كتبت صحيفة “الأخبار”: “قلّعت” عجلات تأليف الحكومة بعد أن حُلت عقدة تمثيل تيار “المردة” في الحكومة. “ضحّى” الرئيس نبيه بري بـ”الأشغال”، فحصل النائب سليمان فرنجية على مراده. وافق “التيار الوطني الحر” على هذه الصيغة، “بما أن ما ناله فرنجية من حصة برّي”. أما القوات، فتراجعت مجدداً، تحت عنوان تسهيل تأليف الحكومة. تبقى عقد قليلة للحل، في ظل العودة إلى بحث خيار حكومة الثلاثين.
وأضافت الصحيفة: “ذُلّلت أمس إحدى أهّم العقد التي كانت تُعرقل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. الرئيس نبيه برّي تنازل عن حقيبة الأشغال العامة، مُقدِّماً إياها إلى مرشحه الرئاسي النائب سليمان فرنجية. الخبر أعلنه رئيس تيار المردة أمس من عين التينة، وسمّى لهذا المنصب القيادي في تيار المردة المحامي يوسف فينيانوس.
فرنجية قال إنّه “كمردة نعتبر أنّ حقنا وصلنا من الرئيس بري”، آملاً أن “تتحلحل الحقيبة البديلة من الأشغال”. حقّق رئيس تيار المردة مبتغاه، فخرج من هذا الاستحقاق “رابحاً” بعد أن نال الحقيبة التي ترضيه. أمّا “الأخ الكبير والأب” برّي، كما وصفه فرنجية، فقد حجز لنفسه مكاناً إلى جانب الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في عمليّة تشكيل الحكومة. كذلك فإنّه، من خلال “مشهدية” أمس، أكد أنّه غير معني بالاتفاقات والوعود التي قُطِعَت للقوات اللبنانية، فلم تخرج “الأشغال” من حصته.
ولكن، رغم موقع القوة الذي يظهر فيه رئيس المجلس المُحصّن بالتكليف الذي حصل عليه من حزب الله، لا يُمكن إغفال أنّه ضحّى وقَبِل التخلي عن حقيبة الأشغال، وإن أبقيت في يد حليفه الذي تعهّد له بإبقاء مستشارين فيها من حركة أمل. ولم يبق من ضمن حصة بري سوى وزارة المال، ويجري التفاوض معه من أجل الحصول على وزارة “ثانوية” أخرى.
في ميزان الرابحين، يُمكن إدراج “التيار الوطني الحر” أيضاً الذي بقي ثابتاً على موقفه بأنّه “إذا أراد بري إرضاء فرنجية، فليمنحه حقيبة وازنة من حصّة حركة أمل. ونحن لا مشكلة لدينا في ذلك. فليحلّوها مع المستقبل القوات”، بحسب مصادر رفيعة المستوى في التيار.
في المقابل، يظهر حزب “القوات اللبنانية” كخاسر أول من التطورات التي جرت. رئيس الحزب سمير جعجع، كان أبرز من عبّر عن هذا الموقف أمام وفد “التيار الوطني الحر” في معراب أمس. فبحسب معلومات “الأخبار”، فإنّ جعجع انزعج من الطريقة التي أعلن فيها فرنجية حصوله على حقيبة الأشغال، “فظهر منتصراً”.
إعلان أمس سبقته مشاورات توَّجها بري بإبلاغ فرنجية السبت الماضي بأنّه سيحصل على حقيبة الأشغال، ثم وُضع الحريري بصورة التطورات. على خطّ معراب، كلام آخر. مصادر “القوات” كانت حتى مساء أمس تؤكد “متابعة الحراك الإعلامي، ولكن لم نتلقّ أي اتصال لإبلاغنا بما يجري”. بناءً على ذلك، “ما زلنا نعتبر أنّ الأشغال هي من ضمن حصتنا”.
سبق للقوات أن صعّدت موقفها سابقاً في ما خص الحقيبة السيادية، مرة عبر المطالبة بوزارة المالية، ثم بالدفاع، فعادت خالية الوفاض. بالنسبة إلى معراب، “لا يُنظر إلى الأمور بهذه الطريقة، فبري خسر أيضاً حقيبة أساسية. والأساس هو أن نحصل على كتلة وزارية وازنة، وأن نكون شركاء في الحكومة”. أما رفع السقف سابقاً، فيندرج، بحسب مصادر قواتية، في إطار التكتيك التفاوضي من أجل منع بقية القوى التي تتعامل مع المرحلة الجديدة كأنها قديمة، من وضع العراقيل.
حلّ مسألة تمثيل تيار المردة لا يعني أنّ كل العقد قد انتهت، ولو أنّ التطورات تسير بسرعة توحي بأنّ أياماً قليلة تفصل عن إصدار مرسوم تشكيل الحكومة.
حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تكن “القوات” قد رضيت بألا تكون الأشغال من حصتها. فُتِحت خطوط التواصل بين معراب ووادي أبو جميل، ليزور مستشار الحريري، غطاس خوري، جعجع، ويقصد مستشار جعجع، ملحم رياشي، الحريري مرتين. وتحادث الحريري وجعجع أكثر من مرة هاتفياً. وعلمت “الأخبار” أن جعجع عبّر للحريري أيضاً عن استيائه مما وصفه بـ”هجوم فرنجية على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، ما خلق مخاوف وهواجس بشأن انطلاقة العهد.
وفي نهاية الاتصالات، أخذ الحريري من جعجع تعهّداً بتسهيل انطلاقة العهد وتأليف الحكومة. بكلام أوضح، وافق جعجع على وزارة الصحة، إلى جانب الشؤون الاجتماعية والإعلام، متراجعا عن المطالبة بـ”الأشغال”، كسقف ثالث وضعه شرطاً للمشاركة في الحكومة.
وبدا لافتاً أن “التيار الوطني الحر” لم يشارك في المفاوضات الليلية أمس كشريك للقوات، إذ كان الأمر محصوراً بين الحريري وجعجع.
وفيما تردد أمس أن رئيس الجمهورية يطالب بالحصول على حقيبة العدل، علمت “الأخبار” أن النائب وليد جنبلاط لا يزال متمسكاً بها.
وأعيد أمس إحياء اقتراح تأليف حكومة من 30 وزيراً، لكي تتسع لعدد أكبر من الكتل. مصادر مطلعة على أجواء الرئيس المُكلّف تقول إنّه “لم يحسم خياره بعد”، إلا أنها لم تستبعد أن يقبل الحريري السير بهذا الاقتراح في النهاية.
وإذا ما اعتُمدت الصيغة الموسعة، سيتمكن فريق 8 آذار من رفع حصته التمثيلية.
وتردّدت معلومات أمس عن توجه النائب سامي الجميّل إلى رفض مشاركة حزب الكتائب في الحكومة.
أما بالنسبة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيُصر على التمثل بحقيبة مسيحية، ومن المتوقع أن تؤول إلى النائب أسعد حردان.
أمّا إن لم يحصل على ما يريد، فجرى التداول بإمكانية حصوله على مقعد شيعي، يتولاه أحد ثلاثة: رئيس الحزب علي قانصو، قاسم صالح ومحسن صفي الدين.