ذكرت صحيفة “الجمهورية” ان الحوار الانتخابي عكس ايجابيات حول اجتماع لجنة الخبراء الانتخابيين، بين “حزب الله” وحركة “امل” وتيار “المستقبل”. وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري “إنّ الاجواء مريحة”. والمنطق نفسه عكسه مطّلعون على موقف “حزب الله”، فيما تحدثت أوساط تيار “المستقبل” عن انفتاح ومرونة وصراحة في العمق.
لكن السِمة الجامعة بين هذا الثلاثي هي أنّ الامور ما زالت في بداياتها، لكن مبدأ اعتماد النسبية صار مفروغاً منه، خصوصاً انّ الجميع باتوا على يقين من انه لم يعد هناك مكان لقانون الستين، وإن استمر المنحى الايجابي غالباً على النقاشات التي تجري، فذلك يبشّر بالوصول الى إنجاز. وتحدث متابعون لهذا الحوار عن احتمال جدّي لتوسيع حلقته ليشمل الفرقاء الآخرين.
وفيما يبقى الحذر الانتخابي سائداً في كليمنصو، ويقف رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط خلف متراس الرفض للنظام النسبي باعتباره سيفاً مُهدِّداً، له بُعد وجودي له ولمَن يمثّل، فإنّ التطمينات المباشرة وغير المباشرة ما زالت تَرد إليه من عين التينة، وبرّي يتفهّم هواجس جنبلاط، ويؤكد انّ التوجّه الأكيد هو نحو قانون عصري وعادل يطمئن الجميع ويبدد الهواجس، وليس الى قانون يفاقم الانقسام ويزيد الهواجس.
والملاحظ في عين التينة، اندفاعة جدية من جانبها للتواصل مع الجميع، وتحديداً مع الحزب التقدمي الاشتراكي، للوصول الى مقاربة مشتركة حول القانون الانتخابي المختلط الذي اقترحه بري (64 نائباً ينتخبون على أساس النظام النسبي و64 نائباً ينتخبون على أساس النظام الأكثري)، مع مراعاة المبدأ الاساس وهو المناصفة. وكذلك حول المشروع القائم على التأهيل (أكثري على مستوى القضاء ونسبي على أساس المحافظة).
وتعكس عين التينة تأكيداً متجدداً من رئيس المجلس على الضرورة الملحّة للوصول الى قانون انتخابي في أسرع وقت ممكن، خصوصاً انّ المهل تُداهمنا، وكذلك التأكيد على انّ الطموح الاساس بالنسبة إليه يبقى الوصول في لحظة معينة الى اعتماد النسبية الشاملة باعتبارها الخيار الأفضل للبنان. الّا انّ بري لا يتمسّك بهذا الطموح الذي إذا ما تعَذّر بلوغه فلا بأس في أن نتدرّج في صعود السلم، وبالتالي المباشرة في تطبيق النسبية جزئياً على جرعات.
وعلى ما يؤكّد بري، يفترض ان يكون قانون الستين قد اصبح من الماضي، وللجميع من دون استثناء مصلحة في الخلاص منه، علماً انّ العودة اليه تعيد لبنان أولاً 67 سنة الى الوراء، وتُرخي تداعيات خطيرة على كل البلد وفي المقدمة على العهد وعلى كل الطبقة السياسية. وهذا يضع الجميع أمام حتمية الالتقاء على الدفع نحو قانون عصري يكون بمثابة إنجاز نوعي لا بل بمثابة أهم هدية نقدّمها الى اللبنانيين.
وهناك فرصة حقيقية للوصول الى هذا القانون، وهذا لا ينفي انّ إنجازه قد يحتاج الى بعض الوقت الاضافي، وهنا الحل موجود بحيث يُصار الى تأجيل تقني محدود جداً للانتخابات لشهر او شهرين او ثلاثة لاستكمال التحضيرات الاجرائية، على ان يتمّ النص على هذا التأجيل وسقفه في متن القانون الجديد، وذلك لكي يكون هذا التأجيل مطّاطاً وفضفاضاً.