ذكرت صحيفة “العرب” اللندنية ان مشكلة المخدرات في إيران أصبحت وباء وطنيا، حسب مسؤولين من وزارة الصحة، وهو وباء يجذب الفقراء والميسورين ويجلب العلمانيين كما يجلب رجال الدين، الذين يبحثون عن النشوة في تعاطي تشكيلة من المخدرات القوية بما في ذلك مادة الميثامفيتامين ومسكنات الأوجاع والمهلوسات الاصطناعية والهيروين والأفيون المهرب من أفغانستان المجاورة.
ونجحت إيران في أن تتوج بلقب عاصمة المخدرات في العالم دون منازع، فالسواد الأعظم من الإيرانيين مدمن، ولا فرق بين غني وفقير ولا رجل دين وعلماني في تعاطي المخدّرات، حتى الأطباء والممرضات لا يجدون راحتهم إلا في جرعة المخدرات.
ويقول حسن رضاوي، مدير مركز تأهيل صغير في غرب طهران، في تصريح لصحفية وول ستريت جورنال “ما من فئة من المجتمع محصنة. حتى أبناء آيات الله ورجال الدين تجدهم من بين المرضى في مصحاتنا”.
ويقول مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إن “لدى إيران أحد أخطر أزمات المخدرات في العالم”.
ويقدر مسؤولون في وزارة الصحة الإيرانية أنه يوجد 2.2 مليون مدمن على المخدرات في هذا البلد الذي يضم 80 مليون ساكن، أي ما يعادل 2.75 بالمئة من السكان، لكن الأطباء الذين يشغّلون بعض المئات من مصحات إعادة التأهيل التي تصادق عليها الحكومة والمنتشرة في كافة أنحاء البلاد يعتقدون أن الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك بكثير.
ويعتبر الوضع الاقتصادي المتأثر بالعقوبات وحالة الانغلاق التي يفرضها النظام على الإيرانيين من أسباب تصاعد الإحساس بالإحباط في المجتمع الإيراني، ما دفع الكثير من الناس إلى تعاطي المواد المخدرة.
في وسط مدينة طهران، يتسلل مروجون صغار بين الحشود ويهمسون كلمة “دارو” التي تعني دواء، وهو عرض لبيع أي شيء انطلاقا من مسكنات أوجاع إلى مخدرات اصطناعية. يكلف زاد يوم من الأفيون دولارا واحدا في اقتصاد يتقاضى فيه متحصل على شهادة الثانوية حوالي عشرة دولارات في اليوم.
وتقر الشرطة بوجود تجارة سرية مزدهرة للميثادون المصنع داخل البلاد الذي يباع بضعف سعر وزارة الصحة الذي يبلغ 1.40 دولار لمئة قرص.
ويقول رضاوي “الفارق بين سعر السوق السوداء للميثادون والسعر الرسمي الذي نشتري به من وزارة الصحة كبير إلى درجة أنه يدفع المستخدمين والمهربين إلى بيعها في السوق السوداء”.
وداخل مصحة رضاوي بمساحة 800 قدم مربعة، تلقّى 250 مريضا العلاج من الإدمان في السنوات الثلاث الماضية.
وكان من بين مرضى رضاوي جراحون وممرضات غرف العمليات ومدراء شركات حكومية وأساتذة وعمال بمرتبات شهرية وفنانون وممثلون، ويقول مع ذلك لا يمكن القول إن أحدا منهم تخلص نهائيا من الإدمان.
وجربت الحكومة الإيرانية إجراءات مكافحة مخدرات قاسية وذلك بالحكم بالإعدام على أعداد كبيرة من المدانين.
لكن البعض من الإيرانيين، قال في تصريحاته التي نقلتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن آفة المخدرات تم التعامل معها بأقل حدة من الإدمان على الكحول لأنه يعتقد أن المخدرات أقل تأثيرا على فريضة الصلاة؛ كما أن هناك نسبة هامة من رجال الدين يتعاطون المخدرات.
ويساعد على انتشار المخدرات توفرها بشكل كبير، فإيران توجد على طريق التهريب الرئيسية للخشخاش، الممتدة من أفغانستان إلى أوروبا الغربية. كما تتم زراعة الأفيون في إيران التي تمثل إلى جانب أفغانستان وباكستان المثلث الذهبي لتجارة المخدرات.
وتعتبر إيران أكبر مستهلك للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، ويأتي 95 بالمئة من الهيروين من أذربيجان في إيران.
وإضافة إلى إنتاج الأفيون، كشفت تقارير إعلامية أن الحرس الثوري الإيراني يشرف بنفسه على مصانع لإنتاج حبوب الكبتاغون المخدرة.
وتكشف التقارير أن إيران تستخدم نفوذها في العراق، من أجل تصدير المخدرات إلى دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي ولبنان وسوريا والعراق، وبقية دول العالم ، بما يجعل إيران تتحول إلى عاصمة ومركز للتهريب على مستوى العالم، فهي تربط بين مزارع الإنتاج في أفغانستان وأسواق الاستهلاك في الدول الأخرى.