كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
تتسع الهوة بين القيادات السنية (من خارج “تيار المستقبل”) والعهد الجديد وحكومته الأولى “التي يتم تشكيلها على أساس تقاسم المغانم وتوزيع الحصص وحصر التمثيل السني بالرئيس المكلف سعد الحريري وتياره” على حد تعبير شخصية سنية شمالية معارضة.
لا تجد تلك القيادات مبررا لاستبعادها بهذا الشكل عن التشكيلة الحكومية الجديدة رأياً وتمثيلاً، كما أنها لا تجد مبرراً لهذا الاستخفاف في التعاطي مع المناطق ذات الثقل السني، من طرابلس وامتدادها الاستراتيجي في الضنية والمنية وعكار.. الى البقاع والمناطق الأخرى.
وفق المعلومات المتداولة، فإن طرابلس ستمثل بوزير واحد هو النائب محمد كبارة (من حصة الحريري)، أما تمثيل عكار، فسيكون مرتبطا بعدد وزراء الحكومة، فإذا كانت ثلاثينية فإن النائب معين المرعبي (تيار المستقبل) سيدخل جنتها ممثلا لعكار، أما إذا استقرت على 24 وزيرا فإن المقعد السني الخامس سيكون من حصة رئيس الجمهورية الذي لن يسمي لا فيصل كرامي ولا عبد الرحيم مراد ولا أياً من شخصيات المعارضة السنية، وبالتالي ستخرج عكار من “المولد الحكومي بلا حمص”، فيما سيقتصر تمثيل البقاع على النائب “المستقبلي” جمال الجراح، وتمثيل بيروت على الوزير نهاد المشنوق.
واللافت للانتباه أنه إذا أبصرت حكومة الـ24 النور، فإن طرابلس التي تمثلت في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، برئيس حكومة وأربعة وزراء هم محمد الصفدي وفيصل كرامي ونقولا نحاس وأحمد كرامي، وفي حكومة الرئيس تمام سلام بثلاثة وزراء هم: أشرف ريفي ورشيد درباس وأليس شبطيني، سيقتصر تمثيلها في حكومة العهد العوني الأولى على وزير واحد (كبارة)، وهذا برأي بعض القيادات السنية، “يدل على الاستخفاف بالثقل السني شمالا، كما يدل على تخلي المكوّنات السياسية الكبرى في الطوائف الأخرى عن حلفائهم السنّة الذين وقفوا الى جانبها في أحلك الظروف”.
تشير القيادات السنية نفسها الى أن واقع الشارع وكل الإحصاءات الميدانية، ونتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، لا تخوّل سعد الحريري الحصول على كامل الحصة السنية، لأن ذلك من شأنه أن يلغي تمثيل أكثر من نصف مكوّنات الطائفة، خصوصا في الشمال، علما أن طرابلس مع امتدادها الشمالي (الضنية والمنية وعكار) تشكل عاصمة السنة في لبنان، وهي ولاّدة رؤساء الحكومات والمرشحين لرئاستها، وهي المؤثرة تاريخيا في السياسة اللبنانية ومن حقها أن تتمثل في كل الحكومات بأكثر من وزارة سيادية وأساسية، ولا يجوز تهميشها بهذا الشكل الذي قد يرتد سلبا على الجميع.
وتبدي تلك القيادات عتبها على بعض المكوّنات السياسية الكبرى في الطوائف الأخرى التي سارعت إلى الانتصار لزعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية بإعطائه وزارة الأشغال، وهذا من أبسط حقوقه، بينما لم تتصرف بالطريقة ذاتها مع باقي الحلفاء، “بدليل أن تلك المكونات رمت بنفسها في أحضان سعد الحريري بمفرده، وأعطته حصرية التمثيل السني برغم تراجع شعبيته، في وقت تغض فيه النظر عن سائر الأطراف السنية التي ارتبطت معها طيلة السنوات العشر الماضية بحلف سياسي دفعت ثمنه غاليا على الصعد السياسية والشعبية والانتخابية في مناطقها وصولا الى تهديد سلامتها وسلامة مناصريها، وبالتالي فإن من أقل الوفاء أن يتم تمثيل هذه الأطراف في الحكومة، بدل الاستغناء عنها والاستخفاف بحضورها الذي يتنامى يوما بعد يوم” على حد تعبير إحدى الشخصيات السنية.
ووفق الشخصيات نفسها، فإن إصرار رئيس الجمهورية على تسمية وزير سني، “لم يأت لينصف سنّة الشمال والبقاع ممن هم خارج “تيار المستقبل”، بل جاء ليصب على الأرجح في دائرة محددة ووفقا لمصالح معينة، بعيدا عن رد الجميل لكل من وقف الى جانبه ودعم ترشيحه للرئاسة”.
وما يزعج بعض القيادات السنية، أنها سمعت من “الحلفاء” كلاماً بأن هذه الحكومة سيكون عمرها خمسة أشهر فقط، وهي لا تستأهل الدخول إليها، فيما ترى هذه القيادات أن كل الأطراف السياسية تتسابق على الوزارات الخدماتية من أجل تجييرها انتخابيا لمصلحة مناصريها والاستفادة منها انتخابيا، في وقت يبقى فيه القانون الجديد الذي من المفترض أن تجري الانتخابات على أساسه في علم الغيب، ما يوحي أن عمر هذه الحكومة هو سنة وخمسة أشهر، لأن استمرار التقاعس في إنجاز القانون الانتخابي سيؤدي حتماً الى تأجيل الانتخابات عاماً إضافياً… أما إذا جرت الانتخابات وفق قانون الستين، فذلك لا يعني “سوى أن المجزرة مستمرة.. وللبحث صلة”.