أفرزت الأزمة السياسية التي تعصف بجنوب السودان منذ اندلاع النزاع في 2013، بعدا طائفيا تجلى بوضوح في عمليات القتل والاغتصاب والتطهير العرقي بين قوات جيش جنوب السودان الذي يشكل الدينكا غالبيته والمتمردين برئاسة رياك مشار المنتمي لقبيلة النوير.
والخميس 1 كانون الأول، حذر فريق أممي من خبراء حقوق الإنسان من أن عمليات “تطهير إثني” تجري حاليا في جنوب السودان، بعد زيارة استمرت عشرة أيام إلى البلد الذي يشهد تصاعدا في العنف منذ انهيار اتفاق السلام في يوليو الماضي.
ويروى إسحاق الذي يعمل مساعدا صيدلانيا في بلد ياي جنوب غربي البلاد، تجربته مع الجيش الشعبي، حيث تم توقيفه بعد أن عثروا في حقيبته على دواء وعلموا من لغته أنه من مجموعة قبيلة كاكوا.
تذكر كيف كان يجلس في زاوية زنزانته يعتريه خوف شديد وهو يرى الجنود يقتادون زملاءه في السجن واحدا تلو الآخر، ويعودون إلى الزنزانة مرة أخرى بدونهم وقد لطخت الدماء ملابسهم العسكرية.
وقبل يوم من اعتقال الجنود، وهم من قبيلة الدينكا التي تعد أغلبية في جنوب السودان، إسحاق، بينما كان يحمل دواء إلى والده المريض.
اتهم الجنود إسحاق بمحاولة توفير الدواء للمتمردين المعارضين للحكومة ومن بينهم العديد من مجموعة كاكوا، والمختبئين في الغابات، واقتادوه إلى غرفة صغيرة في قاعدة عسكرية أصبحت سجنه.
وكان أربعة آخرون يشاركون إسحق زنزانته الليلة السابقة. وكان رجل يدعى جيمس هو أول من استدعاه الجنود. وقال إسحق من مخيم للاجئين في شمال أوغندا: “قالوا إنه ذاهب لإحضار الماء. ولكننا انتظرنا طوال الليل، ولم يعد جيمس مطلقا”.
وأضاف أنه عندما عاد الجندي في وقت لاحق “كان صدره ملطخ بالدماء حتى أن ساقيه كانتا مغمورتين بالدم”.
وبدأ إسحق وباقي زملائه في الزنزانة بالصلاة والدعاء والصراخ خشية على حياتهم. وبعدها تمكن إسحاق من الهروب إلى أوغندا لرؤية عائلته.
وكشف لاجئون أن عناصر قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان يتنقلون من منزل إلى منزل ويقتلون المدنيين من القبائل المتهمة بدعم المتمردين.
ويقول إسحق، إن العديد من الشباب الذين درسوا معه التحقوا بالمتمردين، مضيفا “في الليل لا يطلقون النار لكي لا ينتبه السكان لوجودهم .. فهم يطلبون منك الخروج من المنزل ويذبحونك بالسكاكين”.
وأشار إلى أنه شاهد مرة القتلى مكدسون في ثلاث شاحنات وينقلون بعيدا، مضيفا “كنا نشاهد الدم يتدفق من العربات، وعندها كنا ندرك أن فيها جثثا. وهم يأخذون الجثث إلى الثكنات ثم يلقون بها في حفر”.
وأجبرت الحرب الأهلية التي تعصف بالدولة الوليدة مئات آلاف من جنوب السودان إلى دول مجاورة هربا من الفظائع في بلادهم التي نالت استقلالها عن السودان عام 2011.
وحذر أداما دينغ مستشار الأمم المتحدة الخاص لمنع الإبادة من “احتمال وقوع عمليات إبادة”.