IMLebanon

تقرير IMLebanon: اللبنانيون والسفر إلى تركيا… كابوس الخسائر السياحية

 

 

 

تواجه تركيا اليوم ازمة اقتصادية وسياحية غير سهلة ولا واضحة الأفق والنتائج بسبب موجة الاعتداءات الارهابية والازمات السياسية التي تطالها.

من أبرز علامات الخسائر هبوط معدل النمو في بلد كان من أكثر الدول نمواً قبل سنوات الى ما دون الـ4%. اما الأهم فهو انخفاض الخزان السياحي التركي بنسبة 30% لتبلغ الخسائر جراء ذلك اكثر من 11 مليار دولار، الى جانب انخفاضات تاريخية لليرة التركية مقابل الدولار حيث وصلت الى 3.59 ليرة. كل ذلك يشير الى تفاقم الازمة الاقتصادية وزيادة في الدين العام وارتفاع معدل التضخم وسعر الفائدة.

وأتى الاعتداء الارهابي الاخير الذي شهدته تركيا ليلة رأس السنة في ملهى “لا رينا” في القسم الفاخر والمحصّن من اسطنبول ليكون بمثابة مسمار جديد في جسد السياحة التركية التي تعيش أيامها الصعبة، فيما تشير جنسيات الضحايا حيث كان بينهم الكثير من العرب الى ان التداعيات ستكون ضخمة خصوصاً وأن سياح بالملايين كانوا يقصدون تركيا سنوياً من الدول العربية.

IMLebanon يلقي الضوء على احتمالات المستقبل السياحي لتركيا والتداعيات القاصمة التي تصيبها ويحاول استكشاف معالم الغد السياحي التركي كما عن مستقبل السياحة اللبنانية الى بلد استقطب الآلاف من اللبنانيين منذ سنوات.

عامل الخوف لا سعر له

الاستاذ في الجامعة الأميركية والخبير الاقتصادي كامل وزنة، يؤكد لـIMlebanon أن “تركيا تأثرت بمحيطها والعوامل التي ادت الى التراجع السياحي هي سياسية  وأمنية بامتياز، فالأسباب السياسية ثلاث، الانقلاب العسكري الذي كاد يطيح بالرئيس رجب طيب اردوغان، التفجيرات الامنية المتتالية وتصعيد الخلاف مع الاكراد الذين يطالبون بحكم ذاتي والسياسة الفاشلة لاردوغان في العراق وسوريا”.

ويضيف أن “الاقتصاد مرتبط بالاستقرار الأمني وإن انعدم الأمن فسيسبب بمشكلة اقتصادية وسياحية كبيرة خصوصا ان تركيا تعتمد على الخدمات وتحديدا السياحة التي تعتبر دخلا اساسيا لها، واليوم المستثمر والسائح وحتى المصنّع سيغيرون وجهتهم عن تركيا، مع العلم ان تركيا دولة مصنعة بامتياز وموزعة لشركات كبرى في العالم. ولكن بمجرد حصول اعتداء ارهابي وسقوط عدد كبير من المواطنين الاجانب والعرب فهذا يشكل عامل خوف لدى السائح، مع العلم ان تركيا هي الارخص في المنطقة من اجل السياحة لما تقدمه من خدمات ولكن عامل الخوف لا سعر له”.

السياحة هي العمود الفقري لتركيا

من جهته، يؤكد معدّ ومقدم النشرة الاقتصادية في الـmtv ورئيس قسم الاقتصاد في صحيفة “النهار” موريس متى لـIMLebanon أن “القطاع السياحي في تركيا يعتبر العمود الفقري الاقتصادي لتركيا، وبحسب الارقام الرسمية ففي العام 2004 زار تركيا بحدود 12 مليون و500 ألف زائر، اما في العام 2015 فوصل العدد الى نحو 32 مليون زائر ما يعني ان العدد ارتفع بشكل ايجابي كبير وهذا الامر ادى في العام 2015 لايرادات للدولة وصلت الى قرب الـ25 مليار دولار، ما يؤكد ان القطاع السياحي هو عامل اساسي للاقتصاد التركي”.

تركيا… واللااستقرار

ويشرح متى أن “العوامل التي حطمت هذا النمو السياحي كثيرة ما ادى الى انعكاس سلبي في الاقتصاد، ففي السنتين الماضيتين حصلت امور عدة أبرزها الحظر الذي حصل من قبل روسيا وذلك نتيجة اسقاط تركيا للطائرة الروسية فوق سوريا وعندها حصل عقوبات كثيرة من قبل روسيا، ولكن على الرغم من حصول تطبيع للعلاقات منذ مدة فهذا الامر لم يعوض الخسائر خصوصا بعد حظر سفر الروس الذين يعتبرون من السياح الاساسيين لتركيا”.

ويضيف متى أن “محاولة الانقلاب الفاشل التي حصلت في تركيا زعزعت ايضا الوضع الامني في تركيا خصوصا انها حصلت في منتصف الصيف بحيث تكون تركيا في قمة ذورتها السياحية خصوصا ان 60% من الايرادات السياحة تسجل في فصل الصيف خصوصا على الشواطئ والجزر التركية” أما العامل الأساسي والاهم فهو الاعتداءات الارهابية التي طالت تركيا ان كان التي تبناها “داعش” او حزب الاكراد الذي يعتبر حزبا انفصاليا وتحاربه السلطات التركية”.

