تقرير “هافينغتون بوست ـ عربي”:
دفع رجل لبناني ثمناً باهظاً لإنقاذه ضحايا هجوم برلين الإرهابي الذي وقع في 19 كانون الأول 2016 ، حيث أصيب بجراح خطيرة، لكنّه كسب احترام وتقدير الدولة الألمانية، التي عبرت من خلال رئيسها يواخيم غاوك عن شكرها له.
بطل لبناني
وذكرت صحيفة “بيلد أم زونتاغ” الألمانية أنّ “علي د”، المولود في لبنان، أصبح أحد أبطال تلك الليلة المريعة التي قُتل فيها ١٢ شخصاً وأصيب العشرات، إذ أنه تواجد في التوقيت الصحيح في المكان الخطأ تلك الليلة عندما كان على الطريق لسوق عيد الميلاد، فيما كان منفذ العملية أنيس عامري قد سرق شاحنة وبدأ بدهس الزوار، فتحول إلى شاهد عيان على الحادثة وبطلها في الوقت نفسه.
وكان “علي د” وصل إلى ميدان “برايتشايدبلاتز” بعد الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم بقليل، وقبل أن يصل إلى سوق عيد الميلاد نفسه، صدمت الشاحنة أمامه جمعاً من الناس المتواجدين هناك، فركض وبدأ بمساعدة الناس المتواجدين حوله.
وقال الرجل البالغ من العمر ٣٩ عاماً للصحيفة إنه ركض كالمجنون ثم طلب من الواقفين هناك بالتحدث مع الضحايا الذين يستجيبون للكلام وإبقائهم في وعيهم حتى مجيء المساعدة، وعند الضرورة إغلاق الجراح التي تنزف بشدة بالضغط عليها.
وأضاف أنّه يتذكر كيف أنّ أفراد الشرطة المدنية كانوا مستلقين على الأرض وهم يحملون سلاحهم خوفاً من أن يكون المعتدي قد خطط لما هو أسوأ. وعن أسوأ اللحظات التي مرّ بها ، يقول إنّه حمل رضيعاً يبلغ قرابة ٣ أشهر على ذراعه وكان الطفل حياً ينظر إليه بعينيه الكبيرتين، فيما كانت والدته ملقاة إلى جانبه من دون حراك، فأعطى الطفل لسيدة كانت واقفة إلى جانبه ليستطيع مواصلة المساعدة.
ووصف “علي” كيف كان البعض يغمى عليه عند مشاهدة الأجسام المسحوقة في تلك المجزرة.
وأوضح أنّه حاول أن لا ينظر إلى الأجسام، وقام بسحب الأنقاض إلى طرف، وأراد تحرير ٣ من الضحايا العالقين عندما انهار كشك لبيع الفطائر الفرنسية “كريب” وسقط عليه. فأصبح لا يرى حوله سوى السواد جراء الإصابة، ولم يرَ النور بعدها إلا عندما تمّ وضع حقنة “أدرينالين” في طرف أصبعه، ليستيقظ ليجد نفسه في مستشفى برلين شاريتيه.
كرسي متحرك
وجاء تشخيص حالته على أنّه مصاب بكسر مزدوج في فقرتين رقبيتين ورضوض في النخاع الشوكي لذا توجب عليه استخدام كرسي متحرك، إذ لن يستطيع المشي مدّة ٤ أسابيع على الأقل.
يقول علي: ”في اللحظة الأولى كنت آمل أن أكون حالماً بكل هذا”، مضيفاً: “لن أنسى هذه الصور المريعة في حياتي”.
ويعيش الرجل، المولود في بلدة عدلون اللبنانية، منذ ٣٢ عاماً في برلين، ولديه ابن يبلغ من العمر ١٢ عاماً، ويعمل كتاجر سيارات.
وكان الرئيس الألماني يواخيم غاوك قد زار المشفى المذكور بعد يومين من الاعتداء والتقى بالطاقم الطبي والضحايا، وكان “علي” بينهم، وقام بشكره على ما فعله، بحسب الصحيفة. وتحدث الرئيس الألماني بعد الزيارة في كلمة أمام الصحافيين، عن لقائه برجل مصاب بجراح بليغة كان من بين المساعدين.
وقال الرئيس الألماني إن الرجل “جُرح لأنه قام بالمساعدة، لو بقي بعيداً وقام بالتقاط صور أو فيديوهات بهاتفه المحمول، لما حدث له شيء”. وأضاف: “ولكنه وحتى من دون أن يكون قد تلقى تدريباً طبياً، اندفع لهذه الفوضى، وشاهد على اليسار واليمين أناسًا يموتون وقام بالمساعدة، فأصيب خلال تحركه للمساعدة، لأن عارضة خشبية أصابته بشدة، وهو الآن في طريقه للشفاء، وحالته تشهد تقدماً طبياً جيداً”.