كتبت آمنة منصور في صحيفة “الراي” الكويتية:
هل تنتهي مأساة أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى “داعش” منذ 2 أغسطس 2014 بمأساة أكبر؟ هل انتهى زمن الإنتظار “المرّ” على نية التفاوض لتحرير المخطوفين بقفل الملف بعد التثبت من مقتلهم؟ هل سيعود الأهالي أدراجهم إلى منازلهم في أنحاء متفرقة من لبنان لتشييع فلذاتهم إلى مثواهم الأخير بدل الإحتفال بعودتهم سالمين إلى ربوع الوطن؟
حتى الأحد الفائت، كان ملف العسكريين المخطوفين يرقد كجمرٍ تحت رمادٍ لونه مزيج من الأبيض والأسود، التفاؤل والتشاؤم. وإذا كان الأهالي استبشروا خيراً عند تحرير 16 من العسكريين وعناصر الأمن الآخرين من قبضة “جبهة النصرة” قبل نحو عام ورفعوا الأمنيات والصلوات لعودة أبنائهم، إلا أن ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية في الساعات الماضية عن أن صيادين لبنانيين حملوا إلى الجهات الامنية اللبنانية معلومات تُفيد بأنهم عثروا خلال رحلة صيد في أحد مغاور القلمون السورية على 13 جثة – وُضبت 8 منها بشكل خاص بعدما تعرضت للتصفية بزيّ من اللون الأزرق (بخلاف المعتاد حيث يعدم التنظيم ضحاياه بزي برتقالي) ليُشتبه بأنهم العسكريون أنفسهم – وضع ذوي المخطوفين أمام أصعب الاحتمالات وأكثرها قسوة على نفوسهم.
فبعد الإمتحان الصعب الذي عاشوه عندما أثبت تنظيم “الدولة الإسلامية” بعيد خطف العسكريين أن بإمكانه في أي وقت اختيار المصير الأسود لهم من خلال إعدامه للأسير عباس مدلج ومن قبله الأسير علي السيّد، وُضع الأهالي مجدداً أمام امتحان آخر شبه حاسم يكاد يَدخل معه مصير كل العسكريين المخطوفين وعددهم 9 في دائرة “الشك” بالأسوأ، بعد ما أشارت إليه التقارير الصحافية وبالاستناد إلى رواية الصيادين، لجهة أن القوى الأمنية قصدت المغارة ونقلت إلى الأراضي اللبنانية أربع جثث لإخضاعها لفحص الحمض النووي بعد أخذ عينات من الاهالي للتثبت من مطابقة الهويات أو عدمه.
وعلى وقع الصخب المستجدّ في ملف الأسرى لدى “داعش”، اتصلت “الراي” بنظام مغيط شقيق العسكري المخطوف ابراهيم مغيط الذي أكد “أن المعلومات حول تسليم جثث للدولة اللبنانية لا علم لنا بها، بل هي معلومات إعلامية متضاربة ونحن نعتبرها ـ طالما أن أياً من الجهات الامنية لم يؤكدها ـ شائعات إعلامية يبثها صحافي يقوم بمجرد كتابة مقال ليقبض ثمنه لا أكثر ولا أقل”. وأضاف: “علاوةً على ذلك يتم التلاعب بمشاعر الأهالي والتسبب بإزعاج غير معقول لهم، فمع كل مقال يُكتب تزداد اللوعة في قلوبنا ونُصاب بأزمة نفسية تفوق الأزمة النفسية التي نعانيها أصلاً جراء الخطف ومآسيه”.
وأوضح حقيقة ما حصل بأنه تمّ استدعاء الأهالي نهار الإثنين إلى الأمن العام بطلب من المدير العام لهذا الجهاز اللواء عباس ابراهيم بعد شكوك بأن “هناك 6 جثث قد تكون عائدة للعسكريين”، فأخُذت عينات من الحمض النووي للتثبت من ذلك على أن تكون هذه العينات مرجعاً للدولة اللبنانية ـ في حال عدم المطابقة ـ لأيّ فحص آخر، لافتاً إلى “أننا حالياً بانتظار نتائج فحوص الـ DNA الموجودة بيد الدولة اللبنانية”. وتابع: “لدينا مصادرنا في الدولة اللبنانية. ونثق باللواء عباس ابراهيم وبأنه سيخبرنا بأي جديد في الموضوع، ولن نتكل على وسائل الإعلام لتخبرنا، لأنها كل مسيسة فكل واحدة منها تكتب لمصلحتها وليس لمصلحة الوطن. وفي نهاية الأمر، العسكريون هم أبناء الدولة اللبنانية التي عليها أن تقوم بواجباتها علماً أننا نحمّلها مسؤولية كبيرة بدحض هذه الشائعات ونفيها إن كانت خاطئة وتأكيدها إن كانت صحيحة، مع التحفظ على المصادر الأمنية التي تسرّب المعلومات لوسائل الإعلام لغايةٍ ما قد تكون الاستفادة المادية”.
مغيط الذي سألته “الراي” عمّا إذا كانت الجثث عثر عليها فعلاً الصيادون أم بمعلومات من مخبرين سوريين أو عبر طرف مفاوض أو وسيط، أجاب: “بصراحة لا معلومات لديّ أبداً عن هذا الموضوع، وكل ما يتم تداوله عبارة عن معلومات صحافية. طرحنا هذه الأسئلة على مسؤولين في الدولة اللبنانية، لكننا لم نتلقَ حتى الساعة إجابة أو خبر رسمي من مسؤول يؤكد أو ينفي أياً من هذه المعلومات”.
وختم: “نحن الآن في مرحلة ترقب وانتظار مخيف ومرعب، ومناشدتنا للمسؤولين ووسائل الإعلام بأن ارحمونا فنحن نعيش على”دواء الأعصاب”ومن قلّة الموت. فأهلنا وأولادنا منهارون وزوجات المخطوفين وأمهاتهم يبكين دماً”.