عملية شاملة و”بداية الخوف

اما وزنة فيرى ان “ما تشهده تركيا من تراجع في الاقتصاد سببه الفلتان الامني والتفجيرات المتتالية بالاضافة الى السياسات المالية الخاطئة ما ادى الى انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، وهذا الوضع لا يمكن ان يتحسن في اي وقت قريب الا من خلال عملية شاملة وواسعة تشمل المنطقة كلها، لانه لا يمكن ان يكون هناك استقرار في تركيا الا اذا كان هناك استقرار في العراق وسوريا”.

ويشير الى أن “سياسات صفر عداوات التي اتبعها حزب العدالة والتنمية مكنت تركيا ان يكون عندها نمو جيد في بداية العام 2004 حتى بداية الحرب السورية بحيث وصل معدل النمو الى 9% ولكن اليوم في الوضع الحالي مع الاعتقالات الكبيرة التي تحدث والتفجيرات الارهابية تراجعت نسبة النمو الى دون الـ4%”.

ويشدد وزنة على أن “الاعتداء الارهابي الأخير الذي وقع في الملهى الليلي “لا رينا” هو بداية الخوف السياحي، وبالتأكيد سنشهد انخفاضا اكبر للعملة التي قد تنهار، فمن ثلاث سنوات كانت تسجل 1.60 أما اليوم فوصلت الى 3.59 وهذا رقم كبير، واذا لم يكن هناك سيطرة على الارهاب ومحاولة تعويض الخسائر فالسائح لن يعود الى تركيا على الاقل لفترة زمينة كبيرة”.

11 مليار دولار خسائر

وبحسب الأرقام، فإن “الهجمات التي حصلت ومحاولة الانقلاب الفاشلة والعقوبات الروسية حملت خسائر للدولة التركية بحدود الـ11 مليار دولار وهذه خسائر اجمالية للقطاع السياحي، فالدولة التركية تعرضت لـ13 عملية ارهابية بأقل من 7 اشهر فهذا الامر يعد بضربة قاضية للسياحة والاقتصاد”، يقول متى.

ويتابع أن”أرقام السياحة والسفر في تركيا تشير الى أن العمليات الارهابية لما قبل اعتداء “لا رينا” وصلت خسائرها الى حدود الـ8 مليار و500 مليون دولار، بالإضافة الى تراجع عدد السياح بحدود الـ30% في العام 2016 مقارنة مع العام 2015 يعني تقريبا تركيا تخسر 12 مليون سائح في السنة”.

600 ألف فرصة عمل ضائعة

تداعيات الخسائر هذه كانت ايضا على شكل خسائر فرص عمل، بحيث خسرت تركيا بحدود 600 ألف فرصة عمل بسبب الاعتداءات الارهابية، حسب متى الذي يشدد على ان “فالفنادق والمطاعم والمؤسسات السياحية اقفلت ابوابها وافلست واجبرت على طرد موظفيهت وهذا الامر زاد نسبة البطالة، من دون أن ننسى أن العمليات الارهابية ادت الى مقتل 400 شخص منهم عدد كبير من السياح وهذا الامر دفع عدد كبير من الدول الخليجية والدولية الى حظر السفر الى تركيا”.

متى يلفت الى أن “ملهى “لا رينا” في اسطنبول يمثل مركزا اساسيا للسياحة التركية، فضربه هو اشبه بضرب وسط المدينة لاي بلد كان، لانه مقصد سياحي اساسي لكل الطبقة المخملية التي تزور تركيا، وعدد الضحايا الذين قتلوا وجرحوا هم من العرب، والمرحلة المقبلة ستحمل الكثير من الخسائر الاقتصادية والسياحية في تركيا خصوصا أن النمو وصل الى دون الـ4% جراء الضربات الارهابية”.

أسئلة عن شركات السفر اللبنانية وعروضها المغرية!

وفي ما يتعلق بالسياحة من لبنان الى تركيا التي ازدهرت كثيرا في السنوات الاخيرة قبل حصول الفاجعة في “لارينا” والتي ادت لاستشهاد 3 لبنانيين، فاللافت يبقى ان شركات السفر في لبنان تدفع المواطنين بالتوجه الى تركيا عبر العروض المغرية التي تقدمها إذ يصل سعر الرحلة من اجل قضاء أربعة ايام في تركيا الى 350$ واقل، بالإضافة الى الفندق ومصاريف التنقل من المطار الى الفندق.

IMlebanon حاول الاتصال بأكثر من شركة للحجوزات والسفر لمعرفة ما إذا كانت العروض الى تركيا لا تزال سارية وان كانت الرغبة بالسفر اليها مستمرة، لكن الشركات امتنعت عن اعطاء اي معلومات عن نسبة الحجوزات وإذا تراجعت الارقام ام لا.

من المؤكد ان الضربة الارهابية الأخيرة اثرت على الرأي العام اللبناني بحيث سيفكر المواطن مرتين قبل السفر الى تركيا والمخاطرة بحياته. وهنا برزت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي كي تعيد شركات السفر النظر بعروضها المغرية الى تركيا، كما سألت عن امكان صدور تنبيه او حظر بالسفر الى تركيا ولو لفترة وجيزة او لحين استقرار الوضع الامني هناك…