كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:
إذا سارت الأمور كما يتوقع ناشطو الحراك المدني الذين تقدموا بدعوى لإقفال مطمر كوستا برافا (المحامون حسن بزي وهاني الاحمدية وعباس سرور والناشطان بيدجي التيماني وفراس بو حاطوم)، فإن المطمر سيكون مصــيره الإقـفال في نهاية الشهر المقبل.
ينطلق هؤلاء من القرار الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بعبدا حسن حمدان، أمس الأول، ليتفاءلوا بأن منحى القضية سيكون «لمصلحة الشعب اللبناني». فقد أشار حمدان في قراره الى أنه، قبل إصدار حكمه النهائي، لا بد من التأكد من بعض العناصر الفنية، من خلال أربع جهات إدارية، ولذلك قرر:
ـ الطلب من المديرية العامة للطيران المدني إعداد دراسة تظهر مدى وجود خطر حقيقي جراء وجود مطمر كوستا برافا، بحالته الراهنة، على حركة الملاحة الجوية، لا سيما في ضوء زيادة نشاط الطيور في تلك المنطقة.
ـ الطلب من وزارة الزراعة إعداد دراسة توضح مدى وجود خطر فعلي على الثروة السمكية مع وجود المطمر، وذلك بشكل دقيق وعلمي.
ـ الطلب من وزارة الصحة وضع دراسة تبيّن النتائج الصحية المباشرة وغير المباشرة على وجود المطمر، ومدى تقيّد الشركة المتعهدة بالمعايير الصحية المناسبة تبعاً لالتزامها الموقع مع الإدارة، واحتراماً للحد الأدنى المقبول في ميدان طمر النفايات في دول مشابهة للبنان.
ـ الطلب من وزارة البيئة إبداء الرأي الفني التفصيلي بشأن الآلية المعتمدة في التعامل مع النفايات في المطمر ومدى حصول فرز قبل الطمر وإمكانية تحسين التعامل في ظل الصيغة الراهنة للواقعين التعاقدي واللوجستي للشركة المدعى عليها وللإدارة المعنية، مع إظهار الآثار البيئية الناجمة عن المطمر حالياً ومستقبلاً، خاصة على المقيمين قربه.
وقد قرر القاضي حمدان تسطير مذكرة عاجلة إلى الجهات المذكورة يطلب فيها إتمام ما كلفت به خلال عشرة أيام من تاريخ تبلّغ كلٍ منها، وكذلك منح كل من فرقاء الدعوى مهلة مماثلة لإبداء الرأي.
وختم القرار بتعيين جلسة المحاكمة بتاريخ 24 كانون الثاني المقبل.
يبدو المدّعون مطمئنين إلى أن هذا القرار الأولي يشكّل انتصاراً لمنطق الدولة، خاصة أنه يكفي أن يكون تقرير أي جهة من الجهات الأربع سلبياً، حتى يصير القضاء أمام وقائع لا يمكن تجاوزها وتحتم عليه إقفال المطمر. وهو على سبيل المثال، لن يستطيع أن يتحمل مسؤولية تعريض سلامة الطيران للخطر، أو تعريض حياة المواطنين للأمراض، وعندها ربما يصل الأمر إلى حد مقاطعة شركات الطيران لمطار بيروت، أو ربما إقفاله أيضاً. فثمة توقعات تشير إلى أنه لن يكون بمقدور مديرية الطيران المدني تجاهل الوقائع التي تظهر بوضوح أن أسراباً من الطيور تهدّد حركة الطيران جديا. فحادثة الطائرة الأردنية ما تزال ماثلة، وهي لو لم يحترق محركها قبل إقلاعها، نتيجة تجمّع الطيور داخله، لكانت الكارثة قد وقعت وانفجرت الطائرة في الجو.
وتلك الحادثة، بحسب مقدمي الشكوى، يمكن أن تتكرر يوماً ما، ما دامت النفايات ترمى من دون فرز، ما يؤدي إلى انتشار آلاف الطيور على مقربة من المدرج (يبعد المطمر عن مهبط الطائرات 67 متراً) وتشكل محركات الطائرات ملاذاً لها.
أما الحديث عن الآلات المخصصة لإبعاد الطيور، فيصفها المعترضون بأنها مزحة سمجة، مذكرين بأن الكاميرات صورت في الاعتصام الأخير، الطيور تقف على سور المطار. علماً أن الوزير أكرم شهيب، سبق وأشار إلى أن مشكلة الطيور لا تقتصر على المطمر، إنما يشكل نهر الغدير سبباً رئيساً لتكاثرها، وهو لذلك يشير إلى أنه طلب من مجلس الإنماء والإعمار أن يرش يومياً في المطمر وفي النهر موادَّ تساهم كذلك في إبعادها.
لكن ذلك لا يبدو كافياً بالنسبة لرئيس طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، الذي لا يترك مناسبة لا يذكّر فيها بمخاطر المطمر على الملاحة الجوية.
وإذ يقلل هؤلاء من احتمال أن يكون تقرير وزارتي الزراعة والصحة سلبياً تجاه المطمر، لأسباب سياسية، إلا أنهم يراهنون أيضاً على أن وزارة البيئة لن تستطيع إلا أن تكرر ما سبق وقالته عن أن الأعمال في مطمر كوستا برافا، كما في برج حمود، بدأت قبل أن تصدر تقرير الأثر البيئي.
يعتبر المحامي حسن بزي أن أي تقرير مغلوط أو غير دقيق سيصدر عن أي جهة من الجهات الأربع، سيكون الرد عليه من خلال ادعاء جزائي على الموظفين المعنيين بتهمة تضليل القضاء وتزوير الوقائع. أما الحديث عن عدم وجود بديل من الطمر سوى رمي النفايات في الشوارع، فيعتبره بزي تزويراً للواقع، مذكراً بأن الحراك المدني سبق وقدم مشروعاً متكاملاً يعتمد على الفرز في المناطق، إلا أنه رفض لأسباب تتعلق بمصالح أهل السلطة.