أمام التعطيل المتحكّم بالمشهد الداخلي، تعرّضَ لبنان لضربةٍ موجعة في خاصرته الأمنية، تمثّلت في الاعتداء الإرهابي على الجيش في بلدة بقاعصفرين في قضاء الضنّية ليل الاحد، من خلال هجوم مسلّح على حاجز له، أسفرَ عن استشهاد الجندي عامر مصطفى المحمد وجَرحِ الجندي عبد القادر نعمان. وقد لقيَ هذا الاعتداء الهمجيّ إدانة واسعة لدى جميع الفئات اللبنانية، وتأكيداً متجدّداً على الالتفاف حول الجيش في معركته الدائمة ضدّ الإرهاب.
وبدا أنّ هذا الاعتداء ليس موضعياً، ضدّ حاجز عسكري بعينِه، بل ضدّ المؤسسة العسكرية تحديداً، ولبنان خصوصاً، وقد دلّت التحقيقات الأوّلية إلى أصابع “داعشية” تكفيرية، تقف خلفَ هذا الاعتداء، لا سيّما وأنّ الأجهزة الأمنية والعسكرية تملك معطيات عن أنّ المجموعات الإرهابية تخطط لعملية إرهابية ضدّ الجيش والمناطق اللبنانية. وهذا ما أكّدت عليه اعترافات الإرهابيين الذين أوقفَتهم مخابرات الجيش في الآونة الأخيرة.
وقال مرجع أمني لصحيفة “الجمهورية”: “إنّ الجيش يُجري التحقيقات اللازمة لكشفِ ملابسات العملية الإرهابية والغاية من استهدافه في هذا التوقيت، علماً أنّنا لا نتعاطى مع هذه العملية كحدثٍ بسيط وعابر، بل بأنّها عملية خطيرة، تضع الجيشَ أمام واجب زيادة جهوزيته، لمنعِ تحقيقِ هدفِ الإرهابيين في إشاعة الفوضى في لبنان، انطلاقاً من منطقة الشمال.
ولذلك أعطى الجيش توجيهاته إلى قطعاته لاتّخاذ أعلى درجات الجهوزية والاستنفار، لكشف الفاعلين والنَيل منهم وسَوقِهم إلى القضاء”. وأضاف: “لن نسمح للإرهابيين بأن يَمسّوا بأمننا، ونتركهم بلا عقاب، وسنلاحقهم إلى أوكارهم وغرَفِهم السود”.
من جهته، أكّد مصدر أمني لـ”الجمهورية” أنّ “التحقيقات بدأت، وهناك سبعةُ موقوفين مرتبطين بتنظيم “داعش” أو قريبين من فكرِه”. ولفتَ إلى وجود “احتمالين لتنفيذ الهجوم، يُنتظَر أن تحسمهما التحقيقات، الأوّل هو أنّ المسلحين كانوا داخل سيارة وأطلقوا النار في اتّجاه الحاجز، والثاني أنّهم تسللوا إليه سيراً وأطلقوا النار عليه من مسافة قريبة”.
ونفى المصدر ما تمّ تداوُله في بعض وسائل الإعلام عن أنّ “الهجوم حصَل جرّاء ردّة فِعل على عملية دهمِِ تمّ خلالها توقيفُ أحد الأشخاص الإرهابيين في البلدة”، وشدّد على أنّ “الجيش مصِرّ على حسمِ القضية وعدمِ السماح بتحويلها مسلسلَ استهدافٍ لمراكزه”.
وتوازياً، استمرّت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة طوال أمس في تنفيذ أعمال تفتيشٍ ودهم بحثاً عن مطلِقي النار للقبض عليهم وسَوقِهم إلى القضاء.