اكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان مركزية الصراع الداخلي اليوم تتمحور حول العهد، الذي نريده جديدا بكل ما للكلمة من معنى، في حين ثمة من لا يريد عهداً جديداً بل استمراراً للعهود القديمة وفي شكل خاص ذاك الذي ساد إبان عهد الوصاية بكل مفاهيمه، مشددا على اننا لن نألو جهداً في دعم هذا العهد والعمل بكل ما أوتينا من قوة ليكون عهداً جديداً بالفعل.
جعجع قال في حديث لـ”المركزية” ان ما يجري على مستوى تشكيل الحكومة من تنازع على الحصص والحقائب هو الوجه المبطّن لاستهداف التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ونحن على يقين منذ اللحظة الاولى ان المسألة أبعد من توزيع حقائب، هي ممارسة معينة سُميت في حقبة زمنية معينة “ترويكا” حينما كان عهد الوصاية يوجه بوصلته آنذاك نحو شرذمة السلطة اللبنانية بكل ما اتيح له من مجالات لمنع قيام الدولة اللبنانية فعلاً فتتمكن سلطة الوصاية من الاستمرار. كل هذا لم يعد ممكناً راهناً، خصوصاً مع العهد الجديد حيث الدولة لن تقوم الا استناداً للدستور، دستور الجمهورية اللبنانية الشديد الوضوح في هذا الاتجاه. رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يشرفان على تشكيل الحكومة، وهو ما يحاول فعله الرئيسان عون والحريري منذ نحو شهر، لكنه على ما يبدو لا يروق للبعض، فيواجه الممارسة الجديدة للعهد وتطبيق الدستور لبناء الدولة بالعرقلة.
واكد جعجع أن اقصى امنياتنا ان يتوسع بيكار محور بعبدا – معراب- بيت الوسط ليشمل عين التينة والضاحية، علماً ان “نجمة” هذا المحور الدائمة هي الحزب التقدمي الاشتراكي. بيد ان البقاء ضمن شروط اللعبة التي طبقت منذ نهاية الحرب اللبنانية وحتى العام 2005 لم يعد جائزاً ولا مقبولاً ولا ممكناً. عهد الوصاية انتهى الى غير رجعة، نافياً اي نية لالغاء او اقصاء اي فريق سياسي، عهد الدولة المستندة الى الدستور انطلق واهلا وسهلا بكل راغب في الانضمام اليه.
وفي ما يتصل بالسياسة الخارجية للعهد واستراتيجيته في شكل عام، قال جعجع: بديهي ان يمثل اي رئيس جمهورية، الجمهورية كلها وليس فريقاً سياسياً، هو رمز البلاد ومسؤول عن سلامتها وسيادتها، ما يوجب على كل لبناني ان يشجع الرئيس عون في السياسة التي ينتهجها والتي أدت في وقت قياسي الى ترميم جزء لا بأس به من علاقات لبنان الخارجية. ونسأل هنا البعض، ما المطلوب، هل استمرار العلاقات مأزومة ومتوترة مع الخارج؟ اذا كان هذا مطلبهم نحن لسنا معه. واعتبر ان زيارة وزير خارجية ايران للبنان وتقديم التهاني للرئيس عون خطوة لمصلحة لبنان، تماماً كما ان زيارة الموفد السعودي ووزير خارجية قطر مكسب للبنان. وقال: ان محاولة وضع رئيس الجمهورية في محور معين او حشره في زاوية محددة لهو موضع استنكار وشجب من جانبنا. رئيس الجمهورية للبنان عموماً وليس لأي أحد آخر.
واذ اعتبر ان التوازنات اللبنانية الداخلية أقوى من اي تطور اقليمي في سوريا او غيرها، ادرج ما يحصل لجهة تعطيل تشكيل الحكومة في سياق محاولات تطويع العهد منذ انطلاقه من خلال رسائل توجه اليه، بأن من يشكل الحكومة ليس رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بالتفاهم مع سائر القوى السياسية بل فريق ثالث، وهذا منطق غير مقبول. لبّ المشكلة هنا: من يشكل الحكومة؟ وتوقّع الا يطول مخاض التشكيل لان استباحة الوقت ليست في قاموس الرئيسين، فاذا ما تبين ان لا حلول في الافق ،الحل الدستوري موجود وهناك ميل لحكومة دستورية.
وأكد ان الرئيس سعد الحريري يبذل أقصى جهوده لازالة العقبات وعقد اجتماعاً مع وفد تيار “المردة” في هذا الاطار، آملا الا يقبل النائب سليمان فرنجية ان يضعه اي فريق سياسي في الواجهة لعرقلة التشكيل وخوض معارك لا تخص فرنجية، ولا اعتقد انه في هذا الوارد.
اما الحصة الوزارية للقوات اللبنانية، فأكد جعجع انها رست بعد التنازل عن الحقيبة السيادية تسهيلاً لعمل رئيس الجمهورية في بداية عهده كما الرئيس المكلف، علماً ان ليس منطقياً عدم اسناد “سيادية” الينا، على نيابة رئاسة مجلس الوزراء وحقائب الاشغال والاعلام والشؤون الاجتماعية والسياحة، وهي تسوية مقبولة نسبياً.
واستغرب جعجع ربط تعطيل الحكومة بمحاولة الابقاء على قانون الستين الانتخابي سائلا من يريد هذا القانون، اذا كنا المقصودين فنذكر من يهمه الامر بأننا نناضل منذ ثماني سنوات وماضون للوصول الى قانون جديد، ومثلنا التيار الوطني الحر، من المقصود اذا؟ في مطلق الاحوال، ان هامش الاختلاف بين القوى السياسية ضاق الى درجة بات معها الاتفاق على قانون انتخابي اثر تشكيل الحكومة العتيدة، متوقعا ليكون اول انجاز في سجلات العهد الجديد، خصوصا اذا ما توافرت النية السياسية.