كشفت صحيفة “الجمهورية” انّ القبض على الارهابيين المنفذين للاعتداء الارهابي على احد مراكز الجيش في منطقة بقاعصفرين تمّ في عملية دقيقة أشرفت على تنفيذها قيادة الجيش مع مديرية المخابرات، ونفّذت بحرفية عالية حيث أُطبق على الارهابيين في غرف نومهم من دون أن تتاح لهم فرصة المقاومة، وسيقوا الى مديرية المخابرات حيث بوشر التحقيق معهم.
وبحسب المعلومات كما لخّصها مصدر أمني، فإنّ العملية الارهابية التي استهدفت مركز الجيش في بقاعصفرين ليل الاحد الماضي، أدخلت المؤسسة العسكرية في حال استنفار قصوى بهدف معرفة الجناة، وإلقاء القبض عليهم في أسرع وقت ممكن، إذ انّ هذا الأمر هو بمثابة تحد كبير للمؤسسة العسكرية ولا يمكن السكوت عليه أو التأخير في إماطة اللثام عن المنفذين وكل الملابسات التي تحيط بالهجوم الارهابي على حاجز الجيش.
إذ كلما تأخر ذلك فإنّ من شأنه ان يرفع معنويات الارهابيين ويجعلهم يسترخون ويشعرون بأنهم حققوا هدفهم ووجهوا ضربة معنوية كبيرة، ليس فقط باستهداف الجنود بل للمؤسسة العسكرية كلها. ومن هنا كان القرار الحازم على مستوى قيادة الجيش ومديرية المخابرات بضرورة التعجيل في الرد على الهجوم وإلقاء القبض على الارهابيين.
وفي هذا السبيل، يضيف المصدر الامني، تكثّف الجهد الامني والرصد والاستخبار وتقاطع المعطيات في أكثر من اتجاه، حتى تمكنت مخابرات الجيش من الوصول الى خيوط تدلّ على الفاعلين، وعلى الجهة التي ينتمون اليها. وبالفعل عملت المخابرات على تجميع الخيوط الى ان تكوّنت لها الصورة كاملة وتمكنت من الوصول الى هويات الجناة، ومن تحديد أماكن تواجدهم.
وتشير المعلومات الى انّ الساعات الاربع والعشرين السابقة لتنفيذ العملية كانت حاسمة في اتجاه التنفيذ، وبالفعل عقد اجتماع عسكري بإشراف قيادة الجيش وبمشاركة مديرية المخابرات، ووضعت خطة محكمة، أعطيت فيها التعليمات للقوة العسكرية المنفذة بضرورة القيام بعملية نظيفة وناجحة مئة في المئة، خصوصاً انّ هذا العمل الارهابي الذي تعرّض له مركز الجيش في بقاعصفرين قد يكون مقدمة لأعمال إرهابية أخطر، وبالتالي من الضروري أن يُساق الارهابيون الى التحقيق لكشف مخططهم.
وبناء على هذا الاجتماع، تمّ تحديد ساعة الصفر لتنفيذ العملية، وتمّ توزيع القوى العسكرية المنفذة بحسب توزيع أماكن الارهابيين، اي في ثلاثة منازل داخل بلدة بقاعصفرين، حيث أسندت لكل منها مهمة اقتحام واحد من المنازل الثلاثة وفي وقت واحد، اي في ساعة الصفر التي تحددت في الرابعة والربع فجر الاربعاء، وذلك حتى لا يعطى للارهابيين إمكانية المقاومة او الفرار. فيما تولّت دورية كبيرة مؤازرة القوى العسكرية عبر فرض طوق على البلدة وعند مداخلها.
وبالفعل، إقتحمت القوى العسكرية الثلاث هذه المنازل في عملية ثلاثية استغرقت دقائق قليلة، وقبضت على كل من ابراهيم وردة، ادهم نايف، زكريا شبيب وهلال شبيب، وجميعهم لبنانيون من بلدة بقاعصفرين.
وتمّ سوقهم الى مديرية التحقيق وبوشر التحقيق معهم. حيث تبيّن من اعترافاتهم انّ الارهابيين كانوا معاً لحظة تنفيذ الهجوم على مركز الجيش ومزوّدين برشاشين حربيين من نوع كلاشينكوف، وانّ مطلق النار على عناصر الحاجز العسكري هو ابراهيم وردة.
