بدأت أصوات اعتراضية داخل المستقبل حول الأسلوب الذي يجري التعاطي به مع الرئيس المكلف سعد الحريري في خضم لائحة الشروط التي تبرز يوميا وتوضع أمامه، علما ان أي تأخير إضافي في عملية تأليف الحكومة، سيضعف رصيد العهد ورئيسه في شكل أساسي، بعدما بدأت المقارنة بين الفارق بين مرحلة الشغور، التي كانت الحكومة تجتمع خلالها وتقوم القيامة إن لم تجتمع لأسبوع واحد، ومرحلة انتخب فيها رئيس للجمهورية مع كل الاحتفالية التي طبعت أيامه الأولى، لكن من دون حكومة تسير الشؤون التنفيذية للحكم، ما بدأ يثير تململا مبكرا.
وألمحت مصادر مقربة من بيت الوسط لصحيفة “الأنباء” الكويتية الى امتعاض كبير من طريقة التعاطي مع الرئيس المكلف في مسألة التشكيل، فرغم تعالي تيار المستقبل على شكوكه الأكيدة برغبة إقليمية لإبطال مفعول التكليف عبر إسقاط التأليف، ثمة من يحاول تهميش الرئيس المكلف وابتزازه وإضعافه على قاعدة “إما أن تقبل المعروض وإما لا حكومة”، بعد الأكثرية النيابية التي نالها، وتحويله الى “بوسطجي” يحمل “الطبخات” الحكومية الى رئيس الجمهورية وفقا لسياسة الأمر الواقع المفروضة، بعدما بات أسير الموافقة على توزيع قطعة الجبنة الحكومية بين الأطراف، على حساب تغييب دوره الدستوري وصلاحيته الحصرية بتشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
ومع أن المشهد الحكومي قد يظهر مشكلة شيعية- مسيحية، فإن الرئيس المكلف يمكن أن يعتبر من أبرز المتضررين المباشرين أولا لأن التسوية السياسية التي أبرمها لا تعطيه ليس اليد المطلقة نسبيا في تأليف الحكومة بل تقيده كليا بما قد يعيد بقوة الى الواجهة المنطق الذي عارض به بعض المستقبليين، هذه التسوية التي خشي ألا تكون مكتملة أو مضمونة بدليل ما أصيب به مرتين في تشكيلتين جاهزتين عرضهما على رئيس الجمهورية ورفضهما بذريعة أو بأخرى.
ثم لأن ما يجري وإن كان تحت عنوان كباش مسيحي شيعي فإنه ينعكس سلبا عليه لجهة تأخير تأليف الحكومة باعتباره هو أبرز المتضررين من تأخيرها على عكس كل الأفرقاء الآخرين ولو أبدوا انزعاجهم من التأخير بذريعة أن ذلك يمكن أن يؤثر على الانتخابات النيابية المقبلة، إن لجهة موعدها أو لجهة القانون الذي يفترض أن يقر من أجل إجرائها على أساسه بدلا من قانون الستين.
فمن يدفع الفواتير راهنا هو رئيس الحكومة المكلف وليس أي طرف آخر بمن فيهم رئيس الجمهورية الذي تنصل مسبقا من الحكومة العتيدة على أساس أنها ليست حكومته مع أنه رفض التشكيلة التي حملها إليه الرئيس المكلف مرتين حتى الآن إن لم يكن من أجل مصالحه فمن أجل حماية مصالح حلفائه، وهو أمر بديهي ومتوقع، في حين أن الثغرة لدى الرئيس المكلف أنه، وفي غمرة اضطراره الى تنازلات على الأرجح في التشكيلة الحكومية، يرى البعض أنه يتقصد ذلك من أجل إما تأجيل الانتخابات أو الذهاب الى إجرائها على قانون الستين.