كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
بمفهوم الحصص والشهية على الحقائب، لا تتسع حكومة الـ 24 وزيرا للجميع، لكن حين يقول الوزير جبران باسيل ذلك من ضمن سلّة رسائل ايجابية، فهذا يعني ان هناك رغبة ضمنية بوقف الاستفزاز، وذلك من أجل استيلاد حكومة يقول معنيون أن الرئاسة الاولى تحرص على أن تصدر مراسيمها في وقت قياسي مقارنة بحكومات الاستنزاف السابقة التي كانت تستغرق أشهرا. لكن حتى الآن المواقف على حالها برغم كل الاجواء “السوبر ايجابية” التي تعمّمها القوى السياسية والمراجع الرسمية من دون استثناء.
ولعل أول من سيطرح علامات الاستفهام حول ترجمة معادلة الـ 24 وزيرا الحاضنة لـ “الكلّ”، هي “القوات اللبنانية” نفسها التي لن ترى ترجمة فعلية لذلك إلا بإسناد حقيبة “غير وازنة” لـ “الكتائب” وتوزير “القومي” من حصة “حزب الله” و “أمل” وتضحية النائب وليد جنبلاط بأحد المقعدين الدرزيين لمصلحة النائب طلال إرسلان وايجاد حلّ لعقدة حقيبة “المرده”!
لكن “القوات” التي “تكسرها” في موضوع التأليف الحكومي “تجبرها” لناحية رفضها معادلة فارس سعيد “بأن “حزب الله” يحكم لبنان”، فهناك، برأي أوساط معراب، عِقَد يعمل الحزب على حلّها، خصوصا ان له مصلحة داخلية بتأليف الحكومة فيما لا أحد يعكّر عليه صفو حربه “الشغاّلة” في سوريا”. يقول “القواتيون” ذلك من باب توصيف الامر الواقع وليس التسليم به.
جلسة الرئيس ميشال عون مع سمير جعجع أمس، والتي وصفتها مصادر القصر بـ “الممتازة”، لم يكن من شأنها أن “تحلحل” العقد الحكومية طالما ان ثمّة من يعتبر، ومن بينهم الرئيس سعد الحريري، ان المشكلة الحقيقية سياسية وتحديدا لدى “حزب الله” القادر على فرض مسار آخر للتفاوض يمكن ان يقود الى ولادة أسهل للحكومة.
في جلسة “بيت الوسط”، طلب الحريري مساعدة معراب لحلّ عقدة حقيبة فرنجية، أما سمير جعجع فكرّر “بأن لا مشكلة لدينا، وليأخذ حصته من 8 آذار”. تشاؤم الحريري كان واضحا من المماطلة، وبلغت صراحته حدّ التأكيد بأنه لن يقبل المزيد من الاستنزاف معطيا حدّا أقصى لأخذ الاجوبة نهاية الاسبوع الجاري، ملوّحا للمرة الأولى بخيار الاعتذار، وإن لم يقلها بالحرف، “لأن مش مقبول نكمل هيك”.
وقد خرج رئيس حزب “القوات” من مقرّ الحريري بقناعة أكبر بأن الاخير ينتظر مآل الحوار المفتوح والمكثّف بين الوزير باسيل و “حزب الله” وعلى أساسه قد ترسم خارطة طريق الحلّ او التعقيد على اعتبار ان العقدة تكمن، بتأكيد الحريري، بين الفريق الشيعي ورئيس الجمهورية، بعكس تماما ما صرّح به رئيس “التيار الوطني الحر” الثلاثاء الفائت. لا بل ذهب الحريري الى حدّ القول “بأن فرنجية يملك القدرة على التعطيل لكن ليس بزنده بل بالزند الشيعي”!
الإصرار من قبل “القوات” على حقيبة الاشغال لا يزال ساري المفعول حتى بعد كلام باسيل “التسهيلي”. وحين تُسأل “القوات” عن سبب تمسّكها بحقيبة الاشغال على أبواب انتخابات نيابية يترّدد ان “البولدوزر” المسيحي سيكون “نجمها”، يكون الردّ “بأن الاشغال عرضت علينا من جانب الحريري ولم نطلبها.
تجدر الاشارة الى ان معراب التي سمّت غسان حاصباني لموقع نائب رئيس مجلس الوزراء لا تزال تتمسّك بالاسم نفسه لحقيبة الاشغال، فيما لم تصل حتى الآن معلومات مغايرة لحليف ميشال عون المسيحي بأن “التيار” بدّل “عرضه” بتخيير “المرده” حصرا بين حقيبتي الزراعة او الاقتصاد وحظر التربية عنه.
لكن في الصورة الجامعة تبقى هذه المعطيات جزءا من مشكلة أكبر، خيوطها الاساسية أسيرة الغرف المغلقة في ظل توافر معطيات مؤكّدة عن ان مناخات التهدئة التي سادت في الايام الماضية قد تكون إحدى ترجماتها توصّل بري الى اقناع الحريري بالالتزام مجدّدا بصيغة الـ30 وزيرا “حلّالة العقد والحقائب والأحجام”، فيما المفاوضات ناشطة على هذا الخط.
ويقارب البعض طلّة السيد حسن نصرالله مساء غد بالخلفية “الإفتائية” نفسها التي سبقت خطابه العاشورائي في 12 تشرين الاول الفائت حيث مهّد للحدث الرئاسي في 31 تشرين الاول، إذ أكد يومها الدخول في مسار سياسي ايجابي في ملف الانتخابات الرئاسية مقدّما للحريري شهادة في “شجاعة التحوّل”، وكاشفا عن خارطة طريق واضحة: انتخابات رئاسية فحكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع، فانتخابات نيابية. فهل يمهّد نصرالله غدا لـ “الولادة الحكومية”؟