ذكرت صحيفة “الراي” الكويتية انه بات واضحاً استعجال رئيس البرلمان نبيه بري إنجاز البيان الوزاري للحكومة وتمنيه ان تنال الحكومة على اساسه الثقة بين عيديْ الميلاد ورأس السنة، بما يؤشر الى رغبة فريق “8 آذار” الذي يشكل “حزب الله” رافعته الأساسية في “التقاط فرصة” الانتخابات النيابية المقبلة لتحقيق غايتيْن متوازيتيْن وفق دوائر سياسية في بيروت: الاولى ضمان “دفن” قانون الستين الحالي للانتخاب والذي يشّكل سيفاً مصلتاً عليه يمكن ان يسمح بـ “محاصرته” في حال قام تحالف بين كل من “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” والنائب وليد جنبلاط و”التيار الوطني الحر”، وهو التحالف الذي من شأنه ان يوفّر غالبية تتجاوز 90 نائباً من اصل 128، مع ما يعنيه ذلك من جعل “المدى” السياسي لحزب الله محكوماً بحدود اللعبة التي ستفرضها نتائج مثل هذه الانتخابات، وهو المدى الذي لا يرى الحزب انه يتلاءم مع “حجمه” الاقليمي الذي تجلى في “الحروب” التي ينخرط فيها في أكثر من ساحة ولا “الانتصارات” التي يعتبر انه يحققها.
اما الغاية الثانية، فهي النفاذ من النسبية التي يصرّ عليها في اي قانون انتخاب للفوز بغالبية تُدخِله في الوقت نفسه الى “بيوت خصومه” في محاولة “لمقاسمتهم” نفوذهم داخل طوائفهم، بما يتيح اولاً “تقليم أظافر” زعامات بارزة أهمها الرئيس سعد الحريري، وثانياً تكوين “كيانات سياسية” رديفة تسمح له بالإبقاء على امتداد سياسي خارج “الرقعة” المحددة دستورياً للطائفة الشيعية والتي تمنحها سلطة “الثلث” وليس أكثر، اي الانتقال من منطق التعطيل لفرض “الاحادية في الإمرة الاستراتيجية”، الى مرحلة “تسييل” هذه في “سلطة التقرير”.
ولعلّ هذه الأبعاد هي التي تجعل النقاش حول قانون الانتخاب يكتسب أبعاداً استراتيجية سياسياً و”وجودية” طائفياً ومذهبياً، وهو ما يعبّر عنه الرفض القاطع للرئيس الحريري لأي قانون يقوم على النسبية الكاملة في نظام الاقتراع وقرْع النائب وليد جنبلاط “طبول المعركة” بوجه مثل هكذا قانون وصولاً الى اعلانه “لسنا قطيع غنم ليسلّم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب”، قبل ان يلاقيه المجلس المذهبي الدرزي مؤكداً أن “أي قانون انتخاب يخفي محاولات عزل سيجابه بالوسائل والطرق المتاحة”.
وكان لافتاً انه بعيد تشكيل لجنة صوغ البيان الوزاري برئاسة الرئيس سعد الحريري وعضوية كلّ من الوزراء محمد فنيش وسليم جريصاتي وعلي حسن خليل وبيار أبي عاصي ونهاد المشنوق ومروان حمادة ويوسف فنيانوس، سرت معلومات عن عقد لجنة خبراء اول اجتماع لها امس للبحث في صيغتيْن لقانون الانتخاب: الاولى التي وردت في اقتراح الرئيس نبيه بري اي النظام المختلط على قاعدة 64 نائباً يُنتخبون بالاقتراع النسبي و64 بالأكثري، والثانية المتفق عليها بين بري وتيار عون اي الانتخاب على مرحلتين: الاولى تأهيلية على أساس القضاء بالأكثري والثانية انتخابية على اساس المحافظة بالنسبي.
وفي حين تكمن “الشياطين” في اي من هاتين الصيغتين في تفاصيل الدوائر ثم في “البوانتاجات” التي ستجري على أساسها بما لا يسمح لأي فريق بالتسليم مسبقاً بقانون يهدي الفوز لخصومه، لم يتّضح مصير الاقتراح الذي سبق ان تقدّمت به “القوات اللبنانية” و”المستقبل” وجنبلاط ويقوم على انتخاب 60 نائباً وفق النسبي و68 على قاعدة الأكثري.