تقرير العربية: “مفاجآت جديدة كشفها أحد الناجين السعوديين من هجوم اسطنبول الدامي، إذ قال الثلاثاء في حديث لـ”العربية” إن المهاجمين كانوا ثلاثة، وقد تكون بينهم امرأة.
وسرد حسن خاشقجي التفاصيل العصيبة التي عاشها لحظة وقوع الهجوم الدامي على مطعم “رينا” باسطنبول ليلة رأس السنة، حيث كان بصحبة زوجته قبيل إطلاق النار بـ40 دقيقة. وقال لـ”العربية”: “قمنا بحجز مقعدين في “رينا” حسب مقترح الفندق لنا، إذ قيل إنه آمن، وترتاده كبار الشخصيات. ووصلنا قرابة 11.20 إلى المطعم بعد تخطي زحمة السير في أوتوركي”.
وأضاف: “وضعنا معاطفنا أنا وزوجتي في الأمانات، وقادنا أحد المنظمين إلى طاولتنا الخاصة”. وتابع: “دقت الساعة 12 معلنة عاماً جديداً، وكانت الفرحة والبهجة تعم المكان، وكان الجميع في حالة من الفرح والسرور، وفي لحظة سمعنا دربكة، وقلنا ربما يكون شجارا على إحدى الطاولات”.
وذكر أنه في تلك اللحظات قام من مقعده ليطمئن على الوضع، وفجأة سمع صوت إطلاق نار، فنظر إلى زوجته وقد همت بالتوجه إلى “التراس” (حاجز خشبي)، فقفز أيضاً نحو الحاجز للاختباء من الطلقات.
وتابع: “صرخت زوجتي أريد أطفالي، أريد أن أذهب إلى بيتي، وصرخت أنا أيضاً، وقلت لها فكري بالجنة الآن، قولي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وكنا في كل طلقة نردد الشهادتين، وكانت الطلقات مستمرة، وتتوقف 10 ثوانٍ ثم تتكرر”.
وفي حديثه لـ”العربية” ذكر خاشقجي أن المهاجمين كانوا 3 أشخاص بينهم امرأة، لأنه سمع أحد الأشخاص يصرخ: “وش فيها هذي تبغى تقتلنا”، وقال كان إطلاق النار يبين أنهم متدربون جيداً، حيث لم يكن يطلق بشكل عشوائي، بل يسير بين الطاولات ويصيب الجالسين. وأوضح حسن خاشقجي أنه من لكنتهم عرف أنهم ليسوا عرباً بل أجانب لكنه لم يستطع تحديد جنسيتهم.
وقال: “إطلاق النار كان كثيفاً، وكنا في كل لحظة ننتظر وصول الشرطة، أو أن ينقذنا أحد ما، وفي نفس الوقت ندعو الله”. وكشف أنه وزوجته قفزا إلى البحر، وبعدها حاولت فتاة سعودية اللحاق بهما، لكن أحد الإرهابيين أرداها قتيلة.
وعن أبناء الفضل قال خاشقجي: “كانا يجلسان في منطقة قريبة من دورات المياه، وأطلق النار عليهما مباشرة رحمهما الله، بينما أول من تم إطلاق النار عليه كانت أسرة أردنية تجلس عند المدخل بجوارها أسرة سعودية اختبأ أفرادها بالنزول أرضاً، حسب إفادة والدهم لي”.
وقال مستغرباً: “كان يستهدف العرب بالقتل، وكأنه يعرف أماكن جلوسنا، لدرجة أن عناصر الشرطة سألونا إن كنا أتينا معاً كمجموعة من السعودية”.
وعن تفاصيل قفزه إلى البحر قال: نظرت خلفي فرأيت شرارة الطلقات، وبصوت منخفض طلبت من زوجتي أن تزحف إلى اليمين حيث هناك باب يؤدي إلى المخرج، فزحفت وأنا خلفها أدفعها إلى الأمام وأحميها من الطلقات”.
وتابع: “بعدما وصلنا إلى الباب وتخطينا بعض الجثث والأشخاص المنبطحين هرولنا إلى نهاية المطعم وكان البحر تحتنا”. وأضاف: “قام المسلح بضرب الناس عند الباب المؤدي إلى المخرج كي لا يهربوا، وقامت زوجتي بالقفز نحو البحر، وقمت بمساعدة فتاتين سعوديتين ورميتهما نحو البحر”.
