IMLebanon

لبنان أمام أسبوعٍ مفصلي لـ”اختبار النيات”

frangieh-aoun-nasrallah

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يشكّل الأسبوع الطالع محطة مفصلية في عملية تشكيل الحكومة الجديدة لجهة تبيان اذا كانت “المبادرة الأبوية” التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باتجاه زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية ستتيح تجاوُز العقدة “التقنية” الأبرز في مسار التأليف الذي مضى عليه 34 يوماً.

واذا كان البيان الذي كتبه رئيس الجمهورية بخط يده ووجّه فيه “دعوة ابوية” لأي مسؤول لبناني لديه هواجس مقلقة “أن يأتي إلى قصر بعبدا ويودع هذه الهواجس للرئيس عون كي يتعامل معها بروح الدستور والميثاق والمصلحة الوطنية”، اعتُبر بمثابة “مدّ اليد” الى فرنجية ولو من دون تسميته في سياق السعي الى تذليل عقبة إصرار الأخير على واحدة من 3 حقائب وازنة (الطاقة، الاتصالات، او الأشغال)، فإن الأنظار شخصت على “الخطوة التالية” التي سيقوم زعيم “المردة” في ملاقاة “مبادرة بعبدا” التي جاءت في إطار جهود دخل على خطّها “حزب الله” لترتيب العلاقة بين حليفيْه (عون وفرنجية) وتُرجمت بلقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.

ذلك ان الأجواء الأوّلية التي صدرت عن فرنجية تعاطتْ مع خطوة عون على انها “غير كافية وعمومية”، معتبرةً ان توجيه دعوة مباشرة من “القصر” اليه ستجعله يلبيها انطلاقاً من احترامه لموقع الرئاسة، وهو ما يعني ان اي زيارة لزعيم “المردة” لرئيس الجمهورية ما زالت رهن إما طلب فرنجية موعداً بعدما كسرتْ خطوة “بعبدا” الجليد، أو أن يعمد عون الى المزيد من سحب الذرائع بدعوته للاجتماع به لمناقشة هواجسه.

وتعتبر أوساط سياسية عبر “الراي” ان أياً من هذين الاحتمالين كفيلٌ بأن يشكّل في ذاته عقدة بحال لم تتوافر النيات الصادقة لكسْر مأزق تأليف الحكومة، ولا سيما في ظل العلاقة السيئة جداً بين عون وفرنجية على خلفية الانتخابات الرئاسية التي أصرّ زعيم “المردة” على مواجهة “الجنرال” فيها حتى النهاية، وصولاً الى مقاطعته استشارات تسمية الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة والتهاني بالاستقلال، وسط انطباعٍ بأن خلاف الرجلين ذات صلة بحجز مقعد متقدّم في خلافة عون رئاسياً.

ولاحظت هذه الأوساط ان عون قام بـ “نصف خطوة” الى الامام باتجاه فرنجية، وهو ما يضع “حزب الله” أمام مسؤولية جعل فرنجية يلاقيها بـ “نصف خطوة مماثلة”، معتبرة ان ما اشاعته مصادر”المردة” عن”الخطوة الناقصة”من رئيس الجمهورية سيحمّل الحزب وزْر إظهار عون بمظهر مَن قدّم تنازلاً بناء على وساطة لم يتكفّل الوسيط تنسيقها مع الطرف الآخر، وهو ما قد يرتدّ سلباً على هيْبة الرئاسة وتالياً كل الجهود الرامية الى استيلاد الحكومة الجديدة.

ومن هنا، فإذا شهد الأسبوع الطالع زيارة من فرنجية لقصر بعبدا، فإن الأمر سيشكّل إشارة الى قرب الإفراج عن الحكومة، على قاعدة”خيارات بديلة وتبادُلية”في الحقائب يجري العمل عليها، وبينها موافقة”المردة”على تولي وزارة التربية وحصول رئيس البرلمان نبيه بري على حقيبة الأشغال على ان تتنازل عنها”القوات اللبنانية”مقابل وزارة الصحة.

