول من عمر عهد الرئيس ميشال عون يُعدّ نظرياً امراً معقولاً قياساً بتجارب سابقة تجاوزت فيها عمليات تأليف حكومات الأشهر العشرة. ولكن الامر لا يبدو مقنعاً في الواقع الراهن الذي تشكل فيه الحكومة العتيدة اولى حكومات عهد الرئيس عون، كما في ظل إنجاز أكثر من تسعين في المئة من تذليل العقبات التي تحول دون ولادتها وتوقف دوران عملية التأليف عند المئة متر الأخيرة من الماراثون الحكومي.

ومنذ يوم الخميس الماضي تقريباً لم يحصل أي تطور او أي تقدُّم في المشاورات والاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري والتي توقفت عند عقدتين أولاهما الحقيبة الوزارية لـ “تيار المردة” (بزعامة النائب سليمان فرنجية) وحسْم النزاع على مصير حقيبة الأشغال بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب “القوات اللبنانية”. وفيما انصرف الحريري في اليومين الاخيرين الى الاهتمام بأعمال المؤتمر العام الثاني لـ “تيار المستقبل” الذي عُقد في مجمع البيال في حضورٍ كثيف ضم مدعوين من أحزاب عربية واجنبية عدة، أمِلت الاوساط القريبة من عملية تأليف الحكومة في ان تستعاد حيوية المساعي لإقفال ما تبقى من ثغر وعقد في الايام القليلة المقبلة من دون ان تجزم بأي مهلٍ محتملة.

ولكن لوحظ ان هذه الاوساط نفت تكراراً ما تَردد في الايام القليلة الماضية من ان يكون رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في صدد وضع الجميع أمام أمر واقع يخلط أوراق التأليف اذا مرت نهاية الشهر الحالي من دون ولادة الحكومة بالصيغة المطروحة سواء بالنسبة الى حجمها اي تركيبة من 24 وزيراً، او بالنسبة الى توزيع الحقائب الوزارية. وشددت على ان التوصل الى انجاز معظم التركيبة صار المدماك الذي يصعب التراجع عنه وان كلاً من الرئيس عون والرئيس الحريري لا يزالان يعتبران ان التعقيدات المتبقية هي في اطار معقول جداً ما دام لم يمر شهر واحد بين تكليف الحريري والمرحلة الحالية، بما يبقي الهامش متاحاً جداً لانجاز العملية ضمن وقت مقبول.

كما ان زواراً عديدين لقصر بعبدا في الأيام الأخيرة نقلوا عن الرئيس عون توقعه إنجاز التشكيلة الحكومية هذا الاسبوع تحديداً. ومع ذك فان بعض المؤشرات التي برزت في عطلة نهاية الاسبوع أبرزت تحكّم عقبة الاتفاق على الحقيبة التي ستعطى الى النائب سليمان فرنجية تحديداً كأنها بمثابة الخط الفاصل في شدّ الحبال الجاري من خلال اصطفافات سياسية جديدة بدأت تتصاعد معالمها مع “نقزة” الفريق الذي يتولى الرئيس بري التفاوض باسمه. واتخذت هذه الخلفية بُعداً ودلالة من خلال ذهاب بعض الأوساط الوثيقة الصلة بهذا الفريق الى عدم استبعاد استمرار التعثر في ولادة الحكومة الى ما بعد عيديْ الميلاد ورأس السنة الجديدة، وهو أمر في حال حصوله سيرتّب ما يشبه صدمة عنيفة للعهد والرئيس المكلف. بل ان بعض المعنيين توقف عند ما أعلنه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لدى زيارته قبل يومين رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام من ان عملية التأليف لا تجري بما يتآلف وشعار “التغيير والاصلاح”.

والحال ان مجريات التعقيدات الماثلة امام استكمال تأليف الحكومة بدأت تثير الكثير من التشابك بين اتهامات لفريق ما كان يسمى بـ “8 آذار” القريب من النظام السوري وايران بالعمل على عرقلة مهمة الرئيس الحريري او تعطيلها وبين اتهامات لتحالف “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بأنه يسعى الى إحداث واقع جديد من خلال الحكومة من شأنه قلب موازين القوى داخل الحكومة. وهو امر لن يكون ممكناً حسْمه قبل بلورة الاتجاهات التي سيعتمدها الرئيس المكلف الاتفاق مع رئيس الجمهورية متى تجاوزت عملية التأليف الهامش الزمني المعقول في الاسبوعين المقبلين وقبل حلول عيد الميلاد بالتأكيد.