اكدت مصادر في “القوات اللبنانية” لـ”المركزية” ان انتخاب الرئيس ميشال عون شكل محطة تأسيسية لمرحلة جديدة كرّت بعدها سريعا سبحة الخطوات الإيجابية من تكليف الرئيس سعد الحريري إلى تأليف الحكومة والاتفاق على البيان الوزاري ونيل الحكومة ثقة مجلس النواب، الأمر الذي نقل لبنان من حقبة كان عنوانها الأساس الفراغ والتعطيل والمجهول وضرب ما تبقى من هيكل الدولة، إلى حقبة جديدة عنوانها إعادة التفعيل والحيوية إلى المؤسسات الدستورية للدولة اللبنانية.
وما يجدر التركيز عليه، بالنسبة إلى المصادر نفسها، أن هذه النقلة من المرحلة التعطيلية إلى المرحلة التفعيلية لم تحصل نتيجة رعاية خارجية ودعوة القوى السياسية إلى مؤتمر خارجي للاتفاق على تسوية محلية، على غرار ما كان يحصل في محطات سابقة، إنما تمت بدينامية محلية فقط لا غير وبالتالي وفق صناعة لبنانية.
وأضافت: إن عودة الحياة السياسية إلى لبنان لم تحصل بسحر ساحر، إنما انطلقت من مسار محدد، بدأ فعليا في 18 كانون الثاني من هذا العام مع دعم رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون، إذ لولا تضحية “القوات اللبنانية” بسحب مرشحها الذي يتمتع بحيثية مسيحية وقاعدة وطنية وعمق عربي وعلاقات دولية لمصلحة خصمها التاريخي العماد عون، لما وصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم، وبالتالي الدينامية الوطنية لكل المسار الذي توِّج في 31 تشرين الأول بدأ مع ترشيح جعجع لعون، الذي أفضى بدوره إلى ترشيح الحريري لعون.
فالثمن الذي دفعته “القوات” أثمر إخراج لبنان من الفراغ المتمدد إلى تمدد الدولة، والوضع القائم اليوم لا يقارن بالوضع الذي سبق انتخاب عون، حيث دخلت البلاد في مزيد من الاستقرار الأمني والمالي والسياسي، الأمر الذي ينعكس ارتياحا واطمئنانا على مستوى الناس أولا والمستثمرين ثانيا، بما يعيد الثقة المفقودة بين الناس والدولة، من هنا أهمية اتخاذ حكومة الرئيس الحريري تسمية “استعادة الثقة”.
اما كل ما يقال عن أثمان سياسية ووطنية فلا أساس له من الصحة، بحسب المصادر، وقد أثبتت مواقف الرئيس عون منذ لحظة انتخابه انه على مسافة واحدة من الجميع داخليا وخارجيا، وفي ظل توازن سياسي يسمح للمرة الأولى منذ العام 2005 بتحقيق الإنجازات، خصوصا أن كل القوى مبدئيا قررت ترحيل الملفات الخلافية والتركيز على المواضيع والقضايا والملفات التي تشكل مساحة مشتركة في ما بينها.
ورأت المصادر ان تكليف الرئيس الحريري يشكل بحد ذاته أيضا خطوة متقدمة على طريق مشروع الدولة في لبنان، كما ان تشكيل الحكومة وانطلاق عملها يصب في خانة إحياء المؤسسات الدستورية التي كانت معلقة، وكل هذا المسار يؤدي إلى تثبيت اتفاق الطائف وتحصينه، وأيضا تدعيم ركائز الدولة التي اهتزت بفعل الفراغ المتمادي.
وقالت المصادر ان كل الرهان على استمرار التناغم القائم داخل مجلس الوزراء وبين الرؤساء على توجه واحد هو تحصين الحيوية السياسية التي غابت عن رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، والتحصين يكون حصرا من خلال التقيد بالدستور والابتعاد عن التعطيل والتعامل بروح إيجابية مع الاستحقاقات، خصوصا لجهة إقرار قانون جديد للانتخابات واتمام الاستحقاق النيابي، وتحّول مجلس الوزراء إلى السلطة التي تعنى بهموم الناس وشجونهم وتحقق الإنجازات المطلوبة.
فسنة 2016 كانت سنة إيجابية على لبنان الذي خرج من دوامة التعطيل إلى العمل المؤسساتي، وكل الأمل أن يستكمل هذا المسار في العام الحالي بالحفاظ على الحيوية الوطنية والإنتاجية السياسية، الحكومية والنيابية، و”القوات اللبنانية” ستكون رأس حربة الدفع في اتجاه تثبيت دعائم الدولة واستمرار الزخم الذي انطلق مع انتخاب عون وتكليف الحريري.
ولفتت المصادر إلى أن الجو المسيحي تبدل لجهة استعادته حيويته وثقته بنفسه بمجرد أن استعاد مشاركته الفعلية وشراكته على مستوى النظام، الأمر الذي يصب في خانة تحصين الميثاق الوطني بين اللبنانيين، لأن الشكوى المسيحية هي شكوى وطنية لا فئوية على غرار أي شكوى أخرى إذا وجدت وتتصل بالفعالية المطلوبة تحت سقف الدولة.