وجاءتْ مبادرة رئيس الجمهورية على وقع عملية”سكب مياه باردة”على جبهة العلاقة بين عون والرئيس بري الذي تعمّد في اليومين الماضييْن إظهار حرصه على إعلان”لن يوقع أحد بيني وبين الرئيس عون”، قبل ان يبدي امس تفاؤله بمآل الأمور حكومياً قائلاً في تصريح صحافي لا أرى المسألة معقّدة.. وعلى كل حال”بعدنا ضمن العدّة”، لافتاً الى ان”هناك اتصالات واجتماعات مكثفة وإن شاء الله سنصل إلى نتيجة”، وموضحاً في ما يتعلق بالمشاورات الجارية حيال إشكالية “حقيبة فرنجية”في التشكيلة العتيدة سبق أن أبديتُ لدولة الرئيس المكلف استعدادي للمساعدة في الحلّ، وعندما يؤكد لي الشيخ سعد أنّ حقيبة “التربية” من حصة الوزير فرنجية أنا حاضر وبالتصرّف.

ورأت الأوساط السياسية نفسها ان معاودة تحريك المساعي وبزخم كبير على خط تأليف الحكومة أتى في ضوء 3 معطيات: الأول ان مأزق التشكيل باتت أضراره تصيب الجميع، اي العهد الجديد وحلفاؤه الذين يستعجلون اكتمال عُدة انطلاقته بولادة الحكومة، وخصومه المفترضين الذين صاروا يتحمّلون وزْر وضع العصي في دواليب التأليف وتأثيرات ذلك على امكان إصدار قانون جديد يريدونه بشدّة لتجري على اساسه الانتخابات النيابية المقبلة في مايو المقبل.

والمعطى الثاني، ان الاتجاه لتسهيل ولادة الحكومة يشي بنقل المواجهة الى الملعب الأهمّ على صعيد رسم التوزانات السياسية اي قانون الانتخاب الذي يريده فريق 8 آذار مدخلاً من خلال نظام الاقتراع النسبي وتقسيمات الدوائر لإنتاج موازين قوى تتيح له إضعاف خصومه والإبقاء على ثقله في تحديد الأحجام والخيارات، ولا سيما ان موشرات برزت وبالأرقام الى ان ايّ إبقاء على قانون الستين الحالي وإجراء الانتخابات على أساسه سيكون كفيلاً في ظل تحالف حزب الرئيس عون (التيار الوطني الحر) و”القوات اللبنانية”مع احتمال انضمام تيار”المستقبل”(الحريري) اليهما وربما النائب وليد جنبلاط بإيصال برلمان يكون فيها”حزب الله” محاصَراً بغالبية وازنة غير مسبوقة منذ العام 2005.

اما المعطى الثالث فهو”الهجمة”الديبلوماسية على لبنان،العربية والاقليمية والدولية والتي تؤشر الى رغبة في الإسراع بتأليف الحكومة لتشكّل الوعاء لاستيعاب المساعدات ذات الصلة بملف النازحين السوريين او المساعدات العسكرية، كما تعكس إصراراً على ان يعزز لبنان من”صمامات الأمان”التي تقوي مناعته السياسية والأمنية والاقتصادية في مرحلة بالغة الحساسية في المنطقة في ظل بلوغ الحرب السورية منعطفات خطرة ومع بدء العدّ العكسي لتسلم دونالد ترامب مقاليد الرئاسية في الولايات المتحدة وما قد يُحدِثه طاقمه المتشدد من”صدمات” في عدد من الملفات الاقليمية.

ولم يكد وزيرا خارجية ألمانيا وتركيا ان يغادرا بيروت بعد محادثات بارزة أجرياها، اول من امس، حتى انشغل لبنان بزيارة وزير خارجية كندا ستيفان ديون الذي كان وصل بعد ظهر الجمعة على رأس وفد نيابي الى بيروت وبدأ جولته على المسؤولين اللبنانيين يوم امس. علماً ان زيارته التي تستمر خمسة ايام تشتمل على محطات في مخيمات للنازحين السوريين لمعاينة واقعهم ميدانياً.