شارك لبنان في المنتدى العالمي لحوكمة الانترنت 2016 الذي عقد بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مدينة غوادالاخارا في ولاية خاليسكو في المكسيك، تحت شعار “تحقيق النمو الشامل والمستدام”.
وترأس الوفد اللبناني الرئيس المدير العام لهيئة اوجيرو المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف.
وقد تولى يوسف بدعوة من الأمم المتحدة إدارة إحدى الجلسات الرئيسية للمنتدى في يومه الأول، والتي عقدت بعنوان “الإنترنت والتنمية المستدامة والنمو الشامل”.
ونوقشت ثلاثة محاور أساسية وهي: تنمية القدرات وبناء الكفاءات والمقدرات، المساواة في الشمول الرقمي لدور النساء وعنصر الشباب، انتاج المحتوى الرقمي المحلي. وقد تم التركيز على وجه الخصوص على الواقع الراهن في البلدان النامية والمجموعات البشرية الضعيفة والمهمشة كالنساء الأميات ودون التحصيل العلمي الكافي وعنصر الشباب دون عمل.
وقد ضمت هذه الجلسة متحاورين من مختلف قطاعات أصحاب المصلحة قادمين من دول مختلفة.
وكان الموضوع الأهم الذي تمت مقاربته ومعالجته خلال هذه المناقشات هوالمتعلق بكيفية تخطي معوقات وعقبات الإستفادة من الإنترنت كعامل أساسي في تحقيق عملية النمو الشامل (Inclusive Growth)، المعروفة تحت مسمى “نمو الفقراء”، لا سيما تلك العقبات المرتبطة:
1 – بعدم جهوزية البنى التحتية التقنية، وعدم جهوزية ونضوج التشريعات والتنظيمات القانونية لخدمات الانترنت واقتصاداته،
2 – وعدم ملائمة البرامج التأهيلية والعلمية لإعداد القوى البشرية بما يسمح بانصهارها في العملية الإنتاجية والإقتصادية،
3 – غياب انتاج المحتوى الرقمي المحلي والخدمات الإلكترونية في الدول الفقيرة مما يجعل من مجتمعات هذه الدول مجتمعات مستهلكة للمحتوى الأجنبي فقط ويحول دون تعظيم استخدامات البنى المحلية المتواجدة للحصول على خدمات محلية تساهم في خلق فرص عمل وفي تنمية الإقتصاد المحلي لهذه الدول وبالتالي استكمال دائرة الإنتاج الإقتصادي المحلي الذي يؤدي بالمحصلة إلى بناء إقتصاد متكامل ومستديم. يشار في هذا السياق أن نسبة وجود المحتوى الرقمي لقارة إفريقيا بكاملها على الشبكة العنكبوتية لا يتعدى 3 بالألف من المحتوى الرقمي الإجمالي.
وتمحور النقاش حول كيفية تحقيق وإنجاز النفاذلشبكة الإنترنت لمليار مشترك جديد على مستوى العالم خلال الفترة الممتدة 2017-2030، بما يؤدي إلى رفع نسبة النفاذ الوسطية على مستوى الكرة الأرضية إلى ما يقارب ال 50 % (إذ أن النسبة الوسطية للنفاذ إلى شبكة الانترنت على مستوى العالم لا تتعدى حاليا ال 40 %)، وكيفية تأمين التمويل اللازم لهذه الورشة العملاقة، والذي يقدر بحوالي ألف مليار دولار أمريكي.
وقد عرض أعضاء الوفد اللبناني المشارك خلال جلسات العمل العامة المختلفة وورش العمل المتعددة الإنجازات المحققة في هذا المجال على صعيد الدولة اللبنانية، والمعطيات الواردةبهذا الشأن في التقارير الإحصائية الرسمية الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية والمختصة لا سيما تقارير الإتحاد الدولي للإتصالات خلال العامين 2014 و2015 و تقارير المنتدى الإقتصادي العالمي خلال ذات الفترة الزمنية وتقارير البنك الدولي والأمم المتحدة (الأسكوا). كما تم عرض الخطة الإستراتيجة “لبنان 2020” التي تم إطلاقها في لبنان من قبل وزير الإتصالات منذ عام ونصف بهدف تعميم شبكات الألياف الضوئية إلى المنازل والوحدات السكنية على مختلف الأراضي اللبنانية وكذلك تعميم تقنيات وخدمات الجيل الرابع لشبكات الخلوي بما يحقق فعليا إيصال خدمات الإنترنيت السريع جدا إلى مختلف شرائح المجتمع اللبناني بجودة وسرعة عالية جدا في فترة تتراوح بين نهاية العام 2016 بما يتعلق بالخلوي، ونهاية العام 2020 بما يتعلق بالشبكة الثابتة.
كما عرض الوفد اللبناني أمام المجتمعين الخطوات التنفيذية الفعلية التي تم إطلاقها لدى هيئة أوجيرو بما يعود لإنشاء شبكات إنترنت الأشياء (IoT) والخدمات المرتبطة بها، والخطة الإستراتيجية المرتبطة بنفاذ هذه الخدمات. وقد أشاد الحاضرون بالدور الهام والفاعل الذي يقوم به لبنان على المستوى الإقليمي لجهة دعم وتطوير وتقدم المنتدى العربي لحوكمة الإنترنت واستمراريته وديمومته، وعلى المستوى الدولي لجهة مشاركته الفعالة والمنتجة في فريق العمل الإستشاري (IGF MAG) التابع للأمين العام للأمم المتحدة.
ويؤكد يوسف في حديث “للوكالة الوطنية” أن أهمية هذا الإجتماع بأنه الملتقى الأول للمنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت في دورته الأولى بعد التجديد له من قبل الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة لفترة إضافية جديدة تمتد لمدة عشر سنوات ابتداء من عام 2016 ولغاية عام 2025. وكانت الجولة الأولى لهذا المنتدى قد انطلقت في العام 2006 على إثر قرار القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) التي عقدت في العاصمة التونسية والتي اطلقت هذا الملتقى العالمي التشاوري والمتعدد الأطراف لمدة عشر سنوات انتهت بنهاية العام 2015.
وأشار إلى أن المنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت (IGF) المنصة العالمية الوحيدة التي تعمل تحت المظلة المباشرة للجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة بصيغة متعددة الأطراف والمشاركين (Multistakeholders) وتضم على قدم المساواة جميع أفرقاء القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الجامعية والبحثية والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية الحكومية والخاصة والتقنية، وأيضا جميع أصحاب المنفعة والمصلحة في إنتاج وتوزيع واستخدام وتطوير وتنظيم خدمات وشبكات الإنترنت في العالم، وذلك بهدف التشاور والتنسيق السنوي والعمل المشترك لتحسين إدارة وحوكمة عالم الإنترنت على المستويات الخدماتية والتقنية والجغرافية المختلفة، والتوصل الى إعداد خطط استراتيجية وعملية مشتركة تصون وتضمن منفعة ومصلحة جميع الفرقاء، وتضيء على جوانب عديدة وواسعة للدور الهام والامكانيات الإحتمالية الجمة التي يمكن للإنترنت تقديمها في مجال تحسين وتطوير وتسريع خطى التنمية المستدامة للشعوب وتحقيق النمو الشامل والشمولي وبالأخص في المجتمعات الفقيرة والمحرومة.