Site icon IMLebanon

الانتخابات النيابية هي المعركة السياسية الفعلية

 

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

لا جديد ولا اختراق في معركة تشكيل الحكومة التي دخلت على ما يبدو «مرحلة عض أصابع» ومن يقول «آخ» أولا ويقدم التنازل.

من حيث المبدأ، ووفق النص الدستوري، فإن عملية تشكيل الحكومة منوطة برئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولكن تشكيل الحكومات في لبنان خاضع على الأقل منذ العام 2005 لـ«قواعد ميثاقية» وتوازنات طائفية سياسية و«موازين القوى».

وبالتالي ليس في مقدور أي طرف تجاوز هذا الواقع والقفز فوقه والتسبب في أزمة سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات، إضافة الى اعتبارات سياسية تجعل أن الرئيس العماد ميشال عون ليس في وارد الاصطدام والخلاف مع حزب الله، وأن الرئيس المكلف سعد الحريري ليس من مصلحته الاصطدام والخلاف مع الرئيس نبيه بري.

والمسألة لم تعد مسألة حقيبة وزارية وإنما أصبحت مسألة كباش سياسي وتوازن وطني، ظاهر المشكلة «عقدة فرنجية» ولكنها أبعد وأشمل من ذلك.

مما لا شك فيه أن هناك رابطا بين الحكومة الجديدة والانتخابات النيابية المقبلة، أقله لناحية أن من يعزز موقعه في الحكومة يعزز فرصه في الانتخابات.

ومما لا شك فيه أيضا أن المعركة السياسية الفعلية ليست معركة الحكومة الانتقالية، وإنما معركة الانتخابات النيابية التي تعيد تحديد الأحجام والتوازنات وترسم الخارطة السياسية المقبلة، والفريق الأقوى في الانتخابات النيابية هو من يتحكم في مسارات المرحلة المقبلة وصولا حتى معركة رئاسة الجمهورية.

أي تأخير إضافي في إعلان الحكومة يتجاوز نهاية هذا العام يعني أن قانون الانتخابات الجديد سيكون «الضحية الأولى»، إذ سيكون من الصعب جدا في المهلة الفاصلة عن إجراء الانتخابات إقرار قانون جديد ووضعه موضع التطبيق، وستصبح الانتخابات في خطر ومحصورة عمليا بين احتمالين وخيارين:

٭ إما إجراء الانتخابات في موعدها على أساس قانون الستين.

٭ إما تأجيل الانتخابات «تأجيلا تقنيا» لوضع قانون جديد.

تيار المستقبل كشف ورقته مع كشف الوزير نهاد المشنوق انحيازه الى قانون الستين، وهو قال (في مؤتمر الإطار القانوني للانتخابات البرلمانية، وفي حضور ديبلوماسي عربي ودولي) إنه «ليس متفائلا بقدرة القوى السياسية على التفاهم على قانون انتخاب جديد خلال شهر أو شهرين. فما عجزت عنه هذه القوى خلال أعوام لن تستطيع الوصول إليه خلال شهرين».

وإذ ذهب أبعد في المكاشفة بتأكيده أن «قانون الستين مرفوض من كل الناس علنا وربما مرغوب فيه سرا عند الكثير من القوى السياسية»، أكد أن وزارة الداخلية «جاهزة لإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الستين».

النائب وليد جنبلاط كان السباق والأوضح في إعلان تأييده لاعتماد قانون الستين. وأما ما قيل عن تأييده للقانون المختلط (المتفق عليه مع القوات والمستقبل)، فإنه كان تأييدا «موقتا وعابرا» ومن باب التكتيك السياسي لأنه يعرف أن أي قانون آخر لن يعطيه ما يعطيه قانون الستين له من حصة نيابية وازنة تصل الى 11 نائبا.

المحور الشيعي، حزب الله وحركة «أمل» مع حلفائه، يضغط باتجاه قانون انتخابات جديد يقوم على أساس النسبية ويعول عليه لإعادة رسم خارطة نيابية جديدة تحد من حجم المستقبل وجنبلاط، أو بالأحرى تعزز من حجم هذا المحور الذي يدرك حاليا أن تطبيق قانون الستين في ظل الواقع السياسي الجديد والثنائيات المستحدثة، على أنقاض 8 و14 آذار، يمكن أن يؤدي الى أكثرية نيابية تابعة للفريق أو التحالف الرباعي الجديد، مع إمكانية انضمام جنبلاط الى ثلاثية «عون الحريري جعجع».

الفريق الشيعي، ولاسيما الرئيس بري، يكرر اطمئنانه الى أولوية قانون الانتخابات الجديد مستندا الى موقف الرئيس ميشال عون المؤيد لهذا التوجه، واستنادا الى ما التزم به في خطاب القسم، ومعتبرا أن هذه واحدة من نقاط التقاطع والتلاقي التي مازالت تجمع بينهما.

ولكن الفريق الشيعي متوجس من إمكانية حدوث تغيير في الموقف المسيحي، وباتجاه تأييد قانون الستين لهذه الدورة ومرة أخيرة واستثنائيا استنادا الى الواقع الجديد الذي يتلاءم مع قانون الستين ويجعل منه الخيار الأنسب لهذه المرحلة.

ويزداد التمسك بهذا القانون ويزداد الجنوح في اتجاه تحالفات جديدة كلما قويت الضغوط على العهد والحكومة، والتي تكاد تصل الى حدود الوصول الى الانتخابات مع حكومة تصريف الأعمال.

ومن الواضح أن قانون الانتخابات بات العنوان الأبرز للصراع السياسي في المرحلة المقبلة، وأن الموقف المسيحي الغامض من هذا القانون، مضافا الى الاشتباك الحكومي، بات سببا من أسباب النفور والتوتر المسيحي الشيعي.