أكدت مصادر وزارية لصحيفة “الحياة” أن “هناك تناغماً وزارياً أكثرياً حول إقرار مرسومي النفط في مجلس الوزراء، من ضمنه وزيرا “حزب الله” اللذان أبديا مرونة في النقاش وسهّلا إقرارهما”.
وأشارت إلى أن جلسة أمس عكست توجه أكثرية مكونات الحكومة نحو مواصلة سياسة التسويات والتفاهم. وأوضحت المصادر الوزارية أن الملاحظات والاعتراضات تمحورت، خصوصاً من وزيري “اللقاء الديموقراطي”، حول وجوب إعطاء مزيد من الوقت لدراسة المرسومين وحول ربط كل العمليات النفطية بوزير الطاقة وعدم وجود شركة وطنية للنفط مملوكة من الدولة تتولى الاتفاقات مع الشركات، وعدم إنشاء صندوق سيادي للأجيال المقبلة فيما هناك صندوق خاص بالوزارة، وحول اشتراك الدولة مع المستثمرين في الإنتاج بدل اقتصاره على الأرباح، وانخفاض نسبة الإتاوات التي تتقاضاها الدولة من الشركات على ما تستخرجه وتعيين مفوض للحكومة لمراقبة أعمال هيئة إدارة القطاع البترولي.
وقالت المصادر إن وزير الطاقة رد على هذه الملاحظات، مؤكداً أن القانون الأساسي ينص على إنشاء الشركة الوطنية وعلى اشتراك الدولة في الإفادة من الإنتاج وليس الأرباح فقط.
ولدى طرح موضوع النفط، وفتح باب النقاش فيه، سجل وزيرا “اللقاء الديموقراطي” مروان حمادة وأيمن شقير، إضافة إلى وزير المال علي حسن خليل ملاحظاتهم عليه. وقال حمادة: “موقفنا هو بغياب تطبيق القانون وإقامة شركة وطنية، وإنشاء صندوق سيادي، الحد من الإصلاحات الاستثنائية المعطاة لوزير الطاقة، في تحديد رقعة التلزيم”، مشدداً على “وجوب العودة في هذا الأمر إلى مجلس الوزراء”، وأكد أن هذا الموقف “ليس ضد الوزير ولا نقصد الوزير بعينه، وإنما لأن هناك ثروة لبنان، ومستقبل الأجيال، ولذلك لا يمكننا تركه في عهدة الوزير وحده”.
وأوضح مصدر وزاري لـ “الحياة” أن الوزير الخليل تحدث بعد حمادة مطولاً مبدياً ملاحظات قانونية على مواد عدة في مرسوم دفتر الشروط ونموذج الاتفاقية مع شركات النفط والغاز التي يفترض تلزيمها التنقيب والإنتاج، فطالب بتعيين مفوض مالي من الدولة للتدقيق في حسابات الإنتاج والأرباح بدلاً من أن يقتصر الأمر على تكليف أحد أعضاء هيئة إدارة النفط تدقيق الحسابات. كما طالب بإشراف أكبر من الدولة على العقود وعدم اقتصار الصلاحيات على وزارة الطاقة. وأيد وزيرا “حزب الله” حسين الحاج حسن ومحمد فنيش بعض ملاحظات وزير المال وأبدوا ملاحظات إضافية.
وتلاهما وزير الدولة أيمن شقير الذي أثار مسألة ضيق الوقت أمام الوزراء لدرس نصوص المرسومين الطويلة والتقنية، داعياً إلى إفساح المجال أمام الوزراء لمزيد من الدرس للمراسيم. وأوضح المصدر لـ “الحياة” أن وزير الخارجية جبران باسيل قال إن “الوزراء الجدد قد لا يلمون بالتفاصيل لكننا كوزراء قدامى مضى علينا 5 سنوات نعد للمراسيم ونناقش فيها”، فأجابه شقير بأنه “حتى بعض الوزراء القدامى أبدوا ملاحظات وطرحوا أسئلة فكيف بالوزراء الجدد؟ هذا سبب إضافي لإعطاء مجلس الوزراء المجال لمزيد من درس المرسومين”. وسأل عن سبب تضمين نموذج الاتفاقية مع الشركات نصاً على مشاركة الدولة لها في الأرباح فيما الدول النفطية كافة تعقد اتفاقات مع الشركات على الشراكة في الإنتاج لا الأرباح. وأجابه وزير الطاقة سيزار أبو خليل بأن القانون الأساسي للنفط (الصادر عام 2010 ) ينص على مشاركة الدولة في الإنتاج وليس الأرباح. ودار نقاش حول التباس في نص مرسوم مشروع الاتفاقية فعاد أبي خليل وأكد أن شراكة الدولة هي بالإنتاج لا الأرباح فقط. كما سأل شقير عن سبب عدم وجود الشركة الوطنية للنفط التي يجب تأليفها في المرسوم دفتر الشروط خصوصا أن الدول النفطية أنشأت شركات وطنية لاستثمار القطاع مثل سورية ومصر الجزائر وليبيا والنرويج… فاعتبر عدد من الوزراء أن من السابق لأوانه تأليف الشركة التي تفرض استثمارات كبيرة قبل بدء استخراج الثروة الغازية والنفطية.
واستفسر شقير عن سبب انخفاض الأتاوات التي تتقاضاها الدولة عن استخراج النفط (بين 5 و12,5 في المئة) والغاز (4,5 في المئة) فيما هي مرتفعة أكثر في دول أخرى معطياً أمثلة عن دول عربية وأجنبية تصل إلى حدود 20 في المئة. ودعا الوزير أبي خليل إلى عدم الركون إلى مقالات تكتب في الصحف لأن بعض المعطيات فيها غير دقيقة وبعضها قديم فيما هناك تطور في معايير صناعة النفط. وانتهى النقاش حول ملف النفط بتأييد 28 وزيراً لصدور المرسومين وعارضه حمادة وشقير.