فيما لم يستخدم الرشاش الثاني في إطلاق النار… فوجىء المحققون بسرعة انهيار الارهابيين وتبيّن من اعترافاتهم بأنهم ينتمون الى تنظيم “داعش” الارهابي، ويشكلون خلية نائمة وجاهزة غب الطلب لتنفيذ عمليات ارهابية، علماً انّ أفرادها كانت لهم أدوار ضد عناصر الجيش في المنطقة.
وبحسب المعلومات، فإنّ الارهابيين لم يعترفوا بعد بارتباطهم بأي خلية اخرى، بل أبلغوا في افاداتهم انهم هم وحدهم يشكلون خلية لـ”داعش”، تلقّوا أمر تنفيذ العملية من مشغّليهم في الرقّة، حيث تلقّوا من امير “داعش” هناك تعليمات بتنفيذ هجوم على اي موقع عسكري للجيش اللبناني وإيقاع اكبر عدد من القتلى في صفوفه، وذلك بقصد إعادة نقل اجواء التوتير الامني الى لبنان وإشغال الجيش اللبناني انطلاقاً من الشمال.
على انّ ما أثار ريبة المحققين هو انّ اعترافات الارهابيين جاءت متطابقة ايضاً لناحية نَفيهم اي صلة بينهم وبين اي خلية ارهابية اخرى، وهو امر لا يصدقه المحققون، وبالتالي يركز التحقيق حالياً في هذا الاتجاه.
وقال مرجع أمني كبير لـ”الجمهورية”: انّ إنجاز الجيش بإلقاء القبض على الارهابيين، اكّد مرة جديدة انّ عين الجيش ساهرة، وانه لا يمكن ان يسمح بتمادي الارهابيين ومحاولة زرع فتائل التوتير والفتنة في لبنان.
وما عملية الأمس سوى دليل على انّ المبادرة هي في يد الجيش، وانه يستطيع الوصول الى عمق أوكار الارهابيين والقبض عليهم، على غرار العملية النوعية بإلقاء القبض على الارهابي عماد ياسين في مخيم عين الحلوة وكذلك العملية الكبرى التي نفذها الجيش أواخر الشهر الماضي، وتمكن خلالها من اصطياد 11 ارهابياً بينهم امير “داعش” في عرسال أحمد يوسف أمون الذي يُعدّ من اخطر الارهابيين.
وبحسب المرجع، فإنّ عملية الأمس تثبت انّ الجيش، وبالانجازات التي يحققها، قد أرهب الارهابيين، بحيث لم تعد المبادرة في ايديهم، بل نقلنا المعركة الى أوكارهم.
ولن يسمح لهم الجيش في ان يأخذوا زمام المبادرة مجدداً او يحاولوا نقل المعركة إلينا، واستهداف الوحدات العسكرية وحواجزها وأماكن تواجدها. وبالتالي، عملية الأمس هي رسالة جديدة للإرهابيين بأنّ الجيش لهم بالمرصاد، وانّ في يده تحديد زمان المعركة ومكانها حتى في عمق أوكارهم لضربهم واصطيادهم.
وكشف مصدر أمني لصحيفة ”الأخبار” أن “عملية إلقاء القبض على المشتبه فيهم جرت بعد عملية رصد دقيقة ومتابعة نشاطاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقاطعة هذه المعلومات مع التقارير الاستخباراتية.
وأوضح المصدر أن “أفراد المجموعة لم يثبت، وفق التحقيقات الأولية، ارتباطهم مباشرة بأي تنظيم إرهابي، كالنصرة أو داعش، لكنهم يحملون أفكار التنظيمات المذكورة، وهم تلقوا أغلب هذه الأفكار من طريق الإنترنت، علماً أنّ أعمارهم تراوح بين 18 و19 عاماً.
غير أن المصدر نفسه كشف أن “أحد الموقوفين، وهو شقيق أحد المشتبه في تورطهم مباشرة بإطلاق النار على مركز الجيش، كان قد التحق بجبهة النصرة في سوريا وقاتل إلى جانبها، قبل أن يعود إلى لبنان حيث أوقف وسجن ثلاث سنوات بتهم حيازة أسلحة والانتماء إلى تنظيم إرهابي، قبل أن يطلق سراحه منذ نحو أسبوعبن. ويجري التحقيق معه لمعرفة إن كان هو المحرّض الفعلي لأفراد المجموعة.