كتبت صحيفة “السفير”:
عاد وزير الخارجية جبران باسيل من رحلته الخارجية الميمونة، وعادت إلى العمل محركات التأليف الحكومي، وسط تفاؤل نسبي بالحصول على أجوبة جديدة في هذا الملف، خلال ما تبقى من الأسبوع الحالي، كما جاء حرفيا في مقدمة النشرة الإخبارية لمحطة “او. تي. في”.
وعلم أن باسيل، فور عودته، تواصل مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، من خلال مدير مكتب الأخير نادر الحريري. كما فتحت الخطوط أيضا بين العائد وقيادة “حزب الله” التي ظلت على تواصل مستمر مع حلفائها وخصوصا الرئيس نبيه بري ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، فيما بعث رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، أمس، برسالة الى بري أبلغه فيها أن أي محاولة لفرض حكومة تحد (أمر واقع) هي بمثابة عملية انتحارية للعهد منذ شهره الأول.
واللافت للانتباه أنّ الاهتمام بملف الانتخابات النيابية تقدم في الساعات الأخيرة على ملف التأليف الحكومي، برغم التداخل العضوي بين الملفين، خصوصا أن من يريد أن يحجب عن فرنجية حقيبة أساسية اليوم يضع في الحسبان ليس تهميش الزعيم الماروني الشمالي في الانتخابات النيابية المقبلة وحسب بل محاولة شطبه رئاسيا (أي بعد ست سنوات) في ظلّ التبني السياسي الواضح له من قبل “الثنائي الشيعي” منذ الآن على خلفية التزامه بكل مندرجات وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى.
وإذا كان الممر الإلزامي لوصول الجنرال إلى بعبدا، ليس الاعتبار الدستوري وحده، بل هو موقف “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله، طوال سنتين ونصف سنة من عمر الفراغ الرئاسي، ولو تم تغليفه لاحقا بعناوين الميثاقية وغيرها، فإن ذلك سيسري على التأليف الحكومي الذي سيكون محكومًا بخيار سياسي من أصل ثلاثة خيارات:
أولا، أن يبقى “رئيس التيار الوطني الحر”، رافضًا منح “المردة” حقيبة أساسية، بذرائع ومسميات مختلفة، وعندها ستكون الحكومة مؤجلة حتى إشعار آخر.
ثانيا، أنّ يوافق على الصيغ المقترحة وأكثرها عملية تلك التي قدمها الرئيس بري بأن يأخذ على عاتقه إقناع فرنجية بحقيبة التربية التي كان الرئيس المكلف قد طرحها على زعيم “المردة” غداة مشاورات التأليف مباشرة، قبل أن يتراجع عنها لأسباب تخص العهد، فيحاول إقناع “المردة” بإحدى حقيبتي “الثقافة” أو “البيئة” كما حصل في الاجتماع الأخير بينه وبين ممثلي فرنجية قبل حوالي الأسبوع. وإذا كانت هناك محاذير لدى “أحد” بأن يبادر رئيس المجلس إلى “إهداء” حقيبة “الأشغال” إلى فرنجية بدلا من “التربية”، يمكن تقديم ضمانات سياسية مسبقة، علما أن لا حاجة لها لأن مرسوم التأليف لن يمر إلا عبر توقيع رئيس الجمهورية. كما أن رئيس الحكومة المكلف سيأخذ على عاتقه مهمة إقناع “القوات” بما حصلت عليه، وهو ليس بقليل، خصوصا أنه سيكون لها ثلاثة وزراء بينهم نائب رئيس حكومة، بالإضافة الى وزير رابع حليف (ميشال فرعون) سينضوي تلقائيا في “كتلة القوات” الوزارية والنيابية مستقبلا.
ثالثًا، الذهاب إلى حكومة أمر واقع، ينادي بها بعض أهل العهد، لكنّها ليست واردة في حسابات الرئيس المكلف الذي أبلغ “الثنائي الشيعي” بواسطة نادر الحريري خلال جلسة الحوار الثلاثي الأخيرة في عين التينة، أنه لن يذهب إلى أي خيار حكومي أو غير حكومي إلا بالتوافق الكامل مع الرئيس بري والنائب جنبلاط، خصوصًا في ضوء توافق الأخيرين على الوقوف بوجه خيار “حكومة التحدي”.
وفيما غرّد جنبلاط عبر “تويتر” قائلاً إنّ “الحكومة الافتراضية لا تزال في الحجر الصحي”، كان لافتا للانتباه ترجيح الوزير وائل أبو فاعور الذهاب إلى الانتخابات في أيار المقبل وفق قانون الستين، مؤكّدًا أنّ لا أحد من القوى السياسية يملك جرأة الظهور أمام الرأي العام اللبناني والقوى والقول بتأجيل الانتخابات “لا تأجيلا تقنيًا ولا تأجيلا غير تقني” ولأي سبب كان.
من جهتها، أشارت مصادر متابعة لعملية التأليف الى أنّ كلّ ما سرب عن اتّجاه لدى الرئيس ميشال عون لتشكيل حكومة امر واقع أو تكنوقراط أو إعطاء مهل غير صحيح بالمطلق، وهو مصر على حكومة وحدة وطنية ترضي الاطراف كافة.
المصادر، وعبر صحيفة “الديار”، قالت: “إنّ عون قدّم تنازلات من حصته لولادة الحكومة تحت سقف القانون والمؤسسات، خصوصاً أنّه كان أعلن أنّ هذه الحكومة ليست حكومة العهد الاولى، وحكومة ما بعد الانتخابات هي حكومة العهد، وهذه الحكومة مهمّتها إنجاز قانون جديد للانتخابات، وإجراء الاستحقاق في موعده الدستوري في 21 أيار.
جولة جديدة من الإتّصالات ستشهدها الأيام المقبلة، كما تؤكّد مصادر قصر بعبدا لـ”المستقبل”، لافتةً إلى “أنّ التواصل بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لم يتوقف خلال الأيام الماضية بشأن الموضوع الحكومي، لكنّ لا شيء جديدًا طرأ على الاتصالات الجارية، ومن المتوقع أن تستعيد اللقاءات زخمها بعد عودة وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتواصل بشكل دائم مع مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري، حول الملف الحكومي”.