كتب ملاك مكي في “السفير”:
“يا حرام مدري شو معو”، “إلبسي غلوفز! معو سيدا” “فتت لعند الحكيم، بكبلي الورقة بوجي وبقلي عندك “HIV” خليك إنت بحالك ونحنا بحالنا، قبع شوكك بايدك”، “ما بدن ياني يكون عندي “سيدا” وقاعد حدن بالمنطقة، بدن يطلعوني من المنطقة اللي قاعد فيها بالضيعة”.
تنقل مديرة البرامج في “جمعية العناية الصحية” ناديا بدران هذه النماذج من الانتهاكات التي يتعرّض لها المصابون بفيروس نقص المناعة البشري أو مرض “السيدا” في لبنان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده “البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في لبنان”، بالتزامن مع اليوم العالمي للإيدز.
يوثّق برنامج رصد حقوق الأفراد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري “Speak up” حالات اجراء بعض الجامعات في لبنان فحص “السيدا” قبل قبول التحاق الطلاب لديها، او حالات الطرد التعسفي وانتهاك الخصوصية وممارسة الضغط على المصاب لترك وظيفته، أو حرمان المتعايش من خدمات الرعاية الصحية في بعض المستشفيات أو المراكز الصحية أو العيادات الخاصة.
يركّز البرنامج الوطني، هذا العام، على شعار “الكرامة فوق كل اعتبار ـ أوقفوا الوصم والتمييز ضد المتعايشين مع فيروس الإيدز في المرافق الصحيّة” بهدف الحد من الوصم والتمييز تجاه المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري خاصة في المرافق الصحيّة. تتبنى وزارة الصحة العامة، وفق المدير العام للوزارة الدكتور وليد عمار، بيان السياسة العامة لـ“منظمة الصحة العالمية” الذي ينصّ على حق جميع المتعايشين مع فيروس “السيدا” بتلقي الخدمات الكاملة في مرافق الرعاية الصحية مثل غيرهم من المواطنين، ويعتبر واجبا قانونيا وأخلاقيا على مقدمي الرعاية الصحية الالتزام بهذه السياسة وتطبيقها. وتحدد ممثلة “منظمة الصحة العالمية” في لبنان الدكتورة غابريال ريدنر أسبابًا عدة لانتشار الوصم والتمييز في مواقع الرعاية الصحية في منطقة شرق المتوسط ومنها: المفاهيم الخاطئة عن طرق انتشار الفيروس، نقص في التجهيزات والأدوات، وقلة في التشريعات والسياسات الواضحة التي تضمن حقوق المصابين.
يصيب فيروس نقص المناعة البشري خلايا الجهاز المناعي ويؤدّي إلى تدهوره. ينتقل الفيروس عبر: العلاقات الجنسية غير المحمية (عبر المهبل أو الشرج)، أو ممارسة الجنس الفموي مع شخص يحمل الفيروس، أو عمليات نقل الدم الملوث بالفيروس، أو تبادل الحقن والأدوات الحادة الملوثة، وينتقل الفيروس أيضًا من الأم إلى الجنين أثناء فترة الحمل، أو عند الولادة أو إلى الرضيع عبر الرضاعة.
وتشمل سبل الوقاية من انتقال فيروس نقص المناعة البشري: استعمال الواقي الذكري أثناء ممارسة الجنس بطريقة صحيحة، استخدام الأبر الجديدة في حال تعاطي المخدرات عبر الحقن أو في حال وسم “التاتو” أو ثقب الجسد (piercing). وتستخدم الأدوية المضادة للفيروسات في علاج العدوى بفيروس الإيدز والوقاية منها.
تشير إحصاءات “البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في لبنان” الى تسجيل 108 إصابات جديدة بفيروس نقص المناعة البشري في العام 2016، منها 100 حالة عند الذكور و8 حالات عند الإناث. ويبلغ العدد التراكمي 2001 حالة. تسجل 46 حالة عند الفئة العمرية (15 ـ 29 عاما)، و28 حالة (30 ـ 49 عاما)، و7 حالات فوق الخمسين من العمر، و26 غير محدد.
وتشكل العلاقات الجنسية غير المحمية السبب الرئيس للانتقال (76 حالة)، مع تسجيل 51 حالة عند المثليين الجنسيين. يحقق لبنان إنجازا في عدم تسجيل أي إصابة جديدة بواسطة نقل الدم، أو بواسطة تعاطي المخدرات عبر الحقن، أو من الأم المصابة الى المولود الجديد.
ويشير مدير البرنامج الدكتور مصطفى النقيب الى انخفاض الإصابات عند الإناث في لبنان بسبب رفع الوعي في شأن الوقاية، والى ارتفاع عدد الإصابات عند الفئة العمرية التي لا تتجاوز الثلاثين عاما بسبب التشخيص المبكر للإصابة، والى ان لبنان يشهد ثباتا في عدد الإصابات منذ السنوات الماضية فعلى سبيل المثال، كان عدد الإصابات الجديدة، في العام 2011، 109 إصابات.
وتماشيًا مع البروتوكول الجديد لـ“منظمة الصحة العالمية”، يمنح البرنامج، اليوم، العلاج الثلاثي مجانا لكلّ من يتمّ تشخيصه بأنّه حامل للفيروس، فيبلغ عدد متلقي العلاج 980 شخصًا، منهم 150 مستفيدًا جديدًا في العام 2016، من جميع الجنسيات الموجودة على الأراضي اللبنانية. ويشير النقيب إلى أن عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري يبلغ عالميا 36.7 مليون شخص، وعدد الأطفال دون الـ15 عاما 1.8 مليون. وتشير “منظمة الصحة العالمية” الى انخفاض عدد الإصابات الجديدة سنويا في العالم بنسبة 35 في المئة منذ العام 2000.
من جهة أخرى، يقوم مركز الصحة الجنسية “مرسى” بحملات توعية في شأن سبل انتقال فيروس نقص المناعة والأمراض الجنسية الأخرى، وبتقديم الدعم النفسي والطبي للمصابين الذين يواجهون، وفق عضو المركز طلال درجاني، مشاكل في الوصمة والتمييز وفي التوقف عن العمل وفي توقيف التأمين الصحي.