كتب بسّام أبو زيد
تقف الثنائية المسيحية المتمثلة بـ”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” أمام خيارين: إما مواجهة الثنائية الشيعية المتمثلة بـ”حزب الله” وحركة “أمل”، وإما التوصل إلى تسوية معها لا سيما وأن الثنائية الشيعية تتحدث في العلن عن أنها بذلت الغالي والترخيص كي تقف إلى جانب الرئيس ميشال عون وصهره الوزير جبران باسيل و”التيار الوطني الحر” ككل، ولكنها تتجنب في المقابل الإشارة إلى وقوف العماد عون وتياره وجمهوره إلى جانب هذه الثنائية ولا سيما “حزب الله” وتغطيته في مفاصل وحوادث هامة تبدأ من حرب تموز واعتصام وسط العاصمة مروراً بـ 7 أيار وصولا إلى الاستقالة من حكومة الرئيس الحريري من دارة العماد عون وإلى تغطية مشاركته في الحرب السورية.
عندما عاد العماد عون إلى لبنان في أيار من العام 2005 خاض الانتخابات النيابية في مواجهة التحالف الرباعي ومسيحييه، فحصد المواقع النيابية والأكثرية الشعبية المسيحية وذهب إلى تفاهم مار مخايل من موقع القوة والندية لـ”حزب الله” الذي كان بحاجة ماسة لهذا التفاهم منعا لعزله ولإكسابه تغطية مسيحية لم يتوقعها يوما.
هذه التغطية المسيحية لـ”حزب الله” والتي وفرها العماد عون، كان من الطبيعي والمنطقي ومن باب الوفاء المتبادل أن يكافىء عليها “حزب الله” الجنرال بانتخابه رئيسا أولا وبتشكيل الحكومة ثانيا. ومن غير المنطقي وغير الطبيعي أن يطلب “حزب الله” من الرئيس عون مكافأة حلفاء الحزب وبعضهم وقف بقوة ضد انتخابه.
لقد كان الرئيس عون إيجابيا إلى درجة كبيرة عندما وافق على حكومة الوحدة الوطنية التي تضم الجميع، رغم إدراكه أنها قد تكون وسيلة للتعطيل، إلا أنه تفاجىء بأن التعطيل سبق ولادة الحكومة ليبدأ مع عملية تشكيلها في محاولة لإحراج رئيس الجمهورية وإخراجه من خلال الضغط على الرئيس المكلف سعد الحريري للقبول بإعلان حكومة الأمر الواقع، وهو أمر لن يقدم عليه لاسيما وأنه سيزيد من الشرخ الشيعي السني، رغم علمه بأن الرفض قد ينعكس سلبا أيضا على علاقته بالثنائية المسيحية.
إن الثنائية المسيحية مطالبة في هذا الظرف بالتماسك أكثر فأكثر وتعزيز مواقعها المسيحية مع الأطراف المسيحية الأخرى، وهو أمر ممكن أن يحصل في حال توفر النيات لدى الطرفين، كما مطلوب منها أن تواجه الأطراف والثنائيات الأخرى بالعقل والمنطق والتضحيات المقبولة. فالمسيحيون على مر عقود مضت كانوا يربحون معركة هنا ومعركة هناك ولكنهم في المقابل خسروا الحرب. واليوم تتجسد فرصة جديدة أمامهم لربح حرب بناء الدولة والوطن، والمطلوب ألا يخسروها بنشوة نصر في معركة من هنا ومعركة من هناك.