وفي هذه اللحظات التراجيدية المليئة بالخوف والجزع والرغبة، قفز حسن خاشقجي، فسقط على أرضية مطلة على البحر، وكان طولها من 5 إلى 6 أمتار، فوجد سعوديا يدعى بندر القعيطي مع عائلته، فساعده على سحب زوجته من الماء مع الفتاتين، لافتاً إلى أن زوجة بندر حينها كانت تنزف دماً من رأسها ورقبتها، وواصل: “قمنا بتأمين الفتيات في مكان آمن، وطلبنا المساعدة من عدة زوارق مائية لإنقاذنا، لكن لم يأت أحد”، وبين حسن في اتصاله بـ”العربية.نت” أن بندر كان يعاني من كسر في الفخذ، لأنه نزل على منطقة صلبة بينما زوجته كانت تعاني من كسر في الساق.
وذكر حسن خاشقجي أنه بعد عدة محاولات، تم إقناع أحد الزوارق بأخذ الجرحى إلى المستشفى، وركبوا جميعاً إلا هو وزوجته نظراً لصغر الزورق، فالتجآ إلى مستودع واختبآ فيه، ومن ثم اتصل بشقيقه في جدة ليتواصل مع السفارة أو الشرطة التركية لتزويدهم بموقعه. وقال: “انتظرنا أنا وزوجتي في المخبأ حوالي ساعة، وكنا نسمع طلقات مستمرة، وأرسلت آخر كلماتنا لأهلي، ثم رأيت الشرطة البحرية وأرسلت لها رسالة sos عبر كشاف الجوال، فاقتربت لإنقاذنا، لكن المسلح أطلق النار نحو البحر فهربت الشرطة”.
وواصل رواية قصته المأساوية، وأذناه مازالتا تستحضران وابل الرصاص :” في تلك اللحظة كررنا الشهادتين حيث المسلح كان قريباً منا، وفي أي لحظة يمكنه إطلاق النار من الأعلى، وبعد الانتظار ساعة وفجأة إذا بمسدس موجه على رأسي وكشاف، فقمت بالصراخ وقلت أمان.. أمان ..أمان وكانت ولله الحمد الشرطة التركية”.
بعد ذلك أوضح خاشقجي أنهما خرجا من المخبأ وركضا إلى خارج المطعم، وأثناء ركضهما شاهدا الجثث متناثرة على الأرض. بعدها جمعتهما الشرطة مع الناجين في مخفر بالقرب من المطعم، ثم وضعوهم جميعا في مقهيين قريبين من المخفر، وأحضروا لهم الماء، ثم فاجأهم ضابط عندما قال لهم إن أحد المسلحين في وسطهم، وطلب من كل واحد الجلوس بجوار رفيقه الذي جاء معه، لتتم عملية فرزهم.
وأكمل: “نقلونا عبر 3 حافلات إلى مقر مكافحة الإرهاب، وكان وصولنا في تمام 4:40 دقيقة، وتم أخذ 5 أشخاص للاستماع إلى أقوالهم”، مضيفاً:” جاء مندوب السفارة القطرية الساعة 5 صباحاً، وأخذ رعاياهم، ثم الكويتية والبحرينية، وحاول أحد الأشخاص الاتصال بالقنصلية السعودية عدة مرات من وصولنا حتى الساعة الـ 9 صباحاً دون جدوى”.
كما أوضح أن الشرطة زودتهم بالماء والبطانيات، ثم جاء مندوب القنصلية الساعة 9.30 صباحاً، بحسب حسن خاشقجي، وقال لهم: “غلطتكم ليش تروحوا مكان مشبوه ليش تروحون ملهى ليلي؟”. فوبخه أحد الناجين وقال له: “إنت بدل ما تودينا المستشفى وتطمن علينا قاعد تلومنا”.
وذكر خاشقجي أنهما وصلا الفندق الساعة 10.30 صباحاً، وناما 3 ساعات، وفي الـ 7 مساء غادرا إلى المطار، وكانت رحلتهما إلى جدة، ووصلا أرض الوطن في تمام 2.45 دقيقة صباحاً، بعد أن كتب لهما عمر جديد، على حد وصفه. وبين خاشقجي بالصور أنه وزوجته تواجدا في مطعم وليس في ملهى، بحسب ما تداوله